وبلغ عدد الرخص التي تم إصدارها، أكثر من 16 ألف رخصة، حسب تصريحات مدير قطاع المعادن، أحمد الطالب ولد محمد فال، الذي أكد أن مساحة التنقيب تمتد نحو 32 كلم عرضاً و50 كلم طولاً.
وشرح ولد محمد فال، في حديث للتلفزيون الرسمي، أن وزارة الطاقة والمعادن فتحت باب الترخيص ابتداء من 25 من شهر أبريل/ نيسان الحالي، مشيراً إلى أن إجراءات الترخيص تتمثل في دفع مبلغ مائة ألف أوقية للخزينة العامة (نحو 300 دولار)، ووثيقة تُثبت جمركة جهاز الكشف عن الذهب، إضافة إلى نسخة من بطاقة التعريف الوطنية وصورتين.
كما أشار إلى وجود نقاط أمنية لتسجيل الخروج والعودة من وإلى العاصمة.
وفي السياق نفسه، منحت السلطات الموريتانية مهلة 24 ساعة لمن باشر التنقيب دون ترخيص لتصحيح وضعه، وبدأت قوات الدرك "الشرطة" باعتقال من لم يحصل على ترخيص.
محمد ولد كباد، يروي تجربته مع تدخل الدرك بعد انتهاء المهلة المحددة من الحكومة، ويقول "كنا ضحية للدرك الوطني بعد أن غادر الجميع، إثر إنذار للدرك بإخلاء المنطقة خلال 24 ساعة، ولم نكن قد نصبنا الخيام بعد، كما وجدنا أن بضع غرامات من الذهب كافية للتحريض على المجازفة".
ويكتب على صفحته على "فيسبوك" "قررنا البقاء والاختباء، لكن تم اعتقالنا ومصادرة الأجهزة واصطحبونا لأبعد نقطة للدرك الوطني على الحدود، وبعدها بساعات قالوا لنا إننا سنتوجه لنقطة الدرك الواقعة بمدينة الشامي، وأكدوا لنا أنهم سيسلموننا أجهزتنا، ولكن لم يحصل ذلك، وعدنا من غير أجهزتنا منهكين من رحلة شاقة".
من جهة ثانية، انتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، القيود التي فرضتها الحكومة على التنقيب الشعبي، مقابل الشروط المخففة على شركات التنقيب عن الذهب والتي يتهمونها بنهب الثروة المعدنية الموريتانية.
كما اتهم نشطاء آخرون الحكومة بجني أرباح هائلة، من وراء عمليات رخص التنقيب عن الذهب، بل إن بعض أطراف المعارضة اتهمت النظام الموريتاني بخلق الأزمة لشغل الرأي العام عن خطط تعديل الدستور للتمديد للرئيس.
وشكل تضارب الأخبار والمعلومات بشأن كميات الذهب التي عثر عليها المنقبون، مادة دسمة لحديث المجالس والصالونات، ونسجت الأساطير وقصص الخيال ليغرق الرأي العام في هستيريا الذهب وأخبار الحالمين بالثروة السريعة.
واستغل التجار حجم الإقبال الشعبي على التنقيب عن الذهب، فارتفعت أسعار أجهزة الكشف عن الذهب بشكل قياسي، إذ ارتفع سعر الجهاز من نحو ثمانمائة ألف أوقية (نحو 2000 دولار) إلى مليون وستمائة ألف أوقية (حوالى 40000 دولار).
إلى ذلك، شهد تأجير السيارات العابرة للصحراء ورباعية الدفع انتعاشاً واضحاً جراء إقبال المنقبين عن الذهب على تأجيرها، فيما تحدث بعض العائدين من رحلة التنقيب عن ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية في المدن والقرى القريبة من منطقتي " تازيازت" و"تجريت" حيث توجد مناجم للذهب والنحاس.
ولم يقتصر الأمر على النشطاء والسياسيين، بل دخل فقهاء ورجال دين على خط أزمة التنقيب عن الذهب، إذ أصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم (مؤسسة رسمية) فتوى اعتبر فيها أنه "لا يجوز البحث في أماكن تمنع السلطة العامة البحث فيها لكونها منحتها لجهة أخرى أو تدخرها للمصلحة العامة". وأكدت الفتوى أن "المعادن للإمام (الحاكم) حتى لو ظهرت في ملك خاص".
كما دعا الفقيه محفوظ ولد إبراهيم فال، إلى تشجيع الشعب الموريتاني على العصامية والإنتاج والاستقلالية، بعد أن تخلت الدولة عن مسؤوليتها، وانتقد ما وصفه بـ"الزهد السلبي"، متسائلاً "لماذا نترك الذهب تنهبه شركات من مستغلي البشر ومصاصي الدماء وأغلب سكان البلد فقراء؟".