اليوم ينطلق العام الدراسي في موريتانيا، في حين يواجه جملة من الإكراهات الظرفية والبيئية على خلفية إغلاق عدد كبير من المدارس وانتشار الحمّى النزفية. وكانت الدراسة قد تأجلت 19 يوماً، وهي سابقة في البلاد، حيث تبدأ عادة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول.
ويحذّر الخبراء من تأثير هذا التأخير على المقرر الدراسي وعلى العملية التعليمية عموماً، ولا سيّما أن الوزارة حددت اختتام العام الدراسي في العاشر من يونيو/ حزيران 2016، وهو ما يقلّص فترة الدراسة إلى سبعة أشهر ونصف الشهر، تتخللها العطل الفصلية. يُذكر أن جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ رفضت تقليص مدة العام الدراسي، لما لذلك من عواقب على المقرر الدراسي، ورأت أنه يعيق الأهداف التي أعلن قطاع التعليم عزمه على تحقيقها خلال هذه السنة الدراسية.
الحمّى النزفية
تسببت الطريقة التي أعلنت بها وزارة التعليم عن تأجيل العام الدراسي، في إرباك المدرّسين والتلاميذ وذويهم. هي أعلنت ذلك قبل يومين فقط من بداية العام، وبعدما باشرت مديرياتها بنقل المدرّسين الى الحواضر والقرى استعداداً.
آمنة بنت الهيبة، أم لثلاثة أطفال يدرسون في مستويات تعليمية مختلفة، تقول إن الإعلان عن تأجيل العام الدراسي أربك استعدادات أبنائها، ولا سيّما أن اثنين منهم يقصدون مدرسة خاصة لم تعلن التزامها بقرار الوزارة إلا في اللحظة الأخيرة. أما ابنها البكر، فيقصد مدرسة في مدينة تبعد عن مقر سكنهم 350 كيلومتراً، لذا اضطر إلى استئجار منزل مع أصدقائه منذ منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، ليُفاجأ بالتأجيل.
في البداية، لم تفصح وزارة التعليم عن سبب التأجيل. وحين أحرجت الصحافة الوزير با عثمان، برر القرار بعدم جاهزية بعض المؤسسات التعليمية. لكن مصادر مطّلعة على الملف أوضحت لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع نسبة الإصابات بحمى الوادي المتصدع، دفع الوزارة إلى تأجيل بدء الدراسة خشية من اتساع نطاق الوباء وخروجه عن السيطرة. وأكدت المصادر أن رفض وزارة التعليم التصريح لمدارس التعليم الخاص باستقبال التلاميذ وبدء الدراسة، يؤكد أن للأمر علاقة وثيقة بانتشار الحمى النزفية وليس بعدم جاهزية المؤسسات. وكانت وزارة التعليم قد عمدت إلى إغلاق عدد من المدارس الخاصة التي بدأت بالفعل باستقبال تلاميذها هذا العام، ودعت كل المدارس (رسمية وخاصة) إلى احترام الجداول التي وضعتها.
وأثار انتشار حمى الوادي المتصدع الرعب في البلاد، بالتزامن مع انتشار أمراض الخريف، موسم تساقط الأمطار في موريتانيا وارتفاع نسبة الإصابات بالحمى. وهو ما زاد من حدّة الهلع من المرض الذي حصد أرواح ستة أشخاص، بحسب ما تفيد الأرقام الرسمية، بينما تؤكد تقارير طبية مستقلة أن عدد الضحايا يفوق 20 شخصاً.
وكانت حمى الوادي المتصدع قد ظهرت في موريتانيا منتصف شهر سبتمبر الماضي، لكن السلطات رفضت الاعتراف بذلك وفرضت تعتيماً شاملاً على الموضوع، في حين كانت الإصابات ترتفع في مستشفيات المدن الداخلية وراح الأطباء ينشرون إحصائيات عن عدد الحالات المسجلة. وتحاول السلطات التخفيف من الهلع الذي ساد الشارع الموريتاني، من خلال حملة توعية حول هذا الوباء، حتى لا يؤثر الخوف من العدوى على إقبال التلاميذ على المدارس.
فشل إصلاح الدراسة
من جهة أخرى، يعاني قطاع التعليم هذا العام من مشكلات أخرى. ويقول الباحث في ميدان التعليم سيدي محمد ولد أحمد الغالي، إن "هذه الظروف ستلقي بظلالها على جودة العملية التعليمية". يضيف أن "نحو 75 مدرسة خاصة أغلقت بسبب عدم احترامها للمعايير التي وضعتها الحكومة في إطار خطة إصلاح التعليم، أما أخرى فتأثرت بمياه الأمطار وأصبحت غير مؤهلة لاستقبال التلاميذ. وثمّة مدارس تقرر بيعها بدلاً من أن يُعاد ترميم أبنيتها وتفتح لاجتذاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ، خصوصاً أنها في وسط المدن".
ويرى ولد أحمد الغالي أن "الحكومة فشلت في إصلاح التعليم بعدما أعلنت عام 2015 عاماً للتعليم في البلاد. وهي لم تعالج المشاكل المطروحة في القطاع، بل خلقت مشاكل جديدة، متجاهلة ضعف ميزانية القطاع واكتظاظ المدارس بالتلاميذ في مقابل نقص في عدد المدرّسين القادرين على ضمان تعليم نوعي وصعوبة إبقاء آخرين في المناطق المعزولة". ويشير إلى أن "الحكومة اقترحت تجميع المدارس غير المكتملة في المناطق الداخلية، لكنها واجهت قيوداً اجتماعية بسبب رفض الأهالي اختلاط التلاميذ الذكور بالإناث. ولم تستطع حل المشاكل المتعلقة بالعجز المتكرر في مدرّسي المواد العلمية، وبالتسرب المدرسي، والفوضى الحاصلة على مستوى التعليم الخاص". إلى ذلك، يشدّد على أن "تقليص الدراسة تدريجياً خلال الأعوام الثلاثة الماضية من أول أكتوبر إلى الخامس منه، وبعدها إلى السابع منه وهذا العام إلى 19 أكتوبر، يشكّل كارثة جديدة سوف تؤثّر سلباً على العملية التعليمية وضبط وتنظيم الدورات الدراسية".
اقرأ أيضاً: %27 من أطفال موريتانيا خارج المدرسة
ويحذّر الخبراء من تأثير هذا التأخير على المقرر الدراسي وعلى العملية التعليمية عموماً، ولا سيّما أن الوزارة حددت اختتام العام الدراسي في العاشر من يونيو/ حزيران 2016، وهو ما يقلّص فترة الدراسة إلى سبعة أشهر ونصف الشهر، تتخللها العطل الفصلية. يُذكر أن جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ رفضت تقليص مدة العام الدراسي، لما لذلك من عواقب على المقرر الدراسي، ورأت أنه يعيق الأهداف التي أعلن قطاع التعليم عزمه على تحقيقها خلال هذه السنة الدراسية.
الحمّى النزفية
تسببت الطريقة التي أعلنت بها وزارة التعليم عن تأجيل العام الدراسي، في إرباك المدرّسين والتلاميذ وذويهم. هي أعلنت ذلك قبل يومين فقط من بداية العام، وبعدما باشرت مديرياتها بنقل المدرّسين الى الحواضر والقرى استعداداً.
آمنة بنت الهيبة، أم لثلاثة أطفال يدرسون في مستويات تعليمية مختلفة، تقول إن الإعلان عن تأجيل العام الدراسي أربك استعدادات أبنائها، ولا سيّما أن اثنين منهم يقصدون مدرسة خاصة لم تعلن التزامها بقرار الوزارة إلا في اللحظة الأخيرة. أما ابنها البكر، فيقصد مدرسة في مدينة تبعد عن مقر سكنهم 350 كيلومتراً، لذا اضطر إلى استئجار منزل مع أصدقائه منذ منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، ليُفاجأ بالتأجيل.
في البداية، لم تفصح وزارة التعليم عن سبب التأجيل. وحين أحرجت الصحافة الوزير با عثمان، برر القرار بعدم جاهزية بعض المؤسسات التعليمية. لكن مصادر مطّلعة على الملف أوضحت لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع نسبة الإصابات بحمى الوادي المتصدع، دفع الوزارة إلى تأجيل بدء الدراسة خشية من اتساع نطاق الوباء وخروجه عن السيطرة. وأكدت المصادر أن رفض وزارة التعليم التصريح لمدارس التعليم الخاص باستقبال التلاميذ وبدء الدراسة، يؤكد أن للأمر علاقة وثيقة بانتشار الحمى النزفية وليس بعدم جاهزية المؤسسات. وكانت وزارة التعليم قد عمدت إلى إغلاق عدد من المدارس الخاصة التي بدأت بالفعل باستقبال تلاميذها هذا العام، ودعت كل المدارس (رسمية وخاصة) إلى احترام الجداول التي وضعتها.
وأثار انتشار حمى الوادي المتصدع الرعب في البلاد، بالتزامن مع انتشار أمراض الخريف، موسم تساقط الأمطار في موريتانيا وارتفاع نسبة الإصابات بالحمى. وهو ما زاد من حدّة الهلع من المرض الذي حصد أرواح ستة أشخاص، بحسب ما تفيد الأرقام الرسمية، بينما تؤكد تقارير طبية مستقلة أن عدد الضحايا يفوق 20 شخصاً.
وكانت حمى الوادي المتصدع قد ظهرت في موريتانيا منتصف شهر سبتمبر الماضي، لكن السلطات رفضت الاعتراف بذلك وفرضت تعتيماً شاملاً على الموضوع، في حين كانت الإصابات ترتفع في مستشفيات المدن الداخلية وراح الأطباء ينشرون إحصائيات عن عدد الحالات المسجلة. وتحاول السلطات التخفيف من الهلع الذي ساد الشارع الموريتاني، من خلال حملة توعية حول هذا الوباء، حتى لا يؤثر الخوف من العدوى على إقبال التلاميذ على المدارس.
فشل إصلاح الدراسة
من جهة أخرى، يعاني قطاع التعليم هذا العام من مشكلات أخرى. ويقول الباحث في ميدان التعليم سيدي محمد ولد أحمد الغالي، إن "هذه الظروف ستلقي بظلالها على جودة العملية التعليمية". يضيف أن "نحو 75 مدرسة خاصة أغلقت بسبب عدم احترامها للمعايير التي وضعتها الحكومة في إطار خطة إصلاح التعليم، أما أخرى فتأثرت بمياه الأمطار وأصبحت غير مؤهلة لاستقبال التلاميذ. وثمّة مدارس تقرر بيعها بدلاً من أن يُعاد ترميم أبنيتها وتفتح لاجتذاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ، خصوصاً أنها في وسط المدن".
ويرى ولد أحمد الغالي أن "الحكومة فشلت في إصلاح التعليم بعدما أعلنت عام 2015 عاماً للتعليم في البلاد. وهي لم تعالج المشاكل المطروحة في القطاع، بل خلقت مشاكل جديدة، متجاهلة ضعف ميزانية القطاع واكتظاظ المدارس بالتلاميذ في مقابل نقص في عدد المدرّسين القادرين على ضمان تعليم نوعي وصعوبة إبقاء آخرين في المناطق المعزولة". ويشير إلى أن "الحكومة اقترحت تجميع المدارس غير المكتملة في المناطق الداخلية، لكنها واجهت قيوداً اجتماعية بسبب رفض الأهالي اختلاط التلاميذ الذكور بالإناث. ولم تستطع حل المشاكل المتعلقة بالعجز المتكرر في مدرّسي المواد العلمية، وبالتسرب المدرسي، والفوضى الحاصلة على مستوى التعليم الخاص". إلى ذلك، يشدّد على أن "تقليص الدراسة تدريجياً خلال الأعوام الثلاثة الماضية من أول أكتوبر إلى الخامس منه، وبعدها إلى السابع منه وهذا العام إلى 19 أكتوبر، يشكّل كارثة جديدة سوف تؤثّر سلباً على العملية التعليمية وضبط وتنظيم الدورات الدراسية".
اقرأ أيضاً: %27 من أطفال موريتانيا خارج المدرسة