موجات الخليج

30 ديسمبر 2014
فيصل سمرة/ السعودية
+ الخط -

بركة ماء صغيرة، وفي جنباتها يتخبط أكثر من حوت مصاب بالكآبة، وتنتشر أسماك صغيرة لامعة تسبح هنا وهناك سعيدة ومنتشية؛ تلك هي الصورة التي تتراءى أمام ناظري حين أفكر بوضعية الثقافة والمثقفين على ضفاف الخليج.

قبل سنوات تصل إلى ثلاثة عقود أو أكثر لم تكن هذه الصورة تتراءى، فالأفق أوسع والامتداد يتجاوز التسميات الضيقة التي آلت إليها الأمور. أعني أفق الاحتمال بأن تتمازج منتجات وتيارات الثقافة العربية التي نشأنا على أنها تتموج في محيط لا في بركة ماء، وتخرج المراكز والأماكن الطرفية من عزلتها وتمركزها على الذات.

ما حدث أو ما بدأ يحدث، كأنما هو قادم من خارج الزمن العربي، هو تشكيل "ثقافات" و"تراثات" لكل زاوية من زوايا الوطن العربي، ومنحها هوية بلا جذور، واختفت أو كادت تختفي العناصر الجامعة، لديّ أو لدى الطامحين إلى أن يمتد الأفق العربي ويتجاوز التسميات الضئيلة ومطامح أصحابها.

صورة البركة، التي ليس مصادفة أن تغيب عنها الحيتان، وترتع في جنباتها أنواع أخرى بحجوم تلائم مساحتها وأفقها، هي التي تمثل لنا الآن، بشراً وعمائر وشوارع عريضة ومطارات. ومهما تصاعد ضجيج في هذه الزاوية أو تلك، ومهما كان عدد القادمين للسباحة، بعد أن أصابوا أنفسهم بالهزال، يظلّ الإيقاع الثقافي في هذه الزاوية من العالم خافتاً، ولا أثر له في الأفق الأوسع، أفق الثقافة العربية.

المساهمون