لاقى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلده إليها، اعتراضات أوروبية. وتواصلت اليوم الخميس المواقف المعارضة للقرار، إذ وصفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الخطوة بـ"غير المفيدة لمستقبل السلام" في المنطقة.
وأصدرت رئاسة الوزراء البريطانية بياناً باسم ماي جاء فيه: "نختلف مع قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيلية، قبل الوصول إلى اتفاقية الحل النهائي"، وأضاف البيان: "نعتقد أنها غير مفيدة في ما يخص مستقبل السلام في المنطقة. السفارة البريطانية في إسرائيل مقرها تل أبيب ولا نخطط لنقلها".
وتابع البيان أيضاً "موقفنا بخصوص وضع القدس واضح ودائم: يجب أن يجري التوافق على وضعها في تسوية بموجب مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويجب أن تكون القدس في نهاية المطاف العاصمة المشتركة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية. بالتوافق مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، نعتبر أن القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويأتي الموقف البريطاني منسجما مع الموقف الدولي الذي عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في الالتزام بحل يسمح بوجود دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بأمن وسلام واعتراف متبادل، وأن تكون القدس العاصمة المشتركة لكل من إسرائيل وفلسطين.
وتجنبت ماي التصادم المباشر مع ترامب، بعد التراشق الذي جرى بين الطرفين، على خلفية إعادة الأخير نشر تغريدات معادية للمسلمين من حساب منظمة بريطانية متطرفة، تُدعى "بريطانيا أولاً".
وحاول البيان التركيز على النقاط التوافقية بين الطرفين: "نشارك الرئيس ترامب رغبته في إنهاء النزاع. ونرحب بالتزامه اليوم بحل دولتين عبر التفاوض بين الأطراف المعنية، ونؤكد أهمية اعترافه الواضح بأن الوضع النهائي للقدس، بما فيها الحدود السيادية ضمن المدينة، يجب أن تكون محل تفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وطالبت ماي، البيت الأبيض، بالتقدم بمقترحات للتوصل إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية، موجهة الانتقاد غير المباشر إلى تبعات قرار الرئيس الأميركي، الذي قد يولد العنف في المنطقة، وقالت: "نحث الإدارة الأميركية، الآن، على التقدم بعروض مفصلة للتسوية الإسرائيلية الفلسطينية. كي نصل إلى أفضل فرص النجاح، يجب أن تدار عملية السلام في جو بعيد عن العنف... نطالب جميع الأطراف بالعمل سوية للحفاظ على الهدوء".
إلا أن موقف زعيم حزب العمال البريطاني، جيريمي كوربن، والمعروف بمواقفه المؤيدة لفلسطين، التزم خطاً أقل دبلوماسية في اعتراضه على قرار الرئيس الأميركي، حيث وصف الخطوة التي أقدم عليها ترامب بأنها "متهورة".
وغرّد كوربن، على حسابه الخاص في "تويتر" قائلاً "إن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، بما فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو تهديد متهور للسلام". وأضاف "يجب أن تدين الحكومة البريطانية هذا العمل الخطير، وأن تعمل للوصول إلى تسوية عادلة وقابلة للحياة لهذا الصراع".
بدورها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ألمانيا ستلتزم بقرارات الأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وقالت "نحن نلتزم بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي توضح أن وضع القدس يجري تحديده عبر المفاوضات على حل الدولتين... وهذا سبب رغبتنا في إحياء هذه العملية".
أما مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، فرأت أن القدس ينبغي أن تكون عاصمة لإسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية.
وقالت موغيريني، في مؤتمر صحافي "للاتحاد الأوروبي موقف واضح وموحد. نعتقد أن الحل الواقعي الوحيد للنزاع بين إسرائيل وفلسطين مبني على دولتين، تكون القدس عاصمة لكلتيهما"، كاشفة أنها ستجتمع مع وزير خارجية الأردن، غدا الجمعة، وستناقش هي ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مسألة القدس مع رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في بروكسل، يوم الإثنين المقبل.
وفي أستراليا، أكّدت وزيرة الخارجية، جولي بيشوب، أن بلادها لن تنقل سفارتها إلى القدس، وقالت إن أستراليا "لا تساند خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب. لن نتخذ خطوات لنقل سفارتنا، وستواصل السفارة تقديم المساعدة الدبلوماسية في تل أبيب".
من جهتها، قالت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أردرن، إن قرار ترامب بشأن القدس "سيجعل التوصل إلى السلام في المنطقة صعباً. وليس لدي شك في أن هذا سيجعل الأمور صعبة".
في المقابل، أعلن السفير الروسي في إسرائيل، إليكساندر شاين، أن موسكو تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل. وفي بيان صدر عنه، اليوم الخميس، نقله موقع صحيفة "جيروسلم بوست"، قال شاين إن روسيا "يمكن أن تقدم على نقل سفارتها إلى القدس في حال تم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين".
(العربي الجديد، وكالات)