مواقع التواصل الاجتماعي ترتقي إذ نرتقي

17 مارس 2016
أصبحنا بالفعل أمام شكل جديد للإعلام (Getty)
+ الخط -
لا يستطيع أحد إنكار أن عالم مواقع التواصل الاجتماعي وتطوراتها اليومية غيرت في أسلوب حياتنا الكثير، إلا أنه وفي المقابل أيضا أجد أننا قد فعلنا بها كما فعلت وربما أكثر، هذه المنصات وبعد سنوات طويلة من ظهورها اتضح أنها "حالة" متغيرة بناءً على تغير الجمهور المستخدم لها، فطريقة استخدامنا لها قبل سنوات تغير تماما عن استخدامنا لها اليوم، والتطورات التي تحدث لها بشكل دوري أصبحت تُبنى على دراسة للتطورات التي تحدث لجمهورها وتوجهاته وتعمل على تطويعها بناءً على ذلك.

معظم هذه المنصات بدأت وانطلقت بتوجه معين وبفكرة ما مغايرة تماما لما آلت إليه اليوم، مع مرور السنين وتغير الجمهور المستخدم لها أو ربما زيادة وعيه لأهميتها جعلتها تتخذ أسلوبا مغايرا للتعامل معها، وبدأت تنظر لآليات الاستخدام والأدوات والخدمات التي تقدمها بشكل مختلف، ولم تعد بالفعل للتواصل الاجتماعي وحسب.

ما حدث في ثورات الربيع العربي على سبيل المثال جعل من "فيسبوك" و"تويتر" في بادئ الأمر سببا لصناعة حدث عظيم تحدث عنه العالم بأسره، بعد أن كان موقعا للتعارف والدردشة، ليصبحا فيما بعد مكانا لنقل الخبر والصورة، خصوصا عندما حاول كثير من الحكومات منع شاشات التلفزة من نقل الأخبار وأغلقت مكاتبها، لم يبق ملاذ آخر سوى هذه المنصات لنشر الخبر والصورة، وهذا يعيدنا بالفعل إلى اللحظة الأولى لإنشاء هذين الموقعين، هل تخيل مؤسسوه أنها ستكون كما هي عليه الآن؟ ماذا فعلت هذه المواقع بواقع الإعلام؟ وإلى أين يتجه في ضوء الانتشار الكبير لها؟

أصبحنا بالفعل أمام شكل جديد لإعلام جعل نفسه مُنافسا حقيقيا للإعلام التقليدي، ولا عجب أبدا أننا نسمع اليوم عن وسائل إعلام كبيرة اتجهت إلى الاعتماد بشكل كلي على ما يُسمى بالإعلام الجديد، والفضل كل الفضل في ذلك إلى ما صنعه استخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى أيضا، دخول طبقة من المثقفين والمتخصصين في مجالاتهم إلى منصات التواصل المتخصصة بالفيديو كيوتيوب وانستغرام وحتى سناب شات، ومؤخرا سطوع نجم الفيديو على فيسبوك، كانت سببا رئيسا في البعد الملحوظ عن شاشة التلفزة، وتوجه شريحة كبيرة إلى هذه المواقع التي أصبحت تحتوي على أرقام مرعبة من البرامج والفيديوهات ما دفع موقع "يوتيوب" لطرح فكرة الاشتراكات المدفوعة لتوفير مكتبة من الأفلام والبرامج الحصرية للمشتركين تغنيك بالفعل عن التلفاز.

وكذلك، اقتحام المثقفين والمتخصصين عوالم سناب شات جعلت منه مكانا رائعا لنشر الأفكار والأطروحات الراقية بعد أن كان مكانا للتعارف بين المراهقين وتبادل الصور غير اللائقة بحجة أنها تُحذف بعد مشاهدتها.

مواقع التواصل الاجتماعي "ترتقي إذ نرتقي"، والدور الحقيقي المنوط بنا هو أن نوجهها قبل أن تقوم هي بذلك، الوعي الواضح مؤخرا بمدى أهميتها والتغيرات الملحوظة بناءً على ذلك تؤكد دورنا الكبير، خصوصا أن المستقبل يشي بأن "السوشال ميديا" ستأخذ حيزا أكبر وأكبر في الأعوام القادمة، وهو ما يعني باختصار أن المسؤولية علينا ستكون أكبر وأكبر.

(سورية)
المساهمون