مواد جديدة على تعديل الدستور المصري في 2019

18 أكتوبر 2018
أبرز التعديلات هي تمديد الفترة الرئاسية الثانية للسيسي (Getty)
+ الخط -
أصدرت الدائرة الخاصة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تعليمات لوسائل الإعلام ونواب الأغلبية البرلمانية "دعم مصر" بعدم الحديث عن تفاصيل المباحثات المتطورة بين أجهزة النظام وشخصيات نافذة، على رأسها مدير المخابرات عباس كامل، بشأن موعد وطبيعة التعديلات الدستورية المحتمل عرضها على مجلس النواب في الدورة البرلمانية الحالية، وذلك بسبب استمرار وجود خلافات حول المواد التي سيتم تضمينها في التعديل، وموعده.

وقالت مصادر في أحزاب سياسية داعمة للنظام، إن هناك اتجاهاً لإجراء الاستفتاء على التعديل الدستوري في النصف الأول من العام المقبل، على أن تتقدّم الأغلبية البرلمانية مدعومة من الحكومة بمسودة التعديل في فبراير/شباط المقبل، وأن تكون المطالبة بعودة مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان والملغاة بموجب دستور 2014 الحالي) مدخلاً لإجراء التعديل وفتح باب النقاش حوله، ولكن من دون التمسك بضرورة عودة مجلس الشورى أو إنشاء غرفة ثانية بدلاً منه.

وأضافت المصادر أن هناك معارضة من داخل النظام لفكرة عودة مجلس الشورى بسبب التكاليف الباهظة التي تتكبّدها خزانة الدولة بسبب مرتبات النواب وتكاليف إقامتهم في القاهرة وتنقلاتهم وبدلات حضورهم للجلسات، خصوصاً أن وزارة الشؤون النيابية كانت قد نفذت على مدى العامين الماضيين خطة تقشفية لخفض النفقات ودمج موظفي مجلس الشورى بعد إلغائه وتسوية أوضاعهم المالية في هيكل مجلس النواب القائم.

لكن المسألة الرئيسية ليست متعلقة بعودة مجلس الشورى، آو تغيير اسمه إلى مجلس الشيوخ كما اقترح النائب مصطفى بكري المعروف بعلاقاته الوطيدة بأجهزة النظام، بل تتعلق بحاجة الدولة لمدخل شكلي مقبول مجتمعياً ويمكن استغلاله في الخطاب الموجّه للخارج أيضاً، لضمان تعديل باقي المواد المراد تعديلها بسرعة، وأهمها ضمان تمديد الفترة الرئاسية الثانية للسيسي، التي مضى منها 6 شهور فقط، عامين إضافيين على الأقل، لتنتهي في 2024 بدلاً من 2022، وإتاحة الفرصة لإعادة انتخاب السيسي أكثر من مرة.

وأوضحت المصادر أن الأيام الماضية شهدت إضافة عدد من المواد إلى قائمة التعديلات، منها إلغاء القيد على سلطة رئيس الجمهورية ومجلس النواب في عرض مادة معينة من الدستور للاستفتاء بغية التعديل أكثر من مرة متتالية حتى إذا رفض الشعب تعديلها في المرة الأولى، وتعديل المادة 226 التي تحظر تعديل الدستور إلا بمزيد من الضمانات بشأن الحقوق والحريات ومدد الرئاسة. كما شملت التعديلات المقترحة، إباحة تعطيل صدور الصحف ووسائل الإعلام بقرارات إدارية على أن يُنظّم القانون لاحقاً كيفية الطعن عليها، وإباحة حل المجالس المحلية المنتخبة بقرار من رئيس الجمهورية بعد استيفاء إجراءات حكومية معينة، وتنظيم منح مساعدات مالية من الحكومة للأحزاب، وتغيير قواعد إشهارها لتتطلب مزيداً من الأعداد في عضويتها.
وأكدت المصادر أن مسألة إجراء الاستفتاء لا تتوقف على وضع حالة الطوارئ المعلنة على مستوى الجمهورية والتي تم تجديدها أمس الأول 3 شهور إضافية، وأنه لا يوجد ما يشترط رفع حالة الطوارئ لإجراء الاستفتاء، في الوقت الذي أجريت فيه من قبل انتخابات الرئاسة في ظل الطوارئ أيضاً.


لكن النظام يواجه مشاكل عدة ربما تؤدي لتأجيل الاستفتاء عاماً أو اثنين، أو إجرائه بالتزامن مع انتخابات البرلمان، منها عدم وجود مخصصات مالية تكفي لإجراء استفتاء دستوري واسع قبل انتخابات مجلس النواب 2020 التي من المتوقع أن تكون الأكثر تكلفة في تاريخ مصر، نظراً لأنها أول انتخابات تشريعية تجرى بعد تحرير سعر الجنيه المصري في خريف 2016، خصوصاً أن الدولة ما زالت تستورد معظم خامات الانتخابات من أحبار وأوراق وصناديق بلاستيكية، فضلاً عن أن تصنيع هذه الأدوات بالداخل لن يوفر الكثير، إلى جانب زيادة عدد الناخبين وما سيتطلبه من زيادة عدد اللجان والمشرفين القضائيين.

وهناك فريق داخل النظام يقترح تأجيل الاستفتاء لما قبل انتهاء الفترة الرئاسية مباشرة، ويرى أن الانتظار سيأتي بنتائج أكبر في الصندوق الانتخابي، ويسمح للسيسي بالحصول على دعم شعبي قياسي، وربما يمكّنه التمهيد الإعلامي من تغيير الخطة وإزالة قيد عدم تولي المنصب لأكثر من فترتين، فتزيد مدة الفترة الواحدة، ويتمكن أيضاً من تحرير نفسه من القيد الذي لم يكن مفروضاً على الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي استفاد من التعديل الدستوري الذي أدخله سلفه أنور السادات عام 1980 ليتمكن من البقاء في الحكم حتى الإطاحة به.

وكانت قد برزت في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين في بعض المصالح الحكومية في محافظات الوجه البحري بمصر، دعوات للتوقيع الجماعي على استمارات للمطالبة بتعديل الدستور بما يسمح بإعادة انتخاب السيسي مرة أخرى على الأقل بعد نهاية ولايته الثانية عام 2022، وذلك عبر إلغاء القيد الدستوري على الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وعدم زيادة مدة الفترة الرئاسية الواحدة لـ4 سنوات. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مختلفة لتلك الاستمارات، تختلف عن بعضها في التصميم الخارجي، لكنها تتفق في المضمون، ما يعكس تحريك هذه المبادرة، حسب وصف بعض الصفحات المؤيدة للسيسي، بواسطة إدارة موحّدة تهدف لإحداث حراك سياسي في اتجاه تأييد السيسي وزيادة شعبيته بعد القرارات الاقتصادية الصعبة التي استهل بها ولايته الثانية، وكذلك لحث السلطة التشريعية على دراسة مشروع تعديل الدستور المجمّد منذ عام تقريباً، قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي عام 2020.

وكانت مصادر في وزارة العدل قد كشفت لـ"العربي الجديد" في يوليو الماضي، أن قطاع التشريع في الوزارة، بالتعاون مع وزارة الشؤون النيابية، يعكف على إعداد تصور بالمواد الدستورية المرشحة للتعديل، بناء على مطالبات النواب المؤيدين للسيسي من جهة، وبناء على الصعوبات التي ظهرت للسلطة التنفيذية عند تطبيق بعض المواد من جهة أخرى.