مواجهة تطرف السجناء تجمع الأوروبيين: بحث عن موقف مشترك

07 يونيو 2019
يسعى المسؤولون الأوروبيون لإنشاء أجنحة منفصلة للمتطرفين (فرانس برس)
+ الخط -

يحضر ملف كيفية مكافحة التطرف في السجون وإدارة ملفات المدانين بالتطرف والإرهاب بعد إطلاق سراحهم، كأحد النقاط الرئيسية في الاجتماع الدوري لوزراء عدل وداخلية دول الاتحاد الأوروبي، الذي يعقد اليوم الجمعة في لوكسمبورغ. اهتمام الأوروبيين بمكافحة التطرف في السجون ليس بالأمر الجديد، ولكن الحاجة إلى تحديد موقف مشترك أصبحت ملحّة أكثر من أي وقت مضى. فمن "المهم بشكل خاص وعاجل اتخاذ تدابير فعالة"، بحسب مسودة البيان الختامي لاجتماع الوزراء الأوروبيين، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، وذلك لسببين رئيسيين، بسبب "العدد المتزايد للمدانين بجرائم التطرف والإرهاب"، ولأنه "سيتم إطلاق سراح عدد معين من هؤلاء الجناة في العامين المقبلين".

ويقترح وزراء الدول الأعضاء الـ28 سلسلة من الإجراءات الجديدة موزعة على سبع نقاط، من "تدريب موظفي السجون وضباط المراقبة"، إلى إعداد "برامج لتسهيل إعادة التأهيل وإعادة الإدماج الاجتماعي"، مروراً بمسألة "توظيف متخصصين" لتقييم المخاطر المحتملة واعتماد "برامج إزالة التطرف وإعادة التأهيل"، مع تأكيد ضرورة زيادة وتيرة تبادل المعلومات بين الدول الأوروبية أثناء الاحتجاز، ولكن أيضاً كجزء من المتابعة بعد الإفراج عن المدانين من السجن.

نظام احتجاز خاص

واقترح الوزراء عدة حلول تتعلق بـ"نظام الاحتجاز المطبّق على الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم إرهابية". وشرح الخبير في الشؤون الأمنية، نيكولا غرو فيرهايد، لـ"العربي الجديد"، أن "وجود سجناء متطرفين في السجن يشكّل خطراً واضحاً على سلامة السجناء الآخرين. وهذا هو السبب الذي دفع المسؤولين الأوروبيين إلى النظر في إمكانية فصل هؤلاء السجناء عن الآخرين". وأشار إلى أن "المسؤولين الأوروبيين يسعون إلى إنشاء أجنحة منفصلة في السجون مشددة الحراسة، وذلك في الحالات القصوى، مع اقتراح حل ثالث يتعلق بتفريق الأفراد المتطرفين ومنعهم من نشر وجهات النظر المتطرفة".

ويُنتظر أن يوصي الوزراء أيضاً بإشراك العديد من الجهات الفاعلة في برامج إزالة التطرف وإعادة التأهيل أثناء الاحتجاز. فبالإضافة إلى المهنيين العاملين في السجون، يجب تشغيل "فرق من علماء النفس والمربين وممثلين دينيين، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية وأخصائيين اجتماعيين"، كما جاء في مسودة البيان الختامي. مع التذكير بأن الهدف هو "إرساء حوار بناء والاستعداد لإعادة الاندماج الاجتماعي للأشخاص المدانين".



تبادل المعلومات

ويعتبر الوزراء أن تبادل المعلومات أمر ضروري، ليس فقط على المستوى الوطني بين مختلف السلطات المعنية، ولكن أيضاً بين كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خصوصاً عندما تكون "المعلومات المتبادلة تتعلق بالمحتجزين السابقين العائدين، أو المتنقلين بين مختلف الدول الأعضاء". مع الإشارة إلى أنه "لدى الاتحاد الأوروبي بالفعل أنظمة معلومات يمكن استخدامها في هذا السياق، مثل نظام معلومات شنغن". وفي هذا السياق، يقول غرو فيرهايد إن "الاستنتاجات المعتمدة خلال هذا الاجتماع هي خلاصة عملية تفكير بدأت في العام 2015". وكان المجلس الوزاري الأوروبي قد اعتمد بالفعل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مجموعة من الإجراءات بشأن تعزيز استجابة العدالة الجنائية للتطرف الذي يؤدي إلى الإرهاب. كما أن المبادئ التوجيهية لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة التطرف، وتجنيد الإرهابيين، كانت قد اعتمدت في 30 يونيو/حزيران 2017.

وتزامناً مع اجتماع وزراء عدل وداخلية دول الاتحاد الأوروبي، قدم الباحث في المركز البلجيكي لدراسات الأمن والدفاع، أندريه دومولين، دراسة تحمل مجموعة من التوصيات لمحاربة التطرف العنيف. وبحسب الباحث فإن هناك حاجة ملحّة لتعليم بعض الحراس اللغة العربية "من أجل تحديد درجة تديّن بعض السجناء الراديكاليين وتأثيرهم على الآخرين". مع التذكير بأنه "إذا كانت بيئة السجن تعتبر أرضاً خصبة للتجنيد، فمن الضروري تمويل البحوث المتعلقة بنتيجة تأثير السجن فيما يتعلق بإعادة إدماج المدانين الذين يطلق سراحهم، وكذلك على الشباب المسجونين". ووفقاً لدومولين فإن الغالبية العظمى من الإرهابيين الذين نفذوا عمليات في فرنسا وبلجيكا عامي 2015 و2016 كانوا في الأصل مجرمين عاديين، متسائلاً في التقرير عن "ضرورة تنفيذ عقوبات قصيرة في السجن". واعتبر دومولين أن "المراقبة الخارجية، من قبل مؤسسات متعددة، خصوصاً بالنسبة للقُصَّر، يمكن أن تكون نتائجها إيجابية بالمقارنة مع السجن". وأشارت الدراسة إلى أن "محاربة التطرف العنيف تتطلب أيضاً زيادة في ميزانيات العديد من المؤسسات، مثل الاستخبارات وإدارة السجون والشرطة".

المساهمون