غلب الانفعال والانتقاد الحاد على جلسة تجديد الثقة بحكومة الحبيب الصيد من قبل البرلمان التونسي، اليوم السبت، حيث تبادل البرلمانيون، من الأغلبية والمعارضة، الاتهامات، كما واجه الصيد خطابا حادا واتهم خلاله بـ"الإخفاق".
وقال نواب ووزراء إن عدداً كبيراً من مداخلات النواب افتقدت لـ"الأخلاق" في مخاطبة رئيس الحكومة، إذ تجاوز عدد المداخلات التي أعقبت كلمة الصيد خمسين مداخلة، وصفت خلالها حكومته بـ"الإخفاق والفشل واللامهنية"، كما اتهم بـ"الخروج عن واجب التحفظ، وكشف بعض أسرار الحكم وكواليس التعامل بينه وبين الأحزاب الحاكمة، ما يجعله فعلا غير مؤهل لقيادة المرحلة"، وفق بعضهم.
في المقابل، علق القيادي بـ"نداء تونس"، عبد العزيز القطي، على خطاب الصيد، وقال إنه "نزل إلى أدنى مستوى يسمح به تحت هذه القبة"، مبرزا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه كان ينتظر أن يقدم رئيس الحكومة تقييما لحكومته، والاختلالات التي وقعت، والمجهودات التي بذلت لتفاديها، "غير أن الرجل تعدى ذلك، ودخل في متاهات مسّت بمستوى الخطاب".
واعتبر القطي أن قرار الصيد اللجوء إلى البرلمان يعتبر "بدعة" استعملت نصا دستوريا لا تكريسا للدستور، مؤكدا أن "قراره لم يحترم الدستور والمؤسسات"، مبينا أن رئيس الحكومة "لم يأخذ المسألة بجدية، فمن العادي أن تقال حكومة، أو اثنتان، إثر الانتخابات، وهي أمور تحدث في العالم"، مؤكدا أن "الصيد أخذ المسألة مأخذا شخصيا، رغم إقرار الجميع بنظافة يده وكفاءته، وبين تشبّثه بالمنصب وإضاعته للوقت".
وقال القيادي بـ"النداء" إن "الصيد أمعن في المماطلة وفي تقديم المغالطات، الأمر الذي كان يحب تصحيحه بعدم تجديد الثقة".
أما "حركة النهضة"، ورغم أنها بدت متعاطفة مع الصيد، إلا أن ذلك لم يمنع من توجيه خطاب حاد له، إذ لقبت النائبة والقيادية بالحزب، منية براهم، الحكومة بـ"حكومة الفضائح"، وشمل هذا التوصيف الحبيب الصيد نفسه، و"بعضا من وزرائه الذين فشلوا في إدارة المرحلة، وكذلك أحزاب الائتلاف الحاكم التي فشلت في تكوين حزام سياسي يدعمها".
وفي السياق ذاته، قال النائب عن الحركة، حسين الجزيري، إن "الحزب وجد نفسه في إحراج بسبب الصيد، الذي عرض حكومته على تجديد الثقة"، مضيفا أنه "على الجميع، حكومة ونوابا، الترفع عن المواجهة الكلامية في هذه اللحظة التاريخية الفارقة".
أما "الكتلة الحرة"، فقد خصصت مداخلاتها لانتقاد الأحزاب الحاكمة، معتبرة نفسها غير معنية بالخلافات الدائرة بينها، واستغرب النائب عنها، عبادة الكافي، طلب وزراء من رئيسهم الاستقالة وإفساح المجال للمبادرة التي تقضي بخروجه من الحكومة.
وانتقدت المعارضة الجميع، مؤكدة أنها ستمتنع عن المشاركة في ما سمّته بـ"المسرحية" المُراد منها تنصيب من هم أسوأ من الصيد.
وقال النائب عن "الجبهة الشعبية"، عمار عمروسية، لـ"العربي الجديد"، إن جلسة اليوم وجهت رسالتين قويتين للرأي العام، مفاد الأولى أن هناك أزمة في رئاسة البلاد، حيث يرغب الباجي قائد السبسي بتفضيل ابنه، متناسيا أن الأمر يتعلق بشؤون الدولة لا بشأن عائلي ومنزلي، إلى جانب "الخلافات بينها وبين رئاسة الحكومة، حيث كشفت الأحزاب الحاكمة بوضوح أزمة منظومة حكم بأكملها".
أما الرسالة الثانية، بحسب عمروسية، فهي أن "من يحكمون اليوم يحكمون بلا أخلاق، فالأغلبية نصّبت الصيد ومن معه متغاضية عن كل علامات الفشل التي بدت جلية منذ ذلك الحين"، معتبرا أنها الآن "تحاسبه بطريقة اعتدت على كرامة الرجل، وأمعنت في الإساءة إليه".
وعبّر عمروسية عن قلقه ممن سيخلف الصيد، قائلا إن "عقد الأحزاب الحاكمة سينفرط بمجرد انطلاق المشاورات حول الوزراء"، مضيفا أن "تنصيب حكومة أخرى سيكشف بدوره أن الأحزاب الحاكمة لا تحكم في البلاد، وإنما أياد خفية داخلية وخارجية تعبث بها وتتحكم في أمرها".
أما "التيار الديمقراطي"، فأكد أن "خطاب الصيد كان خشبيا، ولم يقنع لا واضعيه ولا معارضيه"، إذ أوضح النائب عن التيار، غازي الشواشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "كان بإمكان رئيس الحكومة أن يكون أكثر جرأة وشجاعة وصراحة لنواب الشعب، وأن يكشف من وراء فشل الحكومة".