خارج المخيمات، لا يستطيع اللاجئ الفلسطيني العمل، لأسباب عدة تتعلق بإقرار قانون العمل الخاص بالفلسطينيّين. وإن قُدّر له ووجد عملاً، فإن الراتب لا يكفيه حتى لتأمين كلفة المواصلات. لذا يبحث عن بديل يكفل له حياة كريمة في داخل مخيّمه. وهذه حكايات بعضهم من سكان مخيّم عين الحلوة في جنوب لبنان.
فاطمة عبد العزيز من بلدة صفوريّة، أم لخمسة أولاد. هي معيلة أسرتها، بعدما أقعد المرض زوجها. تعلمت الخياطة في عام 1984، وهي تفتخر بأنها استطاعت تعليم إحدى بناتها لتتخرج مهندسة معمارية.
في البداية، كانت تخيط الملابس في منزلها وتستخدم ماكينة خياطة قديمة تعود لوالدتها. وعندما كبر مصروف عائلتها، فكرت بمشروع خاص. فتقدّمت من إحدى المؤسسات بطلب قرض صغير بقيمة 1500 دولار أميركي يكفل لها تأمين الماكينات اللازمة للعمل، ومن ثم استأجرت محلاً. تقول: "اخترت أن يكون محلي في المخيّم، لأن الإيجار أوفر بكثير من مدينة صيدا. كذلك أستطيع في داخل المخيّم تأمين العمل لبنات شعبي. ففي المخيّم لسنا بحاجة إلى مواصلات، والإيجار أقلّ". وتشير إلى أنها حققت "نجاحاً كبيراً، خصوصاً عندما بدأ يقصدني أشخاص من خارج المخيّم لاستئجار فساتين أعراس".
من جهته، يملك محمد أبو عطية معملاً لصنع المفروشات المنزليّة في الشارع التحتاني للمخيّم. يخبر: "كنت أعمل أجيراً في أحد مصانع مدينة صيدا كدهان موبيليا، وكنت أتقاضى أجراً زهيداً لا أستطيع أن أعيش به حياة كريمة. ففكرت في استئجار محل صغير هنا". يضيف: "صرت أشتري المفروشات القديمة ومن ثمّ أعيد تنجيدها وبيعها بسعر قليل. وهكذا بدأت بتطوير عملي وصرت أصدّر مصنوعاتي إلى معارض في مناطق لبنانية مختلفة. لكنني أفضل أن أبيع الزبون في داخل المخيم، لأنه زبون دائم ويستفيد أكثر من السعر".
ويتابع: "يعمل في هذا المصنع اليوم 15 عاملاً، أي أنه يؤمن لقمة عيش 15 أسرة. لكن الأهم من ذلك أننا في داخل المخيّم نفيد بعضنا بعضاً". أحمد واحد من هؤلاء العمال. يقول: "في هذا المصنع استطعنا أن نعمل بكرامتنا، ومن دون أن نسمع إهانات كما سابقاً. وقد ضمنا حياة كريمة لأسرنا".
أما خالد ومحمد فتابعا تعليمهما وتخرجا مع أحلام كبيرة. أحدهما درس الفندقيّة والآخر التجارة والمحاسبة. لكنهما لم يستطيعا إيجاد عمل لائق، "فالسوق الخارجي لم يعد يرغب بتشغيل الفلسطينيّين وصار يفضّل السوري والسوداني والبنغلادشي وسواهم". من هنا، اتخذا قرارهما بفتح محل متواضع لبيع السندويشات في داخل المخيّم وسط بيئتهما. وتجدر الإشارة إلى أنه وفي محلهما المتواضع، يعمل ثلاثة شبان آخرين.