تُحيي محافظة سيدي بوزيد، اليوم الإثنين، ذكرى اندلاع الثورة التونسية. وفي كل ذكرى، تتجدد الآمال ولا تزول الآلام، بسبب تأخر التنمية ووعود التشغيل الكاذبة. فرغم أن المحافظة كانت صاحبة الشرارة الأولى للثورة، إلا أنها لم تقطف بعد الثمار. إذ لا يزال الشباب في المكناسي ومنزل بوزيان والمزونة يحلمون بالعمل، ولا تزال الفلاحات والريفيات يمنّين النفس بالعيش الكريم.
تُحيي سيدي بوزيد ذكرى الثورة بغضب في نفوس أهلها وبعض أمنيات في قلوبهم. وفي حين تعج المحافظة، كل عام، بالمسؤولين والسياسيين، لكن بين احتفالاتهم واحتفالات الأهالي ووعودهم المتكررة وأمنيات السكان بون شاسع، فلسان حال الأهالي مفاده: "الحكومة مرت من هنا".
وأكد وزير التشغيل الأسبق، نائب حركة النهضة عن سيدي بوزيد، نوفل الجمالي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أحوال المحافظة لم تتغير بعد 8 سنوات من الثورة، فالكل يحلم بالتغيير، ولكن يبدو أن الوضع العام في تونس يلقي بظلاله على الجهات البعيدة عن العاصمة، فالوضع التنموي في سيدي بوزيد يراوح مكانه، وما زلنا نحاول كنواب تحريك الملفات التنموية، أو المشاريع الكبرى التي تم الإعلان عنها منذ 2012".
وأوضح الجمالي أنّهم يأملون أن تقطف سيدي بوزيد يوما ما ثمار الثورة، مشيرًا إلى أن الأولوية هي التشغيل، لأن شباب سيدي بوزيد يعيش احتقانا شديدا في ظل ارتفاع نسبة البطالة، وجهود الدولة قد لا تمكّن من حل الإشكاليات، ولذلك يبقى التعويل على المبادرات الخاصة لمنح المنطقة نسبة أكبر من الوظائف.
وبيّن أن "أبرز رسالة يمكن توجيهها في مثل هذا اليوم، أنه لا نسيان للشرارة الأولى للثورة، وسيدي بوزيد يجب أن تكون في طليعة التميز الإيجابي، نظرا لما وقع فيها، فحوّل مجرى الوضع السياسي في تونس، وبالتالي إذا كانت هناك مبادرات أو مشاريع فيجب أن تنطلق من سيدي بوزيد، نظرا لرمزيتها".
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، من سيدي بوزيد، إنه "لا مفر من الانحناء لإرادة الشعب والإيمان بالديمقراطية، ومواصلة المشوار في الطريق التي اختارها الشعب وناضل من أجلها، ومحاولة إصلاح الوضع الذي ما زال يتفاقم". وبيّن، على هامش تجمّع عمالي أمام مقر الاتحاد بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة، أن "القوى التقدمية والاجتماعية والاتحاد العام للشغل، ما زالوا يؤمنون بالمبادئ الأساسية التي انتفض من أجلها شباب تونس".
وقال عضو تنسيقية التحركات الاجتماعية في المكناسي، عبد الحليم حمدي، لـ"العربي الجديد": "يؤكد أهالي سيدي بوزيد أن الوضع لم يتغير، فأغلب المشاريع التي تم رصدها منذ الثورة إلى اليوم ظلت حبرا على ورق"، مبينا أنه "يمكن القول إن الوضع تدهور من الناحية الاقتصادية والفلاحية، وسيدي بوزيد منطقة فلاحية، وتساهم بنسبة هامة في الإنتاج الوطني".
وأكد حمدي أنّ "المشروع الأكبر في سيدي بوزيد هو منجم الفوسفات في المكناسي، ومنذ 2013 لم يبدأ العمل إلى اليوم. ورغم نجاح شباب في مناظرة الانتداب بالمصنع، وتوقيعهم عقودا، لكنهم لم يباشروا العمل، ما دفعهم إلى الاعتصام، وينتظر أهالي المزونة مصنع الإسمنت الذي تم الإعلان عنه حتى اليوم، فضلا عن مشكلات المياه، وتدهور الفلاحة، وتدهور المستشفى الجهوي، وسوء البنية التحتية التي فضحتها الأمطار مؤخرا".
وأوضح أن "الاحتفالات التي تقيمها الحكومة سنويا هي مناسبة لتكرار الوعود الكاذبة. إذ بمجرد أن يحل يوم 18 ديسمبر، ينسى الجميع سيدي بوزيد والمناطق الداخلية، مثل سليانة والقصرين، لأن المعركة من أجل الكراسي وليس من أجل النهوض بالمناطق المهمشة".
ويعاني حمدي كغيره من شباب سيدي بوزيد، من البطالة، بعد 19 سنة من الانتظار، وهو ما ينسحب على حاملي الشهادات العليا. ويؤكد أنه رغم الوضع القاتم، إلا أن هناك مكسبا هاما في سيدي بوزيد، هو اختفاء حاجز الخوف الذي تم اكتسابه بالنضال ودماء الشهداء.