مهجّرو الغوطة ومشقة البحث عن سكن في إدلب

28 مارس 2018
التهجير من الغوطة (العربي الجديد)
+ الخط -
تعتبر هدى، ابنة الـ25 عاما، نفسها محظوظة اليوم في إدلب، لأن عائلتها وجدت منزلاً بالشراكة مع ثلاث عائلات من أقربائها. فهي تنام في غرفة تدخلها أشعة الشمس، وعلى فراش نظيف لا تغطيه الأتربة، كذلك يمكنها أن تتمدد طوال الليل بعكس الليالي التي أمضتها في القبو، إذ أنها تذوق طعم النوم العميق على مدى أسابيع، وغالبا ما كانت تغفو وهي جالسة من شدة الإرهاق.

وأضافت في حديث مع "العربي الجديد"، "الحظ ساعدنا بأن نجد منزلاً بإيجار مقبول مقارنة بما سمعنا عن أسعار الإيجارات، واستأجرناه مع عائلات عمي وأقارب أبي. في الغرفة التي استقرينا فيها تؤوينا أنا وأختي وأبي وإخوتي الثلاثة وأختي الأرملة وولديها، فزوجها استشهد بالقصف قبل أسابيع"، لافتة إلى أن "هناك ضيقا بدخول الحمام صباحا، وفي استخدام المطبخ، لكن عندما نتذكر أيام القبو نشعر أننا بألف خير، على الأقل نجد مكاناً يمنحنا القليل من الخصوصية".

أما الستيني أبو توفيق، المهجر من الغوطة الشرقية إلى إدلب، لم يحالفه الحظ بعد في إيجاد منزل، لكنه يحاول أن يحصل على خيمة لينصبها في أرض قدمها صاحبها لإنشاء مخيم عليها، لكنها غير مجهزة بأي خدمات تذكر. فلا خزان للماء ولا حمامات ولا كهرباء، حتى الأرض بحاجة لتسوية حتى يتمكن الناس من الجلوس أو النوم، وأوضح في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "إحدى المنظمات وعدت بأنها ستتكفل بتجهيز الاحتياجات الأساسية، لكن الأعداد الكبيرة للمهجرين لا تمنح تلك المنظمات الفرصة لذلك".

وبين أن "الحياة في مراكز العبور أيضا صعبة بسبب الأعداد الكبيرة القادمة من الغوطة، ويجب علينا أن نفسح المجال للآخرين، إضافة إلى الفصل بين الرجال والنساء، وكل هذا يزيد من الضغط النفسي علينا".

أما أبو محمد، المهجر مع زوجته وولدين، أسكنوهم مؤقتاً في أحد الجوامع، ريثما يجدون مكاناً لهم. وأشار إلى فصل الرجال عن النساء، أبقاه مع ابنه الذي لم يتجاوز الثماني سنوات، في حين ظل ابنه الرضيع مع زوجته، مبينا أن "عائلته تجتمع في حديقة الجامع".

من جهته، قال الناشط الإعلامي جابر أبو محمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "إيجار المنازل يختلف من منطقة إلى أخرى، وكانت أكثرها ارتفاعا تلك القريبة على الحدود، ويبدأ إيجار منزل مكون من غرفتين من 125 دولاراً أميركياً، وهذا يعتبر بدلاً مرتفعاً بالنسبة لوضع الأهالي الاقتصادي".


ولفت إلى أن "الإيجارات أقل في إدلب المدينة والريف الغربي، وهناك في المعرة وجرجناس وسراقب تجد الكثير من الأهالي يقدمون منازلهم أو أجزاء منها بالمجان وهذه ظاهرة، لكن المشكلة أنه لم يعد يتوفر منازل لمهجرين جدد في إدلب وريفها".

من جهته، قال مسؤول عمليات التتبع والتقارير الإنسانية في "منسقو الاستجابة" في إدلب طارق الإدلبي: "هناك أزمة سكن خانقة في إدلب، ولا ندري أين سنذهب بالمهجرين، اليوم مثلا وصلت في الصباح قافلة وعند الظهيرة وصلت أخرى، في حين هناك قافلة في الغوطة تتحضر للانطلاق وقافلة ستخرج ليلاً. ما يعني وصول آلاف المهجرين بينهم نساء وأطفال ومصابون، لذلك نحاول أن نفرغ مراكز الإيواء من جوامع ومدارس لوضع المهجرين الجدد".
وبيّن أن "هناك عائلات مهجرة تسكن مع بعضها بعضاً، هناك من يتبرع بالخيام، ومنهم من يقدم الأراضي في مناطق حارم والشيخ بحر وقرقماز لنصب المخيمات فيها، ويجري العمل على تأمين خيام لإسكان الأهالي، والأمر بحاجة إلى مزيد من الإمكانيات".







المساهمون