مهجرو دوما في إعزاز... أزمة سكن وبطالة ومستقبل مجهول

11 ابريل 2018
أزمة سكن وارتفاع نسب البطالة (Getty)
+ الخط -
يغصّ ريف حلب بالمهجّرين القادمين من مدينة دوما في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، حيث تحاول مناطقه المختلفة استيعابهم، على الرغم من الاكتظاظ السكاني وقلة فرص العمل، ما يجعل المهجّرين عرضة لأزمات جديدة ومعاناة في تأمين حياتهم المقبلة، بعد أن تراجع أداء المنظمات الذي جاء استجابة لعملية التهجير.

ووصل آلاف المهجرين خلال اليومين الماضيين إلى منطقة إعزاز بعد أن اكتظت مناطق الباب وجرابلس، ومنهم من يتم نقلهم إلى مناطق عفرين، ووضعهم في مخيمات ومراكز إيواء، بحسب مصادر محلية.

وبينت المصادر أن تلك المخيمات لم تكن مهيأة أو مستعدة لاستقبال مثل هذه الأعداد، ما جعل المهجرين يجدون صعوبة في تأمين المياه، إضافة إلى الرعاية الطبية المطلوبة للجرحى الذين وصلوا بالمئات.

من جهتها، أفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأن "الدفعة التي وصلت أمس تم وضعها في مخيم شرق الفرات، وتشرف عليهم منظمة مرام، وهناك عدة منظمات تحاول تقديم المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية، ولهم حرية الحركة في كامل المناطق المحررة".

ولفتت إلى أنه "بالنسبة لمهجري دوما هناك مشكلة كبيرة بسبب الأعداد الكبيرة، إذ اكتظ مخيم البل، وتم تحويل قسم آخر لمركز إيواء إعزاز، والدفعة المنتظرة حاليا لا يوجد مركز ايواء لها، وربما يتم توزيعها على مختلف المخيمات، والوضع قابل لأن يكون سيئا جدا مع قدوم دفعات جديدة في ظل ضعف التنسيق بين المجالس المحلية، وبالتزامن يسعى عدد من المنظمات والتجمعات الأهلية لتأمين مأوى للمهجرين".

وذكرت المصادر أن "منطقة إعزاز تعاني من ضغط سكاني كبير، ولا توجد فيها منازل خالية، ما يحول دون استقبال أعداد كبيرة من المهجرين بشكل لائق"، مبينة أنه "بالرغم من انخفاض أجور المنازل عما سبق، لكنها تبقى مرتفعة بالنسبة للمهجر، حيث تراوح ما بين 100 إلى 300 دولار أميركي، وهذا يعود إلى مواصفات المنزل ومساحته".

كما بينت أن "فرص العمل قليلة جدا، بسبب عدم وجود معامل أو مصانع أو ورش تستوعب الكم الهائل من الراغبين بالعمل، وطبعا الأفضلية دائما تكون لمن لديه سكن داخل المدينة بسبب قربه من المحلات التجارية وغيرها ممن يمكن أن تطلب يد عاملة، إضافة إلى عدم وجود كلفة للنقل وغيرها، ما يجعل الشخص المقيم داخل المدينة مفضل لدى أصحاب المحلات، الذين يعتبرون القطاع الأهم المؤمن لفرص العمل".

وبحسب المصادر، فإن "القطاع الزراعي بشكل عام بدأ يتعافى هذه السنة فقط، بعد الدمار الكبير الذي لحق بالأراضي الزراعية بعد عملية درع الفرات ضد تنظيم (داعش)، وخسارة المزارعين الكبيرة في المحاصيل والضرر الكبير في الآليات الزراعية وتلف كثير من المحاصيل المخزنة سابقا، وهجرة غالبية المزارعين لأراضيهم"، مبرزة أن الزراعة بدأت تتعافى بسبب توفر الأمان النسبي في المنطقة وعودة المزارعين والتسهيلات التركية باستيراد المبيدات والأسمدة اللازمة للزراعة، والأسعار المشجعة للمزارع ببيع المحصول، وبالرغم من ذلك لا يمكن أن نقول إنها تؤمن فرص عمل عديدة، بسبب عودة الأهالي الأصليين للمنطقة والذين هم بحاجة للعمل بأي شكل وأي مجال لتعويض ما خسروه من منازل وآليات وغيرها".        

من جهته، قال الناشط الإعلامي أبو محمد الشمالي، لـ"العربي الجديد"، إن "الدفعة الأولى التي وصلت إلى مركز الإيواء كان عدد أفرادها 633 شخصا، بينهم 233 طفلا و180 سيدة، وأمس الثلاثاء، وصلت قافلة من 79 حافلة تقل 5 آلاف شخص تم وضعهم في مخيم البل، واليوم ننتظر وصول قافلة جديدة".

ولفت إلى أن "هناك جهودا لتأمين احتياجاتهم بالقدر المتوفر، والجرحى تتم معاينتهم وتحديد احتياجاتهم من قبل نقاط طبية تتبع للأتراك".

وبين أن "الوضع في إعزاز لا يحتمل مهجرين جددا، فهي تعاني من أزمة سكن وارتفاع نسب البطالة"، موضحا أن "المخيمات تم إنشاؤها من فترة قريبة من قبل منظمات، ومن الطبيعي أن نجد فيها العديد من النواقص، لكن هناك محاولات جدية لتدارك ذلك".

من جانبه، أعلن المجلس المحلي في المدينة أنه وزع خلال الـ24 ساعة الماضية نحو 240 سلة إغاثية على المهجرين من الغوطة، في وقت يتم العمل على استكمال إحصاء عدد العائلات المقيمة في إعزاز، إضافة إلى نشر تعميم يفيد باستقبال الطلاب المهجرين في المدارس، وتمديد فترة التسجيل للامتحانات الثانوية إلى الـ20 من الشهر الجاري، بحسب صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". 


وتساءل ناشطون من إعزاز عما يخبئ المستقبل لآلاف المهجرين والأهالي من مناطق الشمال السوري، بعد أن ينحسر نشاط المنظمات الناتج عن حملة التهجير من الغوطة، في ظل أزمة سكن وبطالة، في وقت يشتكي الناس من الغلاء الفاحش، محذرين من آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية كارثية، إن لم يتم تنشيط الاقتصاد في المناطق الشمالية وتشغيل القوى البشرية المكدسة فيها.  

دلالات