من يكون علي الذي يهتف المتظاهرون باسمه في الجزائر؟

01 نوفمبر 2019
استحضر الجزائريون أسماء وصور شهداء وكبار المناضلين (العربي الجديد)
+ الخط -
خرج الآلاف من الجزائريين، ليلة أمس الخميس، في شوارع وساحات العاصمة الجزائرية، للتعبير عن احتفالهم بعيد الثورة التحريرية المجيدة، والإصرار على مطالب التغيير واستقالة الحكومة الحالية، ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، في مشهد غير مسبوق استحضر فيها الجزائريون أسماء وصور شهداء وكبار المناضلين الثوريين.
وأطلق المتظاهرون، خلال المظاهرات الأخيرة، شعار "باعوها الخونة يا علي"، في إشارة إلى خيانة النظام السياسي لأمانة الشهداء، واختلاس الأموال العامة، والفساد، وبيع الثروات الوطنية، و"يا علي لابوانت، الجزائر راهي ولاّت (أي الجزائر عادت)" في رمزية تشير إلى عودة الوعي التاريخي والسياسي الذي مهّد لحراك فبراير، كما صمّم المتظاهرون طريقة محدّدة لترديد هتاف "يا علي، يا علي"، رافعين صور شهيد بارز من شهداء معركة التحرير في قلب العاصمة الجزائرية، يدعى "علي لابوانت"، والذي كان يقاتل برفقة مجموعة من الفدائيين في حي القصبة العتيقة حتى استشهاده.
وعلي لابوانت هو أحد الرموز الثورية واسمه الحقيقي علي عمار، ولم تكن لديه أية سوابق نضالية، لكنه كان معروفاً في حي القصبة العتيق بالشدة، واستقطبته الثورة و"جبهة التحرير"، وضمته إلى صفوف خلية الثوريين في هذا الحي الشعبي، والتي كانت تضم أيضاً رموزاً ثورية مثل الشهيدة حسيبة بن بوعلي، وطالب عبد الرحمن، وياسف سعدي، وجميلة بوحيرد، والطفل عمار، بعدما تم تدريبه وتجريبه في عملية اغتيال شرطي فرنسي.
ولا يأخذ علي لابوانت صورته الثورية فقط من نضاله المسلّح وتنفيذه لعمليات ضد قوات الاستعمار الفرنسي في العاصمة وأحيائها التي يصعب فيها على الثوريين التحرك بحرية، لكن أيضاً من موقفه برفض الاستسلام حتى وهو في اللحظة الأخيرة من مساره الثوري، بعدما حاصرته قوات المظليين الفرنسيين داخل مخبأ في الحي، توصلت إليه بعد الحصول على اعترافات تحت التعذيب لمناضلين آخرين.



وعزّز فيلم "معركة الجزائر"، والذي صُوّر في الستينات عن المعركة الضارية بين مجموعة صغيرة من الفدائيين والقوات الفرنسية، من صورة ورمزية علي لابوانت، كرجل جزائري كان يعيش كما كل الجزائريين في ظروف الفقر التي فرضها الاستعمار عليهم، لكنه انضم بفطرة ثورية وآمن بسرعة بالقضية، على الرغم من أنه لم يكن ذا فهم لطبيعة الصراع السياسي. ورسم الفيلم صورة للابوانت كرجل ثوري مندفع ومتحمس بعفوية إلى أبعد الحدود.

ورفض لابوانت - الذي كان يمثّل برفقة الشهيد حسيبة بن بوعلي والطفل عمار، آخر ما تبقّى من الخلية الثورية التي كانت تضم جميلة بوحيرد - الاستسلام لقوات المظليين، وفضّل الموت على الاستسلام، بعدما طلب منه القائد الفرنسي تسليم نفسه أو تفجير المنزل الذي ما زالت آثاره شاهدة على روحه الثورية لعلي وبشاعة الاستعمار الفرنسي.
وخلال المظاهرات الأخيرة، ظهرت صوره ورسومات له بارزة في المسيرات بكثرة، واتّخذه الشباب والناشطون مرجعاً ورمزاً ثورياً، في رسالة وتعهد شبابي لاستكمال مسيرة تحرير البلد والإنسان الجزائري من كلّ ما يعيق تحقيق طموحات الشهداء.
دلالات
المساهمون