تشهد شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا قبل أكثر من عامين إلى سيادتها، موجة من التصعيد، تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات بالوقوف وراءها. وأعلنت روسيا عن ضبطها "مجموعة مخربين" ليلة السابع من أغسطس/آب الحالي، في محيط مدينة أرميانسك شمال القرم، ومصادرة عبوات يدوية الصنع بقوة تزيد عن 40 كيلوغراماً من مادة "تي إن تي" وقذائف وذخيرة، وأيضاً عن "محاولة اختراق" أراضي القرم وإطلاق النار ليلة الثامن من الشهر الجاري. وبحسب الرواية الروسية، أسفرت الواقعتان عن مقتل عسكريَّيْن روسيين واعتقال عدد من المواطنين الأوكرانيين والروس. ووصف الرئيس، فلاديمير بوتين، ما حدث بأنه "عمل إجرامي أحمق"، مواصلاً هجومه على القيادة الأوكرانية الموالية للغرب.
ورجحت "مجموعة القرم الحقوقية"، المعنية برصد الانتهاكات في شبه الجزيرة، أن يكون المواطن الأوكراني المعتقل، يفغيني بانوف، قد أدلى بشهادته بعدما تم التنكيل به في السجن من قبل "سلطات الاحتلال"، وفق قولها. وكانت روسيا قد زعمت أنه يقيم في مقاطعة زابوروجيه في أوكرانيا ويعمل لصالح استخبارات هذا البلد. ورجحت رئيسة هذه المجموعة، أولغا سكريبنيك، أن الأمر يتعلق بقضية "مفبركة" ولها دوافع سياسية، وأن المعتقلين ربما تعرضوا للتعذيب. وقالت في اتصال مع "العربي الجديد" من العاصمة الأوكرانية كييف: "تظهر في أثناء عرض الفيديو آثار لإصابات على يدي بانوف ووجهه، ونحن نفترض أنه قد يكون تعرض للتعذيب، بما فيه محاولات الخنق". وأضافت أن فريقاً من مجموعتها يتواصل مع عائلة بانوف، ويحاول الوصول إلى عائلات غيره من المعتقلين، مؤكدة أن أقرباءه لم يتلقوا أية اتصالات منه حتى الآن. واعتبرت في هذا الصدد، أنه لو كان هناك التزام بالقانون، لكان من حقه إجراء اتصال لإبلاغ ذويه بمكان وجوده، على حد قول سكريبنيك.
وكانت روسيا قد ضمت القرم في مارس/آذار 2014، على خلفية موجة من الاضطرابات وأعمال العنف في أوكرانيا، وبعد موافقة مجلس الاتحاد الروسي على استخدام القوات المسلحة الروسية في البلد المجاور، وإجراء استفتاء حول تقرير المصير في شبه الجزيرة ذات الأغلبية الروسية. واعتبرت كييف عملية ضم القرم بمثابة احتلال وانتهاك لوحدة أراضيها، كما أسفر التصعيد في مناطق شرق أوكرانيا الموالية لروسيا في الأشهر التالية عن أكبر أزمة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة. وتمثلت هذه الأزمة في حرب العقوبات الاقتصادية بين موسكو والغرب وقطع الاتصالات العسكرية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتراجع الاتصالات السياسية إلى أدنى مستوى.