من يصرف؟

30 أكتوبر 2014
+ الخط -

نسأل الله الرحمة لشهدائنا الأبرار، وأن تكون دماؤهم التي سالت على أرض الوطن ناراً تحرق الظالم، ونورا يهدي الحائر، والصبر والثبات لأسرهم ومحبيهم، فهو وحده المنعم بذلك والقادر عليه.
قبل البدء في مشروع تنمية قناة السويس، أعلن رئيس الحكومة المصرية، المهندس إبراهيم محلب، أن المشروع لن يكلف الحكومة شيئاً، ولن يتم صرف جنيه واحد عليه من الميزانية العامة للدولة، وسيتم الصرف بالكامل من شهادات استثمار القناة التي سيتم إصدارها. وبالفعل، تم إصدار الشهادات، وتجاوب المصريون بامتياز، وتم جمع 64 مليار جنيه. وفي الأسبوع الماضي، بعد مضي حوالى ثلاثة شهور على بدء المشروع، أعلن الفريق مميش أنه، إلى الآن، لم يتم صرف جنيه واحد من الـ64 مليارا. حقيقة لم يعد الأمر مفهوماً، هل نفرح ونصفق، أم نتساءل ونتعجب؟

أعلم أن النظام الحالي لا يريد للشعب أن يفكر، ولكن الحقائق العلمية وقوانين النشوء والتطور، والتي تؤكد ضمور العضو المهمل الذي لا يستخدم، تدفعنا إلى التفكير، فأتساءل: من يصرف على المشروع؟ لقد مضت ثلاثة أشهر، وهناك مصروفات بالملايين، إن لم تكن بالمليارات، والحكومة لم تصرف ولم يُنفق من ثمن الشهادات، فمن الذي يصرف؟

هل هناك دول أجنبية، مثلاً، أو قروض دولية تستخدم لتمويل المشروع؟ لا أعتقد، فلو كان ذلك لتم الإعلان عنه على الأقل من الهيئات الأجنبية. هل تقوم دول عربية بالتمويل؟ جائز... ولكن، ما هي هذه الدول؟ وما المقابل؟ أم أن الصرف يتم من ميزانية القوات المسلحة؟ إن كان، فهذا يؤكد ما سبق ذكره عن الامبراطورية الاقتصادية للقوات المسلحة، ويكرس التخوف من الانفصال التام بين الحكومة والقوات المسلحة. فقط نريد أن نعرف من الذي يصرف؟!

ما زلنا في المشروع نفسه، وحيث إن المعلومات التي تتفضل بها الحكومة علينا شحيحة جدا، كان ضرورياً البحث عن تفاصيل في وسائل الإعلام والعم "جوجل". يتضمن المشروع حفر سبعة أنفاق لربط شرق القناة بغربها، ثلاثة في بورسعيد وأربعة في الإسماعيلية، بتكلفة 4.2 مليار دولار (تقريبا 55% من التكلفة الإجمالية للمشروع)، والسؤال باختصار: هل نحن، الآن، في حاجة ملحة إلى هذا العدد الكبير نسبياً من الأنفاق (4 للسيارات و2 للسكك الحديدية و1 للمرافق)؟

منذ عودة سيناء إلى الآن، وما يربط الشرق بالغرب، هما محوران رئيسيان (نفق أحمد حمدي في السويس، وكوبري السلام في الإسماعيلية)، مع معديات منتشرة بطول القناة. فما الهدف الآن من إنشاء سبعة أنفاق دفعة واحدة؟ وهل كانت مشكلة سيناء، أو تنميتها، في صعوبة الوصول إليها؟ ألم يكن من الممكن في حال توفر 4.2 مليار دولار استخدام جزء منه في حل المشاكل التي تقصم ظهر المواطنين المصريين، كالكهرباء والدعم وتوفير الطاقة.. إلخ؟ ألم يكن ممكناً الاكتفاء بنفقين مثلاً؟ أم أن هناك سببا آخر وراء هذا العدد الكبير نسبياً من الأنفاق؟  فقط نريد أن نعرف، فهل هذا كثير؟

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)