24 سبتمبر 2017
من يدفع فواتير الصراع؟
باسل الحمادة (سورية)
بات مؤكداً أنّ الصراع السوري ليس محكوماً بالتطورات الداخلية السياسية والعسكرية، إنّما هو حلقة في سلسلة طويلة من تصارع القوى الدولية في البحث عن أمنهم القومي، والجري خلف نفوذهم ومصالحهم، وليست حروب أفغانستان وفيتنام والعراق بعيدة. وهنا، تبدأ المساومات حول الأوراق الدولية الأخرى ليكون الحل الأخير لأي معضلةٍ بتفادي الصدام المباشر لهذه الدول. وبذلك، يتم توزيع هذه الأوراق الدولية، وتقسيم مراكز النفوذ والثروات فيما بينهم.
لذا، يصعب قراءة الملف السوري بمعزلٍ عن الملف الأوكراني، أو حتى اختصار الشأن السوري على سلطة ومعارضة أو حتى بمشاركة روسية وأميركية، فالواقع يشير إلى مدى توّغل دول عظمى وصغرى، ليس في هذا الملف أو ذاك فحسب، وإنّما في كلّ ملفات الدول (غير ذاتية القرار)، وتحريك المشهد على أرض الواقع بما تقتضي مصالحها وأمنها القومي.
الثورات، والتي كثيراً ما تستغلها تلك الدول لتحوّلها إلى حروب، كما في ثورات الربيع العربي، ليست اللعبة الوحيدة لرسم السياسات الدولية فهناك الانقلابات وانقلابات الضد.
ما تعيشه دول الصراع في العالم أينما كانت ما هو إلا حروب تنفذها جيوش بالوكالة عن تلك الدول العظمى، لتحقيق غايات خطّطت لها، وسنحت الفرص لتحقيقها، فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي وتحويله إلى دول عدّة، والولايات المتحدة الأميركية مستمرة بالعمل على نشر منصاتها الصاروخية ضمن مشروع الدرع الصاروخية، مستثمرة انهيار الاتحاد السوفيتي، على الرغم من التوقيع على معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، المعروفة اختصاراً باسم إيه بي ABM ، والتي بدأت تشغيل آخرها في شمال رومانيا في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، وبذلك انضمت إلى منصات عديدة حول العالم، في الولايات المتحدة وتركيا وتشيكيا وبولندا ورمانيا وغرب أوروبا والخليج العربي وبريطانيا وإسرائيل وتايوان وكوريا الجنوبية، وتجري دراسة لإقامتها في إسبانيا والبرتغال، ليصبح هدف الحزام الأميركي ليس التصدّي لهجوم الدول التي وصفتها بالمارقة، مثل إيران وكوريا الشمالية وكوبا، وإنّما حصار روسيا مباشرة، لتشعر موسكو بخطر يطوّقها ويهدّد أمنها، خصوصاً أنّ هذه المنصات من الممكن أن تحمل رؤوساً نووية وصواريخ هجومية، تهدّد أمنها، ليصرّح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقب تشغيل المنصة بيوم أنّ بلاده ستدرس إجراءات "لمواجهة التهديدات" التي تشكلها الدرع الأميركية المضادة للصواريخ المنصوبة في شرق أوروبا، مهدّدا "بكل ما هو ضروري"، لكنّه أكد أنّه لن يخوض سباق تسلّح جديد.
تأخذ السياسة الروسية في التعامل مع الملفات الدولية صفة الخاسر الذي لا يوجد هناك ما يخسره، لتسيطر عسكرياً على شبه جزيرة القرم، نتيجة تخلّي الحكومة الأوكرانية عن تحالفها معها، جرّاء قيام الثورة البرتقالية وانحيازها للأوروبيين والأميركان، وأيضاً في سورية، خصوصاً أنّها تدير قاعدتها العسكرية على الساحل السوري ووجود استثمارات بمليارات الدولارات في قطاعات النفط والغاز السوري، بعد شطب الديون المتراكمة جرّاء استيراد الأخيرة أسلحة ومعدات عسكرية، لتثبّت وجودها في الشرق الأوسط وسواحل المتوسط، وتسعى أيضاً جاهدة إلى دعم التدخل العسكري لحليفها الإيراني في اليمن وسورية والعراق.
لم يكن هذا التحالف جديداً، فقد حظي المشروع النووي بدعم الروسي منذ بداياته، بالإضافة إلى دعم روسيا الإيرانيين في عملية التفاوض مع الأميركان لحل الأزمة النووية الإيرانية، وإنهاء العقوبات، ولتمارس الضغوط أيضاً على دول الخليج العربي وتركيا بإيجاد صيغة لحل سياسي مصبوغٍ بنكهة المنتصر في سورية واليمن، والعمل على التلاعب بنتائج الانتخابات الأميركية.
يحاول الروس من كلّ هذه التطورات في المنطقة إيقاف النفوذ الأميركي الذي يسعى جاهداً إلى الحفاظ على أمنه القومي، كما يدّعي، والتي عمدت الولايات المتحدة تحت اسم الأمن القومي، على تعزيز شركائها في العالم وربط اقتصاد العالم وسياسته بها، وأيضاً بالتدخل العسكري هنا وهناك. وهذا كان هاجس الدولتين، خصوصاً روسيا، كونها تأثرت بانهيار اتحادها السوفيتي وانفكاك عقدها مع دول عديدة، ساعية إلى لملمة أوراقها، لوقف الإدارة الأميركية عند هذا الحد من السيطرة والتحكم والانفراد باتخاذ القرارات، وتبادر في سعيها إلى إيقاف هذا التمدّد .
لذا، تبدو ملفات المنطقة ليس لها أيّ أمل منظور، فاللعبة مستمرة، وحرق الأوراق وإيجاد أوراق جديدة مستمر، في حين أنّ الشعوب هي من يدفع فواتير هذا الصراع.
لذا، يصعب قراءة الملف السوري بمعزلٍ عن الملف الأوكراني، أو حتى اختصار الشأن السوري على سلطة ومعارضة أو حتى بمشاركة روسية وأميركية، فالواقع يشير إلى مدى توّغل دول عظمى وصغرى، ليس في هذا الملف أو ذاك فحسب، وإنّما في كلّ ملفات الدول (غير ذاتية القرار)، وتحريك المشهد على أرض الواقع بما تقتضي مصالحها وأمنها القومي.
الثورات، والتي كثيراً ما تستغلها تلك الدول لتحوّلها إلى حروب، كما في ثورات الربيع العربي، ليست اللعبة الوحيدة لرسم السياسات الدولية فهناك الانقلابات وانقلابات الضد.
ما تعيشه دول الصراع في العالم أينما كانت ما هو إلا حروب تنفذها جيوش بالوكالة عن تلك الدول العظمى، لتحقيق غايات خطّطت لها، وسنحت الفرص لتحقيقها، فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي وتحويله إلى دول عدّة، والولايات المتحدة الأميركية مستمرة بالعمل على نشر منصاتها الصاروخية ضمن مشروع الدرع الصاروخية، مستثمرة انهيار الاتحاد السوفيتي، على الرغم من التوقيع على معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، المعروفة اختصاراً باسم إيه بي ABM ، والتي بدأت تشغيل آخرها في شمال رومانيا في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، وبذلك انضمت إلى منصات عديدة حول العالم، في الولايات المتحدة وتركيا وتشيكيا وبولندا ورمانيا وغرب أوروبا والخليج العربي وبريطانيا وإسرائيل وتايوان وكوريا الجنوبية، وتجري دراسة لإقامتها في إسبانيا والبرتغال، ليصبح هدف الحزام الأميركي ليس التصدّي لهجوم الدول التي وصفتها بالمارقة، مثل إيران وكوريا الشمالية وكوبا، وإنّما حصار روسيا مباشرة، لتشعر موسكو بخطر يطوّقها ويهدّد أمنها، خصوصاً أنّ هذه المنصات من الممكن أن تحمل رؤوساً نووية وصواريخ هجومية، تهدّد أمنها، ليصرّح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقب تشغيل المنصة بيوم أنّ بلاده ستدرس إجراءات "لمواجهة التهديدات" التي تشكلها الدرع الأميركية المضادة للصواريخ المنصوبة في شرق أوروبا، مهدّدا "بكل ما هو ضروري"، لكنّه أكد أنّه لن يخوض سباق تسلّح جديد.
تأخذ السياسة الروسية في التعامل مع الملفات الدولية صفة الخاسر الذي لا يوجد هناك ما يخسره، لتسيطر عسكرياً على شبه جزيرة القرم، نتيجة تخلّي الحكومة الأوكرانية عن تحالفها معها، جرّاء قيام الثورة البرتقالية وانحيازها للأوروبيين والأميركان، وأيضاً في سورية، خصوصاً أنّها تدير قاعدتها العسكرية على الساحل السوري ووجود استثمارات بمليارات الدولارات في قطاعات النفط والغاز السوري، بعد شطب الديون المتراكمة جرّاء استيراد الأخيرة أسلحة ومعدات عسكرية، لتثبّت وجودها في الشرق الأوسط وسواحل المتوسط، وتسعى أيضاً جاهدة إلى دعم التدخل العسكري لحليفها الإيراني في اليمن وسورية والعراق.
لم يكن هذا التحالف جديداً، فقد حظي المشروع النووي بدعم الروسي منذ بداياته، بالإضافة إلى دعم روسيا الإيرانيين في عملية التفاوض مع الأميركان لحل الأزمة النووية الإيرانية، وإنهاء العقوبات، ولتمارس الضغوط أيضاً على دول الخليج العربي وتركيا بإيجاد صيغة لحل سياسي مصبوغٍ بنكهة المنتصر في سورية واليمن، والعمل على التلاعب بنتائج الانتخابات الأميركية.
يحاول الروس من كلّ هذه التطورات في المنطقة إيقاف النفوذ الأميركي الذي يسعى جاهداً إلى الحفاظ على أمنه القومي، كما يدّعي، والتي عمدت الولايات المتحدة تحت اسم الأمن القومي، على تعزيز شركائها في العالم وربط اقتصاد العالم وسياسته بها، وأيضاً بالتدخل العسكري هنا وهناك. وهذا كان هاجس الدولتين، خصوصاً روسيا، كونها تأثرت بانهيار اتحادها السوفيتي وانفكاك عقدها مع دول عديدة، ساعية إلى لملمة أوراقها، لوقف الإدارة الأميركية عند هذا الحد من السيطرة والتحكم والانفراد باتخاذ القرارات، وتبادر في سعيها إلى إيقاف هذا التمدّد .
لذا، تبدو ملفات المنطقة ليس لها أيّ أمل منظور، فاللعبة مستمرة، وحرق الأوراق وإيجاد أوراق جديدة مستمر، في حين أنّ الشعوب هي من يدفع فواتير هذا الصراع.
مقالات أخرى
01 اغسطس 2017
13 مارس 2017
30 يناير 2017