من هو العاطل عن العمل؟

12 يناير 2019
التشغيل أولوية (ياسين قايدي/ فرانس برس)
+ الخط -
ينتظر الأهل بفارغ الصبر إنجاز أبنائهم دراساتهم المهنية أو الجامعية والانخراط في سوق العمل لمعاونتهم على أعباء الحياة من جهة، ولمراقبة مسارات تطورهم في حياتهم وتأمين مقوماتها الضرورية من مسكن ومأكل ومشرب وزواج. لكن هؤلاء مع أبنائهم وبناتهم يصطدمون بجدار من الصخر الأصم في سوق عمل لا يتيح لهم إثبات جدوى ما تعلموه من مهن ومعارف. ومرة بعد مرة، ومحاولة بعد أخرى يصلون إلى مأزق اليأس ويصبحون في عداد العاطلين عن العمل. البعض يلجأ إلى الهجرة نحو أوروبا وأميركا، أو يراكم المزيد من الشهادات ظناً أنها تفتح أمامه الباب المقفل. والبعض الآخر يلعن الساعة التي وقع فيها على اختياره ويلجأ إلى أي عمل يقيه العوز.

والواقع أن عشرات التعريفات تُعطى للعاطل عن العمل أو بتعبير آخر للبطالة عن العمل. ما نعنيه هنا هو بطالة الخريجين سواء أكانوا خريجي معاهد متوسطة أو جامعيين، ذكوراً أو إناثاً. وبالاستناد إلى تعريف منظمة العمل الدولية كمؤسسة أممية معنية بذلك نجد أن البطالة تستند لديها إلى توافر ثلاثة شروط هي: ألا يمارس الشخص أدنى نشاط ، أي أن لا يزاول أي عمل سواء لقاء أجر أم لا في الأسبوع الأخير الذي تم خلاله تنفيذ المسح أو الاستطلاع. أن يكون جاهزاً للعمل في حال توفره له. أن يكون من الباحثين عن العمل في الأسابيع الأربعة الأخيرة ولم يجده.

أما المجلس النرويجي للاجئين (فافو) فيحدد البطالة على النحو الآتي: هو العاطل عن العمل وفق التعريف السابق لمنظمة العمل الدولية، العامل المحبط الذي لا يعمل ولو حتى ساعة واحدة في اليوم وهو مستعد للعمل لكنه مقتنع أنه لن يعثر عليه، العاطل جزئياً عن العمل بشكل ظاهر أي الذي يعمل أقل من 35 ساعة أسبوعياً ويرغب بالعمل لوقت أطول، العاطل عن العمل بشكل مستتر أي الذي يعمل في وظيفة تتسم بانخفاض الإنتاجية أو لا تستفيد من مهاراته وطاقاته.




نكتفي بهذين النموذجين من التعريفات علماً أن هناك من يعرف البطالة بأنواعها: سافرة أو عارية (أي أنها تتصل بشخص لا يمارس أي نوع من الأعمال)، مقنعة (بائع اليانصيب وأوراق اللوتو والسجائر والمحارم على الطرقات)، موسمية (ترتبط بالانقطاع عن العمل شتاءً أو صيفاً كالصيادين والمزارعين ومن شابه) و.. بالنسبة لنا نحن نتحدث عن فئات عمرية شابة مؤهلة سواء أكانت تحمل شهادات متوسطة أو من مؤسسات التعليم العالي ولم يسبق أن دخلت إلى سوق العمل أو دخلت إليه لفترة قصيرة، وغادرته لأي سبب ولم تستطع أن تعاود إيجاد عمل بعدها. هنا نتناول فئات ذات تأهيل مهم متوسطٍ أو عالٍ على الأغلب، إذ أن المهني المؤهل والطبيب والمهندس والمحامي ومن شابه كلّف الدولة أو الأهل مبالغ باهظة للحصول على مؤهلات لا يستطيع أن يصرفها في سوق العمل، الذي لا يخضع لأي نوع من أنواع التوازن بين معادلة العرض والطلب.

*باحث وأكاديمي
دلالات
المساهمون