هذه هي المرّة الأولى التي تقوم كوكاكولا في لبنان بطرح فكرة دعائيّة تشبه إعلاناتها في مصر. دعاية تنطلق من أشخاصٍ في الشارع، وتحمل ألواناً خافتةً ودافئةً، لتجذب المشاهد وتؤثّر عليه في شراء منتجها، بالإضافة إلى تصويرٍ غير كلاسيكي. أي، تحرّك الكاميرا مع الممثل وتنوع الكادرات/حجم الصورة وزاوية التصوير.
ربّما، يُمكن مقاربة إعلان "كوكاكولا... حلاوتها مع لبنان" مع إعلان الشركة السابق في العام 2013، بعنوان "إتجنن" من ناحية روح التصوير والتسويق، واللذان يحملان حبّ الحياة والأمل.
ولعلّ القاسم المشترك الوحيد بين النسخة المصريّة "كوكاكولا أحلى مع...؟"، والنسخة اللبنانيّة "كوكاكولا... حلاوتها مع لبنان"، هو التصميم الجديد لعلبة المشروبات، التي تحمل أسماء متنوعة بحسب البلد.
فالأسماء في لبنان: فادي، وسامي ورنا وكريم... (طبعاً الأسماء التي لا تحمل خلفية مذهبية، منعاً لالتقاء الطوائف). أمّا في مصر، فالأسماء أكثر واقعيّة وتشبه الواقع المصري: زيزو، مودي، العمده، شريف، مريومة...
في النسخة المصريّة، شارك في الدعاية شخصيّات معروفة، أبرزها سيد أبو حفيظة وأبلة فاهيتا، والفنان حسام حسني، صاحب أغنية كل البنات بتحبّك. بالإضافة إلى مشاركة الوجه الإعلاني للشركة، فرقة "كايروكي".
وهذا هو العامل الذي افتقرت له النسخة اللبنانية من الإعلان: التشبه بالواقع، وبالقصص الشعبية. فالنسخة اللبنانيّة غريبة عن واقعها، بدءًا من أماكن التصوير، مروراً بالشخصيات وثيابها وتفاعلها مع المشهد، وصولاً إلى النصّ الدعائيّ الذي يحمل كلمات غريبة عن حديث العامة في الشارع اللبناني، والذي يبدو غير مألوفٍ للأُذُن اللبنانيّة.
وتفوقت النسخة المصرية على نظيرتها اللبنانية على الصعيد الموسيقي أيضاً. إذ في النسخة المصرية تمّ دمج موسيقى الـ Electric بالفلكلور الشعبي، عبر استعمال آلات شرقية (طبلة، دف...) في آخر الدعاية. إلا أنّ موسيقى النسخة اللبنانيّة أخذت اتجاه الـ Chill out Music. وهذا الاتجاه الموسيقي غير مألوفٍ لأغلب فئات المجتمع اللبناني.
بيبسي vs. كوكاكولا
"بيبسي"، الشركة المنافسة لـ"كوكاكولا"، استطاعت أن تهزم إعلان "كوكاكولا أحلى مع...؟" على "يوتيوب"، على صعيد المشاهدات. وذلك من خلال نشر إعلانها الخاص بشهر رمضان بعنوان "يلا نكمل"، بعد أسبوع من نشر "كوكاكولا" لإعلانها. وحصدت الأولى ستّة ملايين ومئتي ألف مشاهدة حتى اليوم، أما الثانية فلم تتخطّ الأربعة ملايين مشاهدة حتى الآن.
وإعلان "بيبسي" الرمضاني، مبنيّ على عامل "النوستالجيا". وهو يدعو المستهلكين إلى إكمال "الأيام الحلوة" عبر استعراض شخصيّات فنيّة معروفة ومحبوبة من قبل الشارع المصري. إذ يستعيد الإعلان شخصيّاتٍ قديمة أو الأداء الفني للشخصيات الفنيّة المشاركة في التمثيل عبر صورٍ، ومحاولة تقليدها في الحاضر أو حتى الاجتماع بفريق عملٍ سابق.
شاركت شخصيات معروفة في الإعلان أهمّها: سمير غانم وجورج سيدهم، وعزت ومنى أبو عوف وفريقي الأهلي والزمالك، مع صوت دافئ من المطربين هشام عباس وحميد الشاعري، اللذان اشتهرا بأغنية "عيني" في العام 1997 (من كلمات وألحان عنتر هلال وتوزيع حميد الشاعري). والجدير بالذكر أن الفنانة اللبنانيّة نيكول سابا مثّلت في الفيديو المصور الخاص بالأغنية.
كُلّ هذا، يعيدنا إلى الأسئلة التالية: هل سنشهد إعلاناً جديداً من "بيبسي" لينافس "كوكاكولا" في لبنان؟ وهل ستشارك في الإعلان وجوهٌ لبنانيّة معروفة، أمثال إليسا أو هيفا وهبي أو وائل كفوري؟ وهل سيستعيدون ماضي لبنان بأغنية من "ريبرتوار" وديع الصافي بهدف إضفاء الرونق الـ"نوستالجي"؟
كُلّ الإحتمالات مطروحة. ولكن، يُمكن القول إنّ مضمون الإعلانات في يومنا هذا، يتجّه نحو كلّ ما هو خاصّ بتقاليد أو ذاكرة المستهلك، عبر قالب يأخذ مُشاهد الإعلان إلى الحنين، ويعيده إلى الذكريات الخاصّة به أو بمجتمعه أو بيئته، من الأفلامٍ والموسيقى، إلى الألعاب وقصصٍ من الشارع.