منع الرموز الدينية يحرم دنماركية محجبة من الالتحاق بالجيش

14 فبراير 2020
الرموز الدينية ممنوعة بين العسكريين (فرانس برس)
+ الخط -

بعد أربعة أيام فقط من التحاقها بإحدى الثكنات العسكرية التابعة لجهاز الاستخبارات الدنماركية والمخصصة للمجندين الجدد في الدنمارك، اضطرت شابة من كوبنهاغن تبلغ من العمر 19 عاماً فضّلت عدم الكشف عن هويتها في وسائل الإعلام، إلى التخلّي عن حلمها: الانخراط في الجيش الدنماركي. أمّا السبب الذي جعل الشابة تعدل عن لباسها العسكري، فهو أنّها خُيّرت بينه وبين حجابها، بعدما أوضحت رسالة من مسؤولين في وزارة الدفاع أنّه "يُمنع في الحياة العسكرية الدنماركية إبراز رموز دينية، من بينها الصليب والحجاب والكيباه (قلنسوة اليهود)".

وأثار تفضيل الشابة الدنماركية حجابها على حياتها العسكرية سجالاً في البلاد بعد سؤال طرحته عبر التلفزيون الدنماركي: "لماذا لا تستطيع وزارة الدفاع احتواء نساء مثلي (محجّبات)؟". وكانت نقاشات عدّة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وقد وصل الأمر بصحف إلى إعداد استطلاع للرأي حول تغيير القانون الذي يمنع إبراز الرموز الدينية، لتتخطّى نسبة معارضي التغيير 75 في المائة فيما يوافق نحو 20 في المائة على ذلك.




وحسمت وزيرة الدفاع الدنماركية ترينا برامسن (يسار وسط) السجال، قائلة إنّه "لا تغيير في السياسات المنتهجة في الوزارة إزاء بقاء إظهار الانتماء الديني في خارج الجيش"، في حين كان مختصون وأناس عاديون يناقشون رسالة وزارة الدفاع التي طلبت من الشابة خلع الحجاب أو ترك الحياة العسكرية. وقد وصل السجال أحياناً إلى حدّ تعليقات ونعوت غير لائقة بحقّ المسلمين/ المسلمات، على الرغم من أنّ الجيش الدنماركي ومؤسسات أمنيّة أخرى تضمّ في صفوفها رجالاً ونساءً من أصول مسلمة، إمّا استُدعوا للخدمة الإلزامية وإمّا تطوّعوا وإمّا التحقوا بوزارة الدفاع للدراسة والتخرّج كضباط في مختلف المستويات.

وكانت الشابة الدنماركية المعنية قد اختارت خوض دراسة تسمّى "التعليم العسكري الأساسي" لمدّة أربعة أشهر، وقد سكنت مع أربع مجنّدات أخريات في الغرفة نفسها، كنّ يتابعنَ بدورهنّ الدراسة نفسها، من دون أيّ مشكلة. وتخبر زميلاتها أنّها "كانت مثلنا وكنّا نحترم خيارها بحجابها، لكن فجأة أبلغوها بوجوب نزع الحجاب أو ترك الحياة العسكرية... ما يعني أنّهم طردوها"، بحسب ما نقلته صحيفة محلية في غرب جزيرة يوتلاند، أكبر الجزر الدنماركية حيث تقع تلك الثكنة العسكرية. وقد فضّلت زميلاتها إبقاء هويّاتهنّ مجهولة.

وإثر السجال الذي أثارته قضيّة الشابة الدنماركية والمقارنات التي أجريت بين سياسة السويد، الجارة الأقرب، في ما يتعلّق بقبول المحجّبات في الجيش والشرطة وغيرها من المؤسسات الأمنية والعسكرية بما في ذلك الدفاع المدني، اضطرت وزارة الدفاع الدنماركية إلى التعليق على لسان العقيد ورئيسة قسم الاتصالات في قيادة وزارة الدفاع، سوزانا لوند، بأنّ "المسلمين مرحّب بهم (في الجيش والوزارة التي تضمّ تخصصات عدّة) من أعماق القلب، لكنّ المسألة هنا تتعلق بالزيّ العسكري الموحّد للقوات المسلحة الدنماركية". وذكرت لوند أنّ لدى وزارتها "متطلبات محدّدة للزي الرسمي للمجنّدين الذين يجب أن يظهروا موحّدين، والأمر لا يتعلق مطلقاً بالدين. فالقانون يسري على الجميع".



تجدر الإشارة إلى أنّ قوانين القوات المسلحة الدنماركية التي تقضي بالتزام العسكريين بزيّ رسمي موحّد لا تتضمّن أيّ فقرة تتعلّق بالحجاب، وهو ما دفع لوند إلى التعبير عن أسفها "لأنّ الشابة اعتقدت أنّه في إمكانها وضع الحجاب في الجيش، وهذا أمر أخطأنا نحن فيه، إذ كان يتوجّب علينا إخبارها بعدم جواز ذلك في اليوم الأوّل وفي أثناء الفحص العسكري وليس بعد انتقالها إلى الثكنة في غرب البلد"، شارحة أنّه "حين يلتحق شخص ما بالجيش، لا يسأله أحد خلال الاختبار عن ديانته إطلاقاً. وقضيّة هذه الشابة تمثّل درساً لنا في كيفيّة التصرّف مستقبلاً".



وكانت قناة التلفزة الرسمية "دي آر" قد نقلت عن الشابة، التي أجابت خطياً على أسئلتها، مصرّة على بقاء هويّتها مجهولة بسبب السجال الكبير حول القضية، قولها: "أعطيت مهلة إنذار نهائي للاختيار ما بين الحجاب وحزم حقيبتي ومغادرة الثكنة، وذلك يعني بالنسبة إليّ أن أدخل في تسوية ما لنزع هويّتي أو التخلي عن حلمي العسكري". أضافت الشابة أنّ علاقتها بالجيش بدأت في فبراير/ شباط 2019 "حين كانت وزارة الدفاع تنظم يوماً تعريفياً. في ذلك الحين، سألت عن الحجاب ولم يخبروني بأنّ ثمّة مشكلة في التطوّع مع حجاب، بل كانت توصية لي بإمكانية وضع حجاب رياضي من نوع محدد في أثناء وجودي في الجيش. وبناءً على ذلك اخترت في اليوم نفسه الالتحاق بالجيش". وتابعت الشابة أنّه تمّ قبولها في صيف 2019 كطالبة في وزارة الدفاع، وفي الثالث من فبراير/ شباط الجاري بدأت فترة جنديّتها ولم تَمضِ أربعة أيام حتى وجدت نفسها في السابع من الشهر نفسه تغادر الجيش بسبب حجابها.
المساهمون