اضطر الحداد الغزّي، أبو محمد أيوب، إلى تسريح عامليه الاثنين، بعد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال أسياخ اللحام إلى قطاع غزة، تحت ذريعة استخدامها من قبل المقاومة الفلسطينية بغزة لتطوير قدراتها العسكرية، ليحرم بذلك آلاف العاملين في قطاع الصناعات المعدنية من مصدر رزقهم.
ويقول الخمسيني الغزّي إنه بالكاد يستطيع تدبير أموره العائلية، بعد أنّ أصبحت الظروف الاقتصادية السيئة أكثر سوءاً، والتي زادت بعد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال
"أسياخ اللحام" إلى القطاع، مشيراً إلى أنّ العمل الآن بات غير مجدٍ.
ويشير أبو محمد، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ مواد مهنة الحدادة في غزه أضحت شحيحة جداً، ووصلت أسعار بعض المواد الموجودة في القطاع أكثر من خمسة أضعاف السعر القديم، مشيراً إلى أنّ علبة (كرتونة) "أسياخ اللحام"، كانت تباع بـ25 شيكلاً (6.5 دولارات)، أما اليوم فتباع ذات العلبة، والتي تحوي 5 كيلوغرامات من الأسياخ، بأكثر من 500 شيكل (128 دولارا).
وحظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي توريد "أسياخ اللحام" إلى قطاع غزة عقب العدوان الأخير، بزعم أنّ فصائل المقاومة الفلسطينية تستخدمها في صناعتها العسكرية إلى جانب عشرات السلع التي كان مسموحاً بدخولها في أوقات سابقة، ما أدى إلى وقف شبه كلي للصناعات المعدنية وتدهور عملها.
ويؤكد أبو محمد الذي يعمل في مهنة الحدادة منذ 20 عاماً أنه لا يستطيع مواصلة العمل، في ظل هذه الأوضاع السيئة نظراً لارتفاع أسعار "أسياخ اللحام"، وهو ما يعني ارتفاع أسعار المشغولات على المواطنين، غير القادرين أصلاً على إنجاز ما يلزمهم من حاجيات حديدية.
ويعيل الخمسيني الفلسطيني أسرة مكونة من سبعة أفراد جلهم من الأطفال، ويستهلكون مصاريف كثيرة، وفق قوله، في حين أنّ لديه عاملين اثنين في الورشة، واضطر إلى توقيفهما عن العمل إلى حين تحسن الوضع، وهذان العاملان أيضاً يعيلان أسرتيهما.
اقرأ أيضاً: مرصد حقوقي: ارتفاع معدلات اعتقال إسرائيل تجار غزة
ويطالب أبو محمد، وتجار وصناعيو غزة، حكومة التوافق الفلسطينية والجهات المعنية بالتدخل لإنقاذ العشرات من العائلات التي تقتات من عمل أربابها في القطاعات الاقتصادية المتدهورة في القطاع الساحلي المحاصر.
من جهته، يقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع لـ "العربي الجديد"، إنّ سياسة المنع الإسرائيلية للبضائع تأتي ضمن سياسة تعزيز الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ هناك أكثر من 5 آلاف عامل في مهنة الحدادة، والصناعات المعدنية، يعيلون 20 ألف أسرة، ستصبح خلال مدة قصيرة بلا دخل بسبب منع الاحتلال إدخال "أسياخ اللحام" بغزة.
ويشدد الطباع على أنّه إذا بدأت عملية إعمار حقيقية لقطاع غزة، فمن الضروري أنّ يتم إدخال جميع السلع والاحتياجات الممنوعة لكي تتم عملية الإعمار بشكل سليم، بما في ذلك "أسياخ اللحام" على اعتبار أنها تُشغِل فئة كبيرة من العمال.
وتضررت أكثر من خمسة آلاف منشأة اقتصادية، ودمرت 500 منها بشكل كلي في عدوان واسع النطاق، شنه الاحتلال الإسرائيلي لمدة 51 يوما متواصلة على قطاع غزة في يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، إلى جانب خسائر مادية وبشرية كبيرة.
في غضون ذلك، يحذّر الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة عماد الباز من أنّ استمرار منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي توريد "أسياخ اللحام" إلى القطاع، سيؤدي إلى شلل
تام في هذه المهنة، ولكافة المهن الصناعية في غزة في وقت قريب.
ويضيف الباز لـ "العربي الجديد": "منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأسياخ تحت ذريعة أن المقاومة تستخدمها ضمن صناعاتها العسكرية هو ادعاء غير صحيح وباطل"، مشيراً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي زاد في الآونة الأخيرة من وتيرة وضع البضائع والمواد المدخلة لغزة تحت ذريعة "الاستخدام المزدوج"، وهي الذريعة التي يستخدمها لمنع كثير من المواد من دخول القطاع.
ويحمل المسؤول الحكومي في غزة، سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الشلل التام الذي سيؤدي إلى إغلاق ورشات الحدادة في قطاع غزة، وتضرر آلاف العاملين في هذا القطاع الصناعي، مشددا على أنّ منع دخول مستلزمات هذه المهنة سيزيد الوضع الاقتصادي سوءا على أصحاب المهنة.
وفقاً لإحصائية رسمية أعدتها الغرفة التجارية بغزة فإن أكثر من 100 صنف ومستلزم أساسي بغزة، وضعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قائمة الاستخدام المزدوج، وتحظر إدخالها إلى قطاع غزة.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعتقل تجار غزة تشديداً للحصار