منظمة دولية تكشف انتهاكات المليشيات بحق نازحي الموصل

11 يناير 2017
انتهاكات وتعذيب في حق النازحين (العربي الجديد)
+ الخط -
كشفت المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان "بامرو" عن انتهاكات تمارس بحق النازحين من مدينة الموصل، شمالي العراق، وهم في مخيمات النزوح، موضحة أن تلك الانتهاكات تصدر من المليشيات، فيما أكدت أن خيم النازحين تسبب الأمراض والموت؛ كونها غير مطابقة للمواصفات؛ إذ استبدلت الخيم الأصلية التي تبرعت بها الأمم المتحدة، بأخرى رديئة وبيعت الأصلية في الأسواق".

مسؤولة الشرق الأوسط في المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان، بافوو منار، تحدثت لـ"العربي الجديد" عمّا سمتها مشاهدات حقيقية ووثائق دامغة تؤكد تورط مليشيا "الحشد الشعبي" في خروقات وانتهاكات تمارس بحق النازحين.

وقالت مسؤولة الشرق الأوسط في المنظمة البلجيكية لحقوق الإنسان، إن خروقات كثيرة رصدتها المنظمة، "أهمها غياب الوحدات الطبية الكبرى"، وجود انتهاكات "فظيعة" بحق النازحين الموجودين في مخيم حسن شام، الواقع شرقي محافظة الموصل، مبينة أنهم "يعانون كثيراً في الجانب الصحي؛ إذ لا يوجد في المخيم سوى ممرض واحد، لا يستطيع بأي حال أن يعالج الحالات المرضية المختلفة".

وأكدت بافوو منار وجود ما سمته بـ"الإهمال" في الجانب الصحي لساكني المخيم "ترتبت عليه مشكلة كبيرة جداً؛ إذ يضطر النازحون في المخيم إلى الخروج طلباً للعلاج في مستشفيات بعيدة، مما يعرضهم لانتهاكات أخرى من المليشيات".

واستطردت: "إن أغلب النازحين الذين وصلوا إلى المخيم لا يملكون أوراقاً ثبوتية؛ بعضهم هربوا بأنفسهم من دون أن يأخذوا أي مستمسكات، وآخرون سقطت بيوتهم عليهم، وغيرهم احترقت بيوتهم، وكانوا في حال صعب جداً، لم يسعفهم أن يحملوا حتى احتياجات أطفالهم الأساسية".


وأشارت إلى أن هؤلاء حين يحتاجون إلى فحوصات خاصة، أو إجراء عمليات، لا سيما أن كثيراً منهم يعانون من أمراض مزمنة، وهو غير متوفر في المخيم، تسمح لهم إدارة المخيم بالخروج والذهاب إلى المستشفيات للعلاج.


يضطر النازحون لقطع كيلومترات (العربي الجديد)


وأكدت منار أن "النازحين يضطرون لقطع عدة كيلومترات، أحياناً مشياً على الأقدام، للوصول إلى أقرب مستشفى، كون المخيم يوجد داخل صحراء، وبعيداً عن المراكز المدنية، وفي الطريق يمر سكان المخيم في أثناء ذهابهم إلى المستشفى بنقاط تفتيش عسكرية، تابعة للحشد الشعبي، وفيها تبدأ معاناتهم" كاشفة أن في هذه السيطرات يطلبون من النازحين المرضى أوراقاً ثبوتية تؤكد هوياتهم "ولا تشفع محاولات المرضى وتوسلاتهم بالسماح بالمرور دون تحقيق مُفصل".

وتابعت "من يملك أوراقاً ثبوتية يمكنه المرور بعد وقت طويل من التحقيقات المملة، أما من لا يملك هذه المستمسكات، فيدخل جلسات تحقيق مروعة. إنهم يستخدمون تعذيباً نفسياً لهم وهم مرضى، يجلسونهم في العراء، ويستمر التحقيق لأيام طويلة تصل إلى عشرين يوماً".

وقالت منار إن "بعض النازحين المرضى بحاجة إلى علاج مستعجل، لكن عناصر الحشد الشعبي أحياناً يستخدمون التعذيب الجسدي والشتائم والكلمات البذيئة في سبيل انتزاع اعترافات منهم. إنهم يتهمونهم بالإرهاب كونهم لا يملكون مستمسكات ثبوتية".

وأكدت، امتلاك منظمتها وثائق مصورة حول هذه الفظائع والاعتداءات بحق المدنيين. "وثقنا هذا الشيء ولدينا أسماء وأرقام حول أعداد الانتهاكات ونوعها وتواريخها" مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات، سجلتها المنظمة في مخيم حسن شام.

وكانت جمعية الهلال الأحمر العراقية، ذكرت في آخر بيانها، أن عدد النازحين داخل مخيم حسن شام بلغ 34 ألف شخص. 

ويقع مخيم حسن شام إلى الشرق من مدينة الموصل، وأسس من الأمم المتحدة لاستيعاب النازحين من المناطق الشرقية للموصل، من جراء المعارك التي انطلقت في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لتحرير الموصل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).


ارتكاب انتهاكات بحق نازحي الموصل (العربي الجديد)


وتشارك مليشيا "الحشد الشعبي" التي تضم مليشيات متهمة بارتكاب فظائع وانتهاكات بحق مدنيين في أوقات سابقة، في معركة الموصل.

وتنشر مليشيا الحشد الشعبي، التي تشتهر بسطوة كبيرة في العراق، مفارزها العسكرية في الشوارع الرئيسية، والمدن، وتنفذ عمليات اعتقال وتعذيب، بحسب ما وثقته جهات حقوقية محلية وعالمية.

مسؤولة الشرق الأوسط في المنظمة البلجيكية، تطرقت إلى حالات انتهاكات أخرى يتعرض لها النازحون، داخل مخيم حسن شام، كاشفة تعرض النازحين إلى سرقة من جهات لم تسمها، استبدلت الخيام المخصصة من الأمم المتحدة للنازحين بأخرى رديئة.

وأوضحت، أن "نوعية الخيام المستخدمة للأسف نوعية غير جيدة؛ إذ جرى استبدال الخيام المخصصة من قبل الأمم المتحدة" مؤكدة أن الخيام التي خصصتها الأمم المتحدة "بيعت في السوق السوداء، وأغلب الخيام التي وزعت على النازحين مصنعة تصنيعاً محلياً، لم تراع شروط الخيام الصحية؛ إذ تؤثر على عملية الاستنشاق" مشيرة إلى أن "كثيراً من النازحين، خاصة الأطفال صاروا يعانون من أمراض الربو والحساسية، لا سيما الذين مضى على وجودهم في المخيمات أكثر من عام".

وأضافت" أيضاً فإن هذه الخيام وبسبب رداءة صناعتها، وكونها غير مراعية لشروط السلامة، فهي سهلة الاحتراق، سواء كان بسبب تدخين السجائر، أو أي شعلة من النار تسهل احتراق الخيم، أو تصدر منها غازات سامة؛ لأن الخيوط التي صنعت منها الخيام غير مؤهلة طبياً وغير مطابقة لمواصفات الأمم المتحدة".

ومن الانتهاكات التي يتعرض لها النازحون في مخيم حسن شام، وفقاً لبافوو منار، "تأخر وصول الغاز المخصص للتدفئة والطبخ، والأدوية إلى مدد تصل الى 20 و30 يوماً" مبينة أن "الحكومة تعلل ذلك بتأخر السيارات التي تنقل المواد؛ بسبب إجراءات التفتيش من قبل الجهات الأمنية، وحصول اشتباكات بين القوات العراقية وتنظيم داعش، في مناطق صلاح الدين، ما يؤدي إلى قطع الطرق، وهو ما يتسبب بتأخير وصول هذه الإمدادات".  

وأضافت: "منذ نحو خمسة أيام والنازحون بلا غاز؛ بسبب تأخر السيارات التي تنقل المواد للمخيم".

وواصلت برافوو منار حديثها لـ"العربي الجديد" كاشفة انتهاكاً آخر يتعلق بـ"استغلال الأطفال من المليشيات لتشغيلهم جواسيس لهم".

وقالت "يا له من انتهاك فظيع بحق هؤلاء الصغار" مبينة أنه في زياراتها للمخيم تعمل مليشيات تابعة للحشد الشعبي باستغلال الأطفال وسرقة معلومات عن طريقهم.

وأضافت "إنهم يجعلون منهم مخبرين لهم؛ وذلك من خلال الضغط عليهم وإجبارهم على الإدلاء بمعلومات. ليس برضاهم أو مقابل أموال، ولكن بالإكراه والتهديد بالقتل للطفل أو أهله والتهديد بانتهاك الأعراض أيضاً".

ولفتت النظر إلى أن المليشيات يسعون إلى تجنيد الأطفال بعمر أقل من 15 عاماً "يستخدمون الأطفال للتجسس على المخيم. أيضاً يسألونهم من كان يصلي الفجر قبل نزوحهم حين كانوا تحت سيطرة داعش، ومن كان يتعاون مع الحسبة (جهاز أمني تابع لداعش)، ومن كان يحضر التجمعات للركن الإعلامي لداعش، ومن كان يحضر من أقاربكم وأعمامكم لهذه التجمعات" مشيرة إلى أن "الطفل لا يكذب ويقول الحقيقة بمقابل التهديد مرة والترغيب مرة أخرى لذلك هم يركزون على الأطفال في هذا الجانب دون غيرهم، ويستفسرون منهم عن إخوانهم وآبائهم وجيرانهم وأقاربهم. من كان يحضر تجمعات داعش، وليس إن كان منتمياً فقط".

يشار إلى أن أعداد النازحين في المخيمات العراقية في ارتفاع، واليوم الإثنين، أعلن المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين في العراق، ستار نوروز، أن أعداد النازحين من مدينة الموصل وضواحيها، شمالي البلاد، ارتفع إلى 169 ألفاً منذ بدء الحملة العسكرية لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم "داعش".

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن نوروز، قوله إن الارتفاع الجديد في أعداد النازحين جاء تالياً لبدء المرحلة الثانية من عمليات استعادة الموصل، في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويوجد أغلب نازحي الموصل في مخيمات "الخازر" و"حسن شام"، شرق الموصل، و"الجدعة 1 "، و"الجدعة 2"، و"الجدعة 3" جنوب الموصل.