منظمة العفو الدولية تدين "تمجيد" التعذيب في التلفزيون

18 مايو 2014
مسلسل(24 ساعة): فرق بين التمثيل واستخدامه الحقيقي (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد مرور ثلاثين سنة على معاهدة الأمم المتحدة ضد التعذيب، أدانت منظمة العفو الدولية اتساع ظاهرة سوء معاملة الأسرى والسجناء، التي جعلت من قضية الحرب ضد الإرهاب مسألةً "عادية"، وجاءت مسلسلات تلفزيونية كـ "24 ساعة" و"هوملاند" لتَضُخّ فيها تمجيداً وتعظيماً.

تحرّكت منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، وأطلقت حملة جديدة لسنتين ترمي إلى وقف التعذيب. وتؤكد هذه المنظمة غير الحكومية أنّه سُجِّلَت خلال السنوات الخمس الماضية حوادث لها علاقة بالتعذيب في 141 بلدا، منها 79 بلدا من بين الدول 155، التي وقعت على معاهدة الأمم المتحدة لديسمبر/كانون الأول 1984.

وترتكز هذه المنظمة على تحقيق تمّ إجراؤه في 21 بلدا، وشمل 21 ألف شخص، كشف خوفاً منتشرا من ممارسة التعذيب، وأكد 44 في المائة من الذين شملهم التحقيق خشيتهم من التعرض للتعذيب في حال تعرضوا للاعتقال.

وما يثير القلق أكثر هو كون 36 في المائة يَعتبرون أن التعذيب، أحيانا، شيءٌ ضروري ومقبولٌ، وذلك من أجل الحصول على معلومات تتيح حماية السكان (وهي نظرية الكثير من الساسة الأمريكان).

ومن جهته تأسَّف الهندي سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية من كون التعذيب: "أصبح مسألة عادية، تقريبا، بل ومسألة روتينية". ومن هنا كانت الحاجة إلى هذه الحملة التي اتخذت شعار: " لِنُوقف التعذيب!". وأضاف أنه "منذ ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب، أصبح استخدام التعذيب في الولايات المتحدة الأميركية، بشكل خاص، وفي مناطق تأثير أميركا، مسألة عادية، بشكل كامل"، مُفسِّراً الأمر بـ"انتظارات الناس، في ما يخصّ الأمن القومي."

وبالنسبة إلى مديرة الفرع البريطاني لمنظمة أمنيستي، كايت ألن، فإن هذا التأييد مرتبط بالشعبية التي تحظى بها المسلسلات التلفزيونية التي تتطرق إلى التجسس، وخصوصا الجانب الأشد عنفا فيها. وتكشف السيدة كايت ألن أنّ مسلسلـَي "24 ساعة" و"هوملاند" مَجَّدا التعذيب خلال جيل بأكمله، ولكنها تستدرك، قائلة: "يوجد فرق هائلٌ بين التمثيل السينمائي، الذي أبدعه كُتّابُ السيناريو، وبين استخدامه الحقيقي من قِبَل عُملاء الحكومة في قاعات التعذيب".

ويلاحظ حسب تحقيق "غلوب سْكاَن"، أن ممارسة التعذيب تحظى بتأييد متفاوت بين دول العالَم، فهي مثلا تحظى بتأييد 74 في المائة في الصين والهند، بينما لا يوافق عليها سوى 12 في المائة في اليونان، التي عرفت في زمنها غير البعيد سطوة العسكر، و15 في المائة في الأرجنتين، التي اكتوت، هي الأخرى ومجموع دول أميركا اللاتينية، تقريبا، بحالات التعذيب الرهيبة إبّان وجود الدكتاتوريات العسكرية في السلطة. وإذا كان التحقيق لم يشمل فرنسا فإن الخوف من التعذيب في المملكة المتحدة هو الأضعف في دول العالم، وأعلن 29 في المائة من البريطانيين دعمهم للجوء السلطات إلى استخدام التعذيب.

وإذا كانت ممارسة التعذيب لا تقتصر على بلدان بعينها، فإن هذه الحملة الجديدة لمنظمة أمنيستي، التي فازت سنة 1977  بجائزة نوبل للسلام، بسبب دورها في إرساء السلم العالمي ومحاربتها لكل أشكال التعذيب والتمييز، ركّزت على خمس دول، وهي المكسيك، التي يعترف مقرر الأمم المتحدة الخاص فيها أن "التعذيب أصبح مُستوطِنا فيها"، خصوصا في ظل الحرب المعلنة بين عصابات مافيا المخدرات والدولة، والفلبين حيث لا يزال البلد يعيش انتفاضة لحركات انفصالية إسلامية مسلحة، والمغرب، الذي لم يستطع حتى هذه الساعة تصفية صراعه، الذي ابتدأ سنة 1975 مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، ونيجيريا، عملاق القارة الإفريقية، التي تشهد صراعات دامية بين مكوناتها الإسلامية والمسيحية، ثم أوزبكستان، التي تخضع لنظام توتاليتاري رهيب، يقمع كل صوت معارض.

وفي المختصر، حسب منظمة العفو الدولية أمنيستي، فالتعذيب "يُشكِّلُ جزءاً من الحياة" في مجموع قارة آسيا، كما أنه يُمارَسُ في سوريا الأسد "على مستوى صناعيّ"، منذ اندلاع الثورة السورية، أما في قارة أفريقيا فإن التعذيب لا يُعالَج، بشكل صحيح، في القوانين المحلية.

ولا تَشُذُّ الولايات المتحدة الأميركية ودول الشرق الأوسط عن القاعدة، وهنا يُشير الأمين العام لمنظمة أمنيستي إلى "استخدام الولايات المتحدة القسوة تجاه سجنائها، الذين يوضعون في سجون انفرادية، ويمنع عنهم الضوء"، في حين يُمارَس الرجم والجلد، على شكل واسع، في دول الشرق الأوسط، ويُذكِّرُ دول أوروبا بـ"فشلها الثابت" في التحقيق حول ادعاءات التواطؤ في قضايا التعذيب.

 

 

المساهمون