منظمات حقوقية تطالب غوتيريس بإدانة منتهكي حقوق الأطفال

21 ابريل 2020
يعاني أطفال اليمن من آثار الحرب المدمرة (Getty)
+ الخط -

ناشدت مجموعة من المنظمات غير الحكومية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عدم الخضوع لضغوطات الدول النافذة والقوية، وأن يدرج تلك الدول في "قائمة العار" لمرتكبي انتهاكات جسيمة في الحروب والنزاعات ضد الأطفال.

وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقد عبر دائرة مغلقة للصحافيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بمناسبة إصدار المنظمات تقريراً يشمل توصيات حول الدول التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات المسلحة بشكل صارخ. وصدر التقرير عن "واتش ليست" وهو ائتلاف، أُسس عام 2001، لمنظمات غير حكومية مدافعة عن حقوق الإنسان مثل "هيومان رايتس واتش"، ومنظمات تعمل في مجال تقديم المساعدات الإنسانية مثل "ورلد فشن"، لمراقبة ومحاربة الانتهاكات ضد الأطفال في مناطق النزاعات.

ودعت المنظمات الأمين العام إلى إدراج قوات إضافية وقوات تحالف في قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، والمعروفة باسم "قائمة العار"، والتي تصدر ضمن ملحق لتقريره السنوي حول انتهاكات حقوق الأطفال في النزاعات المسلحة. ومن ضمنها القوات الجوية الروسية في سورية، وقوات التحالف في أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة، والقوات الإسرائيلية لانتهاكاتها ضد الأطفال الفلسطينيين، والتحالف بقيادة السعودية والإمارات وانتهاكاته ضد أطفال اليمن. ويأتي هذا النداء في وقت يحضر غوتيريس لإصدار تقريره السنوي حول الأطفال والنزاعات المسلحة، المتوقع صدوره في شهر يونيو/حزيران القادم.

وكانت منظمات حقوق الإنسان قد وجهت في السنوات الماضية انتقادات حادة للأمين العام، ورأت أنه يضعف من هيبة التقرير عندما لا يضع أياً من الدول التي مارست انتهاكات خطيرة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة ضمن "قائمة العار".

وزاد الطين بلة قرار غوتيريس في السنوات الماضية إضافة تقسيم جديد إلى القائمة يدرج فيه الدول التي "تتعاون وتتخذ إجراءات لمنع وقوع الضحايا من الأطفال"، وهي نفس الدول أو الجهات التي يشير التقرير إلى أنها ارتكبت الخروقات. كان الهدف من إضافة القائمة إلى التقرير الضغط على الدول لاتخاذ خطوات جدية، لمنع استهداف الأطفال في النزاعات المسلحة. واضطرت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة لسحب تلك الأسماء بعد ضغوطات شديدة من تلك الدول، بما فيها إسرائيل والتحالف بقيادة السعودية. لكن مع تقسيم غوتيريس لتلك القائمة على النحو المذكور وغياب دول عنها مثل إسرائيل والتحالف بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، فإن غوتيريس يسيّس التقرير بحسب ائتلاف المنظمات.

ويشير التقرير الذي جاء في أكثر من ثلاثين صفحة إلى انتهاكات جسيمة تمارس في عدد من مناطق الصراعات، ضد الأطفال والبنية التحتية المدنية في أكثر من خمس عشرة دولة ومنطقة. وأبرزها في العالم العربي والشرق الأوسط، كسورية واليمن وليبيا وفلسطين والسودان والعراق وأفغانستان.

وفي ما يخص سورية، تشير المنظمات إلى أن تقرير الأمين العام يوثق انتهاكات ضد الأطفال والبنية التحتية من قبل عدد من الأطراف، ومن بينها القوات الحكومية والمليشيات الموالية للحكومة السورية، في ما يخص التجنيد والقتل والتشويه والاغتصاب وأشكال أخرى للعنف الجنسي والهجمات على المدارس والمستشفيات. كما يدرج هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة كمنظمات متورطة كذلك في تجنيد الأطفال وقتلهم وتشويههم. إضافة لإدراجه جماعات منتسبة للجيش السوري الحر وجيش الإسلام ووحدات حماية الشعب الكردي كجهات تقوم بتجنيد الأطفال، ناهيك بتنظيم "داعش".


لكن المنظمات ترى أن هذا غير كافٍ وتوصي الأمين العام بإدراج جهات إضافية في "قائمة العار"، من بينها القوات الجوية الروسية. وتشير في هذا السياق: "دخلت قوات الفضاء الروسية النزاع السوري المسلح في سبتمبر 2015، وعلى الرغم من الاشتباه ومنذ فترة طويلة بأنها تقف وراء غارات جوية استهدفت المدنيين بشكل عشوائي، بما في ذلك الهجمات على المدارس والمستشفيات، إلا أنه كان من الصعب العثور على أدلة مباشرة لتورط روسيا في ذلك ناهيك بنفيها مسؤوليتها".

ويشرح التقرير أن تحقيقا مكثفا لصحيفة "نيويورك تايمز"، تمكن من الحصول على أدلة تحدد مسؤولية روسيا عن الغارات الجوية. واعتمد التحقيق على تسجيلات صوتية بين طياري سلاح الجو الروسي وبين ضباط المراقبة الأرضية في سورية. وتم تعزيز هذه النتائج بتقارير "لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية"، التابعة لمجلس حقوق الإنسان. إضافة إلى منظمات غير حكومية مستقلة كـ"هيومان رايتس واتش" ومنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان".

وفي ما يخص اليمن، يشير التقرير إلى أن الأمين العام أدرج القوات الحكومية اليمنية، بما فيها القوات المسلحة اليمنية، في أحدث تقرير سنوي له عن تجنيد الأطفال واستغلالهم. كما أدرج التحالف بقيادة السعودية والإمارات ضمن قائمة الدول المتهمة بقتل وتشويه الأطفال في اليمن، إضافة إلى إدراجه أربع منظمات ومجموعات مسلحة لاستخدامها الأطفال وتجنيدهم في صفوفها ومن بينها جماعة "أنصار الله"، وتنظيم القاعدة، والمليشيات الموالية للحكومة، وقوات الحزام الأمني. ناهيك بإدراجه "أنصار الله" ضمن قائمة المسؤولين عن قتل وتشويه الأطفال والاعتداء على المدارس والمستشفيات. 



وينتقد التقرير الأمين العام وتقريره السنوي الصادر عام 2019، لأنه لم يدرج التحالف ضمن قائمة الدول التي استهدفت المستشفيات والمدارس في عام 2018، على الرغم من تأكيد تقارير الأمم المتحدة ضلوعه بـ12 هجوما على مدارس وثلاثة على مستشفيات. ويردف أن التحالف، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر للعام 2018، خفض عدد الغارات الجوية التي أثرت على المدنيين بحسب الأمم المتحدة. إلا أن هجماته على المدارس والمستشفيات استمرت عام 2019 ودمرت عددا منها في الأشهر الستة الأولى منها. ويوصي التقرير بأن تستمر الأمم المتحدة في التحقيق حول تجنيد الأطفال من قبل التحالف في الحرب في اليمن.

ويلفت تقرير ائتلاف المنظمات الانتباه إلى أن تقرير الأمين العام السنوي الصادر العام الماضي سجل انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الأطفال في عدد من الدول، بما فيها ليبيا ولبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والهند، لكنه فشل في إدراج أي من أطراف النزاع ضمن الملحق وقوائمه، ولعل أبرزها الانتهاكات الإسرائيلية، حيث سجل التقرير مقتل 59 طفلا فلسطينيا وجرح 2756 أغلبيتهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى الرغم من الرقم الضخم في عام 2018، إلا أن الأمين العام لم يضع إسرائيل ضمن أي قائمة من القوائم المرفقة بملحقه ضمن تقرير العام الماضي. ويردف أن انتهاكات حقوق الأطفال الفلسطينيين، بما فيها قتل وجرح المئات منهم العام الماضي على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، استمرت، ويوصي التقرير بإضافتها ضمن المحلق الخاص بالقوائم في التقرير المنتظر صدوره في يونيو/حزيران.