وجّهت عدة منظمات تونسية انتقادات واسعة إلى مشروع قانون المصالحة الوطنية، وصلت إلى حدّ اعتباره بالقانون الخطير، وبأنه خرق للدستور.
ووقّعت عدة منظمات وتنسيقيات تونسية بيانا للتعبير عن رفضها الشديد لهذا المشروع، وتضم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والنساء الديمقراطيات، وجمعية عدالة وردّ الاعتبار.
وقال عبدالستار بن موسى، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ"العربي الجديد"، على هامش ندوة صحافية، أمس الأربعاء، في مقر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خصصت للتنديد بهذا المشروع، إنّ مشروع المصالحة الوطنية يعتبر خطرا على مسار العدالة الانتقالية، وهو مخالف للدستور. مبينا أن الفصل 148 يفرض على الدولة التونسية تطبيق منظومة العدالة الانتقالية، انطلاقا من كشف الحقيقة، ثم المساءلة والمحاسبة.
وأوضح بن موسى أن العدالة الانتقالية تأخرّت كثيرا في تونس، مبينا أنهم مع المصالحة، ولكن لا يجب المرور مباشرة إلى المصالحة، إذ يجب أن تتم في إطار العدالة الانتقالية.
وذكر أنه بالصيغة الحالية التي طرحت للمصالحة، فإن هناك تشجيعا على الفساد مستقبلا ودعوة للتمادي في الفساد، وقال إنه كان من الأفضل استشارة الهيئات الرسمية التي تهتم بالعدالة الانتقالية، وكذلك هيئة مقاومة الفساد، قبل الإعلان عن مثل مشروع هذا القانون.
وأشار إلى أنه لا يوجد في أي قانون في أي دولة مصالحة تتم من قبل السلطة التنفيذية، إذ يجب أن تبقى مثل هذه الهيئة مستقلة وبعيدا عن نفوذ السلطة، هذا إلى جانب إمكانية تبديد المال العام على مثل هذا المشروع.
وانتقد بن موسى هذا المشروع بشدة، مؤكدا أنهم سيطالبون بسحبه أو تعديله في صورة مروره إلى مجلس نواب الشعب.
من جهة أخرى، اعتبر رضا الرداوي، محام وناشط حقوقي، أنّ احتكار السلطة التنفيذية لمسار المصالحة فيما يتعلق بقضايا الفساد المالي والاعتداء على المال العام، غير مقبول بالمرة، مضيفا لـ"العربي الجديد" أنّ هذا الأمر يستبعد الدور الرقابي للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، ويستبعد الدور الرقابي للقضاء.
واعتبر أن اللجنة التي ستتكون من صلب رئاسة الحكومة ستكون قراراتها غير قابلة للطعن بأي وجه من الأوجه، ما سيمكّنها من اتخاذ قرارات بكامل الحرية وبدون أدنى رقابة عليها.
وأكد أن هذه اللجنة ستتصرف في مئات المليارات التي تمت سرقتها منذ العهود البائدة، وأنها لن تخضع لأي رقابة، وذكر أنها ستكون بذلك لجنة مؤهلة للفساد المالي وإلى إهدار المال العام مجددا.
اقرأ أيضا: "نداء تونس" يتبرّأ من تصريحات ساركوزي حول الجزائر
وقال إنّ الموظفين العموميين والمديرين السابقين والوزراء ضمن أجهزة الدولة التونسية، ممن سبق وأن ارتكبوا مخالفات مالية في فترة الاستبداد، سيعفون وبشكل آلي وبدون أدنى محاسبة أو مساءلة من جميع المخالفات التي قاموا بها، وبذلك لن يتم ردّ الاعتبار للمتضررين، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنه، ووفق هذا المشروع، ستصبح هناك عدالة انتقالية بوجهين، واحدة خاصة بعموم الشعب تخص الانتهاكات الممارسة على الشعب وتنظر فيها هيئة الحقيقة والكرامة، ولجنة أخرى ستخصص للفساد المالي وإهدار المال العام تنظر فيها السلطة التنفيذية، وهو ما من شأنه أن يربك مسار العدالة الانتقالية.
في السياق ذاته، أكد عمر الصفراوي، رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية لـ"العربي الجديد" أنّ مشروع المصالحة يعتبر خطيرا جدا؛ لأنه مخالف للدستور، وتحديدا الفقرة التاسعة، والتي بمقتضاها تلتزم الدولة بضمان منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها.
واعتبر أن هذه المبادرة تعتبر تراجعا واضحا عن التزام الدولة بتحقيق العدالة، مبينا أن هذه المبادرة، وبما أنها صادرة عن رئاسة الجمهورية، فإنها ستكون خطيرة.
وأكد مسعود الرمضاني، ناشط حقوقي لـ"العربي الجديد"، أنّه يجب احترام القانون، والتكريس للعدالة الانتقالية، مبينا أنه سيتم التأكيد على خطورة ما يقع، والدعوة إلى القيام بتحركات منظمة من قبل مكونات المجتمع المدني، للتنبيه إلى خطورة ما يحدث وتجاوز ما يحصل.
وشدّد على أن كل القوانين التي تمس حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي، سيتم التصدي لها لكي لا تمرّر.
اقرأ أيضا: اعتداءات سوسة التونسية تعجّل بولادة قانون الاٍرهاب