منصب ليون الجديد في الإمارات يعزز تهمة انحيازه بليبيا

06 نوفمبر 2015
ليون نفى تفضيله طرفا ليبيّاً على آخر(أود اندرسن/فرانس برس)
+ الخط -

لم يتأخر المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، الذي تنتهي مهمته الليبية اليوم رسمياً، في إعادة إحياء السجال حول دوره في ليبيا، خلال فترة رئاسة البعثة الأممية وإشرافه على الحوار بين الأطراف الليبية، معززاً الاتهامات التي كانت توجّه إليه طوال الفترة الماضية بانحيازه إلى طرف دون الآخر في الصراع الليبي.
فقد أعلنت الأكاديمية الدبلوماسية في الإمارات، التي يتولى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان منصب رئيس مجلس أمنائها، تعيين ليون مديراً عاماً لها. ويأتي الإعلان هذا بعدما كان مجلس الأمن الدولي وافق الأسبوع الماضي على تعيين الألماني مارتن كوبلر كمبعوث جديد للمنظمة الدولية إلى ليبيا خلفاً لليون الذي تولى هذا المنصب منذ منتصف العام الماضي.
لكن سرعان ما كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن قرار ليون بتسلّم إدارة الأكاديمية، لم يتخذه بعد انتهاء مهمته في ليبيا، إذ أشارت إلى أنه قضى الصيف يتفاوض على تسلّم الوظيفة التي سيحصل فيها على مرتب بقيمة 35 ألف باوند بريطاني شهرياً (حوالي 54 ألف دولار). وقد حاول ليون نفي أي تضارب في المصالح، وخصوصاً في ظل الدور الإماراتي في ليبيا والذي بلغ حد توجيه ضربات إمارتية مصرية عسكرية ضد خصوم الجيش الموالي لمجلس نواب طبرق، المنحل بحكم من المحكمة الدستورية. وأوضح أنه كان يريد ترك دوره الأممي في الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي. وكتب في رسالة لصحيفة "الغارديان": "الدفاع الوحيد لديّ ضد هذه الهجمات هو عملي، اقرأوا مقترحاتي، الاتفاق واقتراح الحكومة. وقد اعتُبر من قبل ليبيين من كلا المعسكرين مقترحاً عادلاً"، كما ادعى ليون.

لكن الصحيفة البريطانية كشفت أن رسائل عبر البريد الإلكتروني اطلعت عليها، تُظهر أن منصب المدير العام في المؤسسة الإماراتية عُرض على ليون في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وبعدها بشهر جرت مفاوضات حول بدل السكن الذي سيُقدّم له. وفي أغسطس/ آب الماضي، قال ليون إنه سوف يسافر مع عائلته ليستقر في أبو ظبي، وفق الصحيفة.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ كشفت "الغارديان"، أنه بعد خمسة أشهر فقط من تعيينه وسيطاً في ليبيا، بعث ليون رسالة إلكترونية بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2014 إلى وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، من حسابه الشخصي، أبلغه فيها أنه بسبب بطء التقدم في المحادثات الليبية فإن الولايات المتحدة وأوروبا تسألان عن "خطة ثانية (بديلة) للمفاوضات، وإقامة مؤتمر للسلام الكلاسيكي، وهذا هو في رأيي، خيار أسوأ من الحوار السياسي، لأنه سوف يعامل كلا الطرفين في ليبيا كفاعلين متساويين"، بحسب كلام ليون.

وفي تأكيد لانحيازه إلى جانب طرف ضد آخر في ليبيا، قال ليون في رسالته إن خطته هي "كسر تحالف خطير جداً" بين التجار الأثرياء في مصراتة والإسلاميين، وهو تحالف يحافظ على المؤتمر الوطني العام الليبي، المنتهية ولايته، واقفاً على قدميه، بحسب ما ورد في الرسالة. وأكد ليون أنه "يريد تعزيز مجلس النواب الليبي"، بحسب "الغارديان".

كما أعلن أنه "لا يعمل على خطة سياسية من شأنها أن تشمل الجميع" في ليبيا، متحدثاً عن وجود استراتيجية لـ"نزع الشرعية تماماً" عن المؤتمر الوطني. وقال إنه يتشاور في كل اقتراحاته مع مجلس النواب الليبي والسفير الليبي لدى الإمارات عارف النايض ورئيس الوزراء الليبي السابق محمود جبريل، كما كشفت "الغارديان". وجاء أيضاً في الرسالة التي كشفت عنها الصحيفة البريطانية، قول ليون لوزير الخارجية الإماراتي: "أستطيع أن أساعد وأسيطر على العملية (في ليبيا) بينما أنا هناك. ولكن، كما تعلمون أنا لا أخطط للبقاء لفترة طويلة... ويُنظر إليّ على أنني منحاز لصالح مجلس النواب الليبي. نصحت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بالعمل معكم".

اقرأ أيضاً: نوري أبوسهمين لـ"العربي الجديد":الحلّ الليبي بلا غالب أو مغلوب

لكن ليون نفى في رسالته إلى "الغارديان"، أنه كان يفضّل أي طرف في الصراع، قائلاً إنه قدّم "اقتراحاً منصفاً" لإنهاء الحرب الليبية. وأشار إلى أنه أجرى اتصالات مماثلة بالعديد من الدول الأخرى التي تدعم الطرف الليبي الآخر، وفق قوله.

كما ادعى أنه تم التلاعب بالرسائل الإلكترونية، وتقديم وجهة نظر محددة فقط من دوره. وأضاف أنه كان ينوي الاستقالة من منصبه في ليبيا في أوائل يناير/ كانون الثاني الماضي ويتسلّم منصباً أكاديمياً في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه بعد أشهر عدة حين كان عقده مع الأمم المتحدة على وشك الانتهاء، بدأ مناقشة عمله المستقبلي.
ومن شأن هذه المعلومات والرسائل التي كشفتها "الغارديان" أن تعزز الاتهامات التي كانت توجّه للمبعوث الأممي بالوقوف إلى جانب طرف في الصراع الليبي، وتحديداً إلى جانب مجلس نواب طبرق، وسط توقعات بأن يكون لها تأثير على دور الأمم المتحدة في ليبيا.
وفي السياق، وجّه الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الليبي، نوري أبوسهمين، أمس الخميس، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طالبه فيها بتوضيح موقفه من تعيين ليون مديراً للمؤسسة الإماراتية.

وقال أبوسهمين في الرسالة التي نشرتها قناة "الجزيرة"، إن "تعيين الوسيط الأساسي الذي عهد إليه بأمانة ومهمة الوسيط المحايد والنزيه لتسيير التوافق بين الشعب الليبي بكافة أطيافه، في منصب مرتبط ارتباطاً عضوياً بدولة أقحمت نفسها طرفاً أساسياً في النزاع القائم بليبيا، يُعدّ شبهة غير مسبوقة لدور يجب أن يكون حيادياً". ولفت إلى أن "توقيت هذا التعيين يأتي في وقت حساس بالنسبة للشعب الليبي الذي يُطلب منه القبول والتسليم باقتراحات ليون باعتبارها اقتراحات نزيهة ومحايدة"، مشيراً إلى أن هذا الأمر يمثّل "استهتاراً بدماء الشعب الليبي وتضحياته منذ بدء ثورة 17 فبراير".

وطالب أبوسهمين بان بتوضيح موقفه وموقف الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن حيال هذا التعيين، الذي اعتبر أنه "يشكك في مصداقية رئاسة ليون لبعثة الدعم في ليبيا، والذي يهدد بنسف المسار السياسي".

وكان أبوسهمين قد تطرق في حوار مع "العربي الجديد" قبل يومين، إلى ملاحظات سلبية كثيرة على جهود ليون، لافتاً إلى أن الأساس الذي بنى عليه ليون الحوار كان هشّاً جداً.

وشهدت مساعي ليون حيال الأزمة الليبية والاقتراحات التي قدّمها انتقادات كثيرة، إذ لفتت اللجنة السياسية في المؤتمر الوطني قبل بضعة أيام إلى فشل ليون الظاهر في رعاية الحوار، محذرة من أن استمراره في منصبه "سيؤدي إلى انهيار العملية الحوارية بالكامل". كما كان مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، قال إن "طريقة ليون في إدارة الحوار مربكة في كثير من الأحيان، ولم تكن تساعد الأطراف المتحاورة على الوصول إلى حل".

اقرأ أيضاً: ليبيا... حصيلة 11 جولة حوار مهددة بالتبخُّر

المساهمون