هل ما زلت تحلّي كوب الليموناضة أو فنجان الشاي، بالمحلّي الصناعي ذي السعرات الحرارية القليلة؟! هل تشرب الكولا "دايت" أو تمضغ العلكة الخالية من السكر باستمرار، وتتناول حبات السكاكر الملونة؟
اقرأ جيداً محتويات قهوتك السريعة الذوبان على الغلاف، وكل الأطعمة والمشروبات المخصصة للحمية، والمياه الغازية، والوجبات السريعة التحضير، وكذلك وجبات أطفالك الجاهزة، والمشروبات الملينة للأمعاء، والمكونات المضافة للبن. ولا تنسَ الاطمئنان على محتوى الأدوية التي تتناولها، وإن كنت رياضياً عليك الانتباه لمحتويات الأغذية المخصصة للرياضيين.
القائمة طويلة جداً، وتفوق بأضعاف المنتجات التي ذكرناها، ولكن عليك قبل كل شيء أن تبحث عن كلمة "أسبارتام" Aspartame في المكونات، وإن لم تجدها ابحث عن الرمز E951 الدال على الأسبارتام، وكذلك الرمز E962 وهو ملح الأسبارتام. وعندها قرر هل تشتري هذا المنتج أم تستغني عنه؟
إن كنت تظن أن المحلّي الصناعي، أو منتجات "الدايت" أو "اللايت" هي البديل الآمن والذي يقودك نحو النحافة أو يخفض لديك معدلات السكر في الدم، فعليك أن تراجع حساباتك وتعيد النظر في ما تتناوله.
المحليات الصناعية كثيرة، تجدها على شكل مسحوق أبيض، أو حبات بيضاء صغيرة، حلاوتها تفوق 220 ضعفاً حلاوة السكر، والأسبارتام تحديداً مادة كيماوية صناعية اكتشفها بالصدفة الباحث الطبي الأميركي جيمس شلاتر، في العام 1965. وهي تتجزأ عند هضمها إلى ثلاثة عناصر (حمض الأسبارتيك والفينيل ألانين وكمية صغيرة من مادة الميثانول)، ويتم استيعابها في الدم وتركزها في أنسجة الجسم المختلفة.
قد لا تهمك تركيبة الأسبارتام، ولكن من الجيد أن تعرف الأسباب التي تجعل من هذه المادة موضوع جدل مستمر ومتواصل، حول سلامة تناولها ومخاطرها على صحة البشر، حتى تقرر إن كنت ستتوقف عن تناولها أم تستمر في شرائها.
جدل قديم جديد
الجدل المتعلق بالمحليات الصناعية ليس جديداً، فمنذ لحظة تصنيع تلك المواد في أميركا، والصراع محتدم بين المؤيدين والمستفيدين من تصنيعها من جهة، والمعارضين لها من قطاعات طبية ومستهلكين من جهة ثانية.
عندما تضع كلمة أسبارتام على محرك البحث الإلكتروني، تظهر مئات المقالات المؤيدة ومثلها ما هو معارض. وهناك مواقع إلكترونية مخصصة بالأسبارتام وظيفتها إقناع الناس بشرائه. ولكن ما قد يجعلك تأخذ موقفاً لصالح صحتك وصحة أطفالك، هو إدراك لعبة السوق الاستهلاكي، التي تساندها كبريات وسائل الإعلام، فتقرأ كيف أن منتجي هذه المواد الصناعية يدفعون الأموال الطائلة لهيئة الغذاء والدواء الأميركية، ومنظمة الصحة العالمية، وجمعية مرضى السكري الأميركية، ويمولون دراسات الباحثين ومراكز الأبحاث وغيرها من أجل "تبييض" صورة الأسبارتام، كونه بات يستهلك في الصناعات على نطاق واسع، وكلفة انتاجه أقل بكثير من كلفة استخراج السكر.
فالشركة المصنعة للأسبارتام حاولت الحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية على مدى 16 عاماً، وفي كل مرة كانت الهيئة ترفض إنتاجه، كونه غير صالح لاستخدام البشر ويشكل خطراً على الصحة. ولكن انقلبت المعايير في العام 1982 ونال موافقة الهيئة، وصار الأسبارتام صالحاً للآدميين، مع العلم أن تركيبته لم تتغير.
ومن التناقضات المحيرة أن منظمة الصحة العالمية حددت كمية الاستهلاك اليومي المقبول منه بحوالي 40 ملغ/ لكل كلغ من وزن الجسم، لكنها أشارت إلى المركب دي كيتوبيرازن (وهو شائبة موجودة في الأسبارتام) وحددت تناوله بـ 5.7 ملغ/ لكل كلغ. وهنا نسأل كيف نأخذ كمية الأسبارتام المشار إليها (40 ملغ) طالما أن الشائبة موجودة فيه؟
وبما أن منطق الاستهلاك نفسه يحكم العالم، أصدرت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية تقريراً في العام 2013، يشير إلى أن محلي الأسبارتام الصناعي لا يمثل أي خطر على صحة الإنسان.
هل يضر النساء الحوامل؟
ينبه الكثير من الأطباء والباحثين من مخاطر الأسبارتام على الصحة، ويشيرون إلى أن على كل من يشعر بأعراض مثل أوجاع الرأس، الصداع النصفي، تشوش الذهن، التعب، الأرق، غثيان، خدر، صعوبة في التنفس، آلام في المفاصل، ضعف في حاسة الذوق، طنين في الأذن، وغيرها الكثير، لا تكتفي بالبحث عن الأسباب العضوية لهذه الأوجاع، فربما يكون الأسبارتام أحد مسبباتها.
الطبيب الأميركي الاستشاري دين رافلوك يجيب السيدات الحوامل بكلمة "لا" قاطعة، عندما يسألنه عن إمكانية تناول منتجات تحتوي على الأسبارتام. ويشير إلى أن مضار الأسبارتام سامة ليس فقط على الأم الحامل وإنما على الجنين أيضاً.
ويستغرب رافلوك كيف أن جمعية السكري الأميركية توصي باستخدام الأسبارتام للنساء الحوامل والمرضعات، على رغم احتوائها سموماً تؤثر على الجهاز العصبي للأجنة والرضع، مشيراً إلى أن آثاره تتركز في المشيمة، ويمكنها أن تضخم مستويات مادة الفينيل آلانين (تسبب أوراماً في الدماغ وخللاً في توازن الناقلات العصبية) في الدم، بنسبة تصل إلى 400-600 في المئة لدى الأجنة.
ويؤكد أن الرضع أكثر حساسية للسموم بأربع مرات من البالغين، مشيراً إلى أن سموم الأسبارتام يمكن أن تنتقل إلى الرضع عبر حليب الثدي. ولفت إلى أن الأعراض الناجمة عن تراكم الأسبارتام في الجسم، تتوافق مع أعراض مرض الرعاش(باركنسون) وألزهايمر.
أعراض جانبية وإعلانات مضللة
بدرورها تعدّد الدكتورة الأميركية جانيت ستار هول على موقعها الالكتروني، 92 عارضاً جانبياً يسببه الأسبارتام على الصحة. وتقول: "الأسبارتام يذوب في السوائل، وعند تناوله، يتنقل في جميع أنحاء الجسم، ويستقر في أي من أنسجته، على عكس ما يقوله المنتجون بأنه لا يتراكم في الجسم. والجسم يهضم الأسبارتام على عكس السكرين. وتظهر آثاره على شكل ضعف جسدي وجيني". وتوضح أن " الفحوصات المخبرية أو الأشعة السينية لا تحدد إذا كانت الأعراض سببها الأسبارتام. فلا بد من مراقبة نوعية أطعمتنا ومشروباتنا، والتأكد من عدم احتوائها على الأسبارتام".
وحذرت من تناول المشروبات الغازية، وقالت:" في العام 2007 أطلق في الأسواق منتج جديد "دايت كوك بلاس"، يشير إلى خلوه من السكر وبأنه مصدر جيد للفيتامينات والمعادن"، مبينة " أن أي فيتامينات أو معادن عند اختلاطها بمواد كيماوية سامة يتم تدميرها، فالسموم ذاتها التي تشكل الأسبارتام تجعل هذا المنتج سيئاً كالذي سبقوه. لم يتغير شيء". وتعتبر أن "الشركة تقوم بإخفاء الحقيقة عن المستهلكين، وتوهمهم بأن إضافة الفيتامينات والمعادن إلى مشروبها يجعله آمناً. إنه تسويق مضلل".
الأسبارتام واحد من ستة أنواع من المحليات الصناعية والخمسة الأخرى هي (السكرين، السكرالوز، السيكلامات، النيوتيم، سيسلفام البوتاسيوم) ولكل منها مخاطرها على الصحة. كل ما علينا هو اعتماد المبدأ القائل: "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، فلنبدأ بالوقاية.
اقرأ أيضاً:هل يضرّ جهاز المايكرويف بصحة أطفالنا؟