27 ابريل 2016
مناضل مغدور في السفارة
انتهك جهاز الموساد، المكلف بــ "المهمات الخاصة"، حسب منطوق تسميته باللغة العبرية؛ سفارة فلسطين في العاصمة البلغارية صوفيا، وقتل المناضل عمر النايف الذي لجأ إلى سفارة بلاده. كانت تلك، فضلاً عن كونها جريمة إرهابية، عملاً ذا مقاصد سياسية وأمنية، تلخصها رسالة تقول: لا أمن لفلسطيني يكون قاوم الاحتلال وقطعان مستوطنيه، ولا حصانة ولا اعتراف بمكانة أية سفارة فلسطينية، مهما أعطتها الدول المضيفة من الحصانة، ولا تقوى سفارة فلسطينية، على محض الدفاع عن مقرها من داخله، قياساً على ما وقع في سفارة فلسطين في صوفيا التي هاجمها إرهابيو الموساد.
خلال فترة لجوء الشهيد النايف إلى سفارة بلاده، عومل من السفير الفلسطيني لدى بلغاريا بجلافة مشهودة، وبالتطيّر الذي يلامس الكراهية.
أما الحاكمون البلغار ومصالحهم الأمنية، فلا بد أنهم متواطئون في اغتيال النايف، فهم، أصلاً، مثقلون بقرار فتح سفارة لفلسطين، والاعتراف بها دولة، والتعامل معها على هذا الأساس. فقد ورثوا القرار عن العهد السابق، قبل سقوط الاتحاد السوفييتي، ولأنهم يطرحون أنفسهم باعتبارهم ممثلي عهد جديد، يُعلي من شأن الدولة، ويحترم الدستور، ويأخذ بالديمقراطية؛ حافظوا على التزامات الدولة حيال القضايا ذات المرجعيات الأممية، فأبقوا على مستوى الاعتراف، لكنهم، في الممارسة السياسية، تصرفوا وكأن فلسطين ليس لها سفارة دولة، ولم يقدموا اعتراف حكومتهم بها. رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، الذي زار إسرائيل في الشهر الماضي، قال أمام الجالية البلغارية في الدولة العبرية (وهذه نفسها التي سمت نفسها جالية يهودية في بلغاريا، قبل أن تستوطن فلسطين): "إنني وبنيامين نتنياهو صديقان جيدان، كما أن إسرائيل وبلغاريا بلدان صديقان حميمان"!
على هذه الأرضية، لا بد أن يكون قد اتفق الصديقان، من بين ما اتفقا عليه، على تصفية عمر النايف. فنتنياهو يسعى إلى تعزيز شعبيته عند المتطرفين، وعملية تصفية النايف بالنسبة له، عملية ثأر لمستوطن. وكان رئيس الوزراء البلغاري، في زيارته تلك، قد أكد على أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتطابق موقف البلغار منها، سواء كانوا من الأحزاب اليمينية أو اليسارية.
ليس أدل على تواطؤ البلغار في الجريمة من تصريح لرئيس وزرائهم في أثناء زيارته إسرائيل، قال فيه مباهياً بقوة الرقابة التي تترصد الجريمة في بلاده: "عندنا، يكون للبلدة الصغيرة استثمارها المالي، في عملية المراقبة وتسجيل كل حركة مريبةٍ في الشوارع، بالفيديو، وتبذل وزارة الداخلية قصارى جهدها، لإنجاز إصلاحاتٍ لجعل كل شيء أمام عيونها، وتوفر الموارد لهذه المهمة. اليوم، يوجد آلاف من ضباط الأمن في السجلات، لكن ستة أو سبعة آلاف منهم ليسوا في الشوارع، وإنما في الإدارة يتابعون الكاميرات. لذا، معظم الجرائم يجري إحباطها أو كشفها وإلقاء القبض على من يرتكبونها".
فإن كان هذا حال المراقبة في القرى والبلدات البلغارية، فأين هي من اقتحام إرهابيي الموساد سفارة معتمدة، يُفترض أن محيطها يقع تحت المسؤولية الأمنية للدولة، فتجري فيها عملية قتل إنسان، لم يفعل سوى ممارسة حقه في مقاومة مستوطنين عنصريين ظلاميين، يتطفلون على أرض بلاده، ويعيثون فساداً ويرتكبون الجرائم؟
من دون التعرّض واستباق الأمور لمساءلة السفير الفلسطيني عن كاميرات سفارته، وعن إخلاء السفارة ليلاً، علماً أن تأمين حرمتها ليلاً متاح له، مثلما هو متاح لسفارات الآخرين؛ يتساءل واحدنا: ما الذي يدلنا على أن حكومة بويكو بوريسوف البلغارية ترى في انتهاك الموساد مقر بعثة ديبلوماسية أمراً لا تقبله وتحتج عليه كعمل إرهابي؟
أما السفير الفلسطيني، أخصائي المسالك البولية الذي رأى فصيلُه أن ابتعاثه سفيراً (لا تعيينه طبيباً في مشافي بلاده) هو السياق الصحيح لخدمة فلسطين، فإن حكايته معطوفة على موضوع التعيينات في السفارات، وأدائها، ومستوى تفاعلها مع المواطن الفلسطيني في بلدان عملها.
خلال فترة لجوء الشهيد النايف إلى سفارة بلاده، عومل من السفير الفلسطيني لدى بلغاريا بجلافة مشهودة، وبالتطيّر الذي يلامس الكراهية.
أما الحاكمون البلغار ومصالحهم الأمنية، فلا بد أنهم متواطئون في اغتيال النايف، فهم، أصلاً، مثقلون بقرار فتح سفارة لفلسطين، والاعتراف بها دولة، والتعامل معها على هذا الأساس. فقد ورثوا القرار عن العهد السابق، قبل سقوط الاتحاد السوفييتي، ولأنهم يطرحون أنفسهم باعتبارهم ممثلي عهد جديد، يُعلي من شأن الدولة، ويحترم الدستور، ويأخذ بالديمقراطية؛ حافظوا على التزامات الدولة حيال القضايا ذات المرجعيات الأممية، فأبقوا على مستوى الاعتراف، لكنهم، في الممارسة السياسية، تصرفوا وكأن فلسطين ليس لها سفارة دولة، ولم يقدموا اعتراف حكومتهم بها. رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، الذي زار إسرائيل في الشهر الماضي، قال أمام الجالية البلغارية في الدولة العبرية (وهذه نفسها التي سمت نفسها جالية يهودية في بلغاريا، قبل أن تستوطن فلسطين): "إنني وبنيامين نتنياهو صديقان جيدان، كما أن إسرائيل وبلغاريا بلدان صديقان حميمان"!
على هذه الأرضية، لا بد أن يكون قد اتفق الصديقان، من بين ما اتفقا عليه، على تصفية عمر النايف. فنتنياهو يسعى إلى تعزيز شعبيته عند المتطرفين، وعملية تصفية النايف بالنسبة له، عملية ثأر لمستوطن. وكان رئيس الوزراء البلغاري، في زيارته تلك، قد أكد على أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتطابق موقف البلغار منها، سواء كانوا من الأحزاب اليمينية أو اليسارية.
ليس أدل على تواطؤ البلغار في الجريمة من تصريح لرئيس وزرائهم في أثناء زيارته إسرائيل، قال فيه مباهياً بقوة الرقابة التي تترصد الجريمة في بلاده: "عندنا، يكون للبلدة الصغيرة استثمارها المالي، في عملية المراقبة وتسجيل كل حركة مريبةٍ في الشوارع، بالفيديو، وتبذل وزارة الداخلية قصارى جهدها، لإنجاز إصلاحاتٍ لجعل كل شيء أمام عيونها، وتوفر الموارد لهذه المهمة. اليوم، يوجد آلاف من ضباط الأمن في السجلات، لكن ستة أو سبعة آلاف منهم ليسوا في الشوارع، وإنما في الإدارة يتابعون الكاميرات. لذا، معظم الجرائم يجري إحباطها أو كشفها وإلقاء القبض على من يرتكبونها".
فإن كان هذا حال المراقبة في القرى والبلدات البلغارية، فأين هي من اقتحام إرهابيي الموساد سفارة معتمدة، يُفترض أن محيطها يقع تحت المسؤولية الأمنية للدولة، فتجري فيها عملية قتل إنسان، لم يفعل سوى ممارسة حقه في مقاومة مستوطنين عنصريين ظلاميين، يتطفلون على أرض بلاده، ويعيثون فساداً ويرتكبون الجرائم؟
من دون التعرّض واستباق الأمور لمساءلة السفير الفلسطيني عن كاميرات سفارته، وعن إخلاء السفارة ليلاً، علماً أن تأمين حرمتها ليلاً متاح له، مثلما هو متاح لسفارات الآخرين؛ يتساءل واحدنا: ما الذي يدلنا على أن حكومة بويكو بوريسوف البلغارية ترى في انتهاك الموساد مقر بعثة ديبلوماسية أمراً لا تقبله وتحتج عليه كعمل إرهابي؟
أما السفير الفلسطيني، أخصائي المسالك البولية الذي رأى فصيلُه أن ابتعاثه سفيراً (لا تعيينه طبيباً في مشافي بلاده) هو السياق الصحيح لخدمة فلسطين، فإن حكايته معطوفة على موضوع التعيينات في السفارات، وأدائها، ومستوى تفاعلها مع المواطن الفلسطيني في بلدان عملها.