يعيش المجتمع المصري تناقضات صارخة. شباب أصبحت أحلامه تأمين مسكن، والآلاف في المقابل يقفلون أبواب الشقق للمضاربة والمتاجرة.
يقول حسين أحمد، وهو موظف في القطاع العام، لـ "العربي الجديد": "لم أجد مفراً من العيش في بيت أبي بعد الزواج، نظراً لعدم قدرتي على تحمّل كلفة استئجار شقة". يعبّر أحمد عن وضع مئات الآلاف من الشباب المصري، الذين لا تستطيع رواتبهم مجاراة الارتفاع المستمر في أسعار العقارات، متسائلاً: "كيف لي تأمين 90 دولاراً لاستئجار شقة لا تزيد مساحتها عن 60 متراً مربعاً، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه راتبي 150 دولاراً شهرياً؟".
لا يختلف وضع عامل الكهرباء كريم محمد (35 عاماً)، كثيراً، إلا أنه اتخذ اتجاهاً مغايراً لتأمين بيت أحلامه عبرالهجرة. ويقول: "بعد العمل 12 عاماً في مصر، أصبح لديّ يقين بأنه لا مجال لشراء شقة، بسبب القفزات السعرية القوية للعقارات".
معاناة صارخة
وسط هذه المعاناة التي تضرب شريحة كبيرة من الشباب، توجد ملايين الشقق السكنية المُغلقة. وبالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية، إلا أنه، وبحسب تقارير صحافية نشرت في يوليو/ تموز عام 2014، عن وزير الإسكان المصري، مصطفى مدبولي، فإن عدد الوحدات السكنية المُغلقة بلغ 2 مليون وحدة. في المُقابل، أعلن المرصد الحضري التابع لوزارة الإسكان أن الوحدات المُغلقة لا تزيد عن 1.1 مليون شقة، إلى جانب 2.65 مليون وحدة خالية غير مباعة، بما يعادل 21% من مجموع الشقق في مصر، والبالغ عددها 12.2 مليون شقة بنهاية 2013.
يمكن اعتبار هذه الأرقام منطقية في بلدٍ لا يعاني من أزمة في السكن، لكن عند الحديث عن دولة مثل مصر، يزداد فيها الطلب بواقع 2 مليون شقة عن العدد المعروض، وفقاً لتصريحات وزير الاسكان، فالمسألة تشكل مفارقة فريدة من نوعها، وخاصة أن الأزمة تتفاقم يوماً تلو الآخر، حيث أشار وزير الإسكان إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية بواقع 500 ألف شقة كل عام، ما يعني أن هناك مئات الآلاف من المواطنين الجدد، ينضمون إلى قافلة المليوني مصري يبحثون عن مسكن يأويهم.
يُفسّر رئيس جميعة خبراء التخطيط العمراني، صلاح حجاب، هذه المفارقة المُستفزة قائلاً: "في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه، سارع المستثمرون والمُضاربون إلى شراء الشقق والاحتفاظ بها كوعاء استثماري ترتفع قيمته بوتيرة سريعة تزيد عن العوائد المحققة على الودائع المصرفية". ويضيف: "أمام هذه الفئة خيارات عديدة، إما الاحتفاظ بالوحدات السكنية المُغلقة لسنوات طويلة كوعاء ادخاري، أو بيعها بعد سنوات قليلة لتحقيق أرباح تصل إلى 50% من سعر الوحدة، ما يعكس الارتفاع المُستمر في أسعار العقارات".
ويتابع: "تساهم قضية الشقق المُغلقة بشكلٍ مُباشر في تفشي ظاهرة العشوائيات، إذ إن تقريراً حديثاً أصدره برنامج التنمية بالمشاركة في المناطق الحضرية، التابع لكل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصرية والاتحاد الأوروبي ومؤسسة التعاون الإنمائي الألماني، يوضح وجود 12 مليون شخص يقطنون العشوائيات في القاهرة الكبرى فقط، من أصل 20 مليون نسمة هم تعداد سكانها".
من جانبه، يحدد رئيس إحدى الشركات المتخصصة في بحوث التسويق العقاري، الدكتور ماجد عبد العظيم، عدة أسباب لتنامي ظاهرة الشقق المُغلقة، في مقدمتها سفر أصحاب الشقق إلى الخارج أو اتجاه البعض لتأمين مستقبل أبنائهم بشراء مسكن لكلٍ منهم، بالإضافة إلى تخوّف شريحة من أصحاب الشقق من تأجيرها خشية رفض المُستأجرين إخلاء الوحدة بعد انتهاء فترة الإيجار. ويقترح في هذا الصدد، "سّن الدولة قانوناً يضمن خروج المستأجر بعد انتهاء فترة الإيجار، وذلك كحل عملي لمواجهة أزمة الثقة بين المُلاّك والمستأجرين". كما يقترح أن تؤسس الحكومة شركة قومية تتعاقد مع أصحاب الوحدات المُغلقة بغرض إعادة تأجيرها لفترات محددة، وتكون محل اتفاق بين مالك الوحدة والمستأجر.
معاناة صارخة
وسط هذه المعاناة التي تضرب شريحة كبيرة من الشباب، توجد ملايين الشقق السكنية المُغلقة. وبالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية، إلا أنه، وبحسب تقارير صحافية نشرت في يوليو/ تموز عام 2014، عن وزير الإسكان المصري، مصطفى مدبولي، فإن عدد الوحدات السكنية المُغلقة بلغ 2 مليون وحدة. في المُقابل، أعلن المرصد الحضري التابع لوزارة الإسكان أن الوحدات المُغلقة لا تزيد عن 1.1 مليون شقة، إلى جانب 2.65 مليون وحدة خالية غير مباعة، بما يعادل 21% من مجموع الشقق في مصر، والبالغ عددها 12.2 مليون شقة بنهاية 2013.
يمكن اعتبار هذه الأرقام منطقية في بلدٍ لا يعاني من أزمة في السكن، لكن عند الحديث عن دولة مثل مصر، يزداد فيها الطلب بواقع 2 مليون شقة عن العدد المعروض، وفقاً لتصريحات وزير الاسكان، فالمسألة تشكل مفارقة فريدة من نوعها، وخاصة أن الأزمة تتفاقم يوماً تلو الآخر، حيث أشار وزير الإسكان إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية بواقع 500 ألف شقة كل عام، ما يعني أن هناك مئات الآلاف من المواطنين الجدد، ينضمون إلى قافلة المليوني مصري يبحثون عن مسكن يأويهم.
يُفسّر رئيس جميعة خبراء التخطيط العمراني، صلاح حجاب، هذه المفارقة المُستفزة قائلاً: "في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه، سارع المستثمرون والمُضاربون إلى شراء الشقق والاحتفاظ بها كوعاء استثماري ترتفع قيمته بوتيرة سريعة تزيد عن العوائد المحققة على الودائع المصرفية". ويضيف: "أمام هذه الفئة خيارات عديدة، إما الاحتفاظ بالوحدات السكنية المُغلقة لسنوات طويلة كوعاء ادخاري، أو بيعها بعد سنوات قليلة لتحقيق أرباح تصل إلى 50% من سعر الوحدة، ما يعكس الارتفاع المُستمر في أسعار العقارات".
ويتابع: "تساهم قضية الشقق المُغلقة بشكلٍ مُباشر في تفشي ظاهرة العشوائيات، إذ إن تقريراً حديثاً أصدره برنامج التنمية بالمشاركة في المناطق الحضرية، التابع لكل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصرية والاتحاد الأوروبي ومؤسسة التعاون الإنمائي الألماني، يوضح وجود 12 مليون شخص يقطنون العشوائيات في القاهرة الكبرى فقط، من أصل 20 مليون نسمة هم تعداد سكانها".
من جانبه، يحدد رئيس إحدى الشركات المتخصصة في بحوث التسويق العقاري، الدكتور ماجد عبد العظيم، عدة أسباب لتنامي ظاهرة الشقق المُغلقة، في مقدمتها سفر أصحاب الشقق إلى الخارج أو اتجاه البعض لتأمين مستقبل أبنائهم بشراء مسكن لكلٍ منهم، بالإضافة إلى تخوّف شريحة من أصحاب الشقق من تأجيرها خشية رفض المُستأجرين إخلاء الوحدة بعد انتهاء فترة الإيجار. ويقترح في هذا الصدد، "سّن الدولة قانوناً يضمن خروج المستأجر بعد انتهاء فترة الإيجار، وذلك كحل عملي لمواجهة أزمة الثقة بين المُلاّك والمستأجرين". كما يقترح أن تؤسس الحكومة شركة قومية تتعاقد مع أصحاب الوحدات المُغلقة بغرض إعادة تأجيرها لفترات محددة، وتكون محل اتفاق بين مالك الوحدة والمستأجر.
القانون الغائب
يشير أستاذ الهندسة في جامعة القاهرة ورئيس جمعية "الحفاظ على الثروة العقارية"، حسين جمعة، إلى أن جميع المحاولات التي قامت بها الحكومات من أجل إيجاد حل لمشكلة الشقق المغلقة، باءت بالفشل. ويقول: "لا تمتلك الدولة إمكانية فرض عقوبات على أصحاب الوحدات المُغلقة، لكونهم يتمتعون بحرية التصرف فيها".
ويوضح جمعة لـ"العربي الجديد"، أن الدولة تحركت في عدة مسارات، أبرزها دراسة مجلس الوزراء منح أصحاب الشقق قرضاً بقيمة 4 آلاف دولار، لتنفيذ أعمال التشطيب، مقابل فائدة تتراوح بين 5% و7% سنوياً، كوسيلة للاستفادة من الوحدات السكنية المُغلقة، بالإضافة إلى سن قانون الضريبة العقارية، أملاً في دفع أصحاب الوحدات المُغلقة إلى بيعها، إلا أن عدم تطبيق القانون "بحزم" حال دون تحقيق أهدافه.
إقرأ أيضا: الميسورون ينقضّون على السكن الاجتماعي في المغرب