وكانت العربي الجديد قد كشفت يوم 16 مارس/ أذار الحالي أن الجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهة رقابية في البلاد، أكد اختفاء 6 مليارات دولار من المساعدات الخليجية في حساب لدى البنك المركزي لصالح وزارة المالية دون رصد هذا الرقم في الموازنة العامة للدولة، وطالب الجهاز الرقابي الوزارة بتوضيح أسباب هذا الاخفاء.
وتنوع الدعم الخليجي لمصر بين منح نقدية لا تُرَد وودائع في البنك المركزي وقروض مساندة ومساعدات نفطية وعينية، وكانت النسبة الأكبر من الدعم في أول عامين من الانقلاب العسكري الذي وقع في 3 يوليو 2013، ثم تراجعت معدلات المنح خلال الفترة الأخيرة.
وكانت المساعدات السعودية لمصر قد توقفت منذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن وزير البترول المصري طارق الملا كشف قبل أيام عن قرار شركة أرامكو السعودية، إعادة ضخ الوقود الذي انقطع نحو خمسة أشهر، لتسلط الضوء مجدّداً على حجم مساعدات ضخم قدمه الخليج للنظام الحالي، ومع ذلك تصاعدت الأزمات المعيشية داخل البلاد.
ووقعت أرامكو اتفاقاً خلال زيارة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة في إبريل/نيسان 2016، تورد بموجبه الشركة 700 ألف طن من المشتقات البترولية لمصر شهرياً، وذلك من خلال قرض سعودي قيمته 23.5 مليار دولار على مدار 5 سنوات.
وشهدت البيانات الرسمية حول قيمة المساعدات والقروض الخليجية تضارباً بين الأجهزة والمؤسسات المالية الرسمية.
وقال تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، إن وزارة المالية استقطعت 6 مليارات دولار من المنح وأخفتها في حساب خاص تحت تصرفها بالبنك المركزي، في مخالفة للقواعد المحاسبية السليمة لتسوية الإيرادات بالموازنة العامة للدولة.
وتؤكد أرقام غير رسمية أن الدعم الخليجي بلغ أكثر من 60 مليار دولار، مستندة لأرقام معلنة من حكومات السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان، وهي الدول الأربع التي قدمت مساعدات سخية، في حين أعلن البنك المركزي المصري، قبل نحو 8 أشهر، أن حجم المساعدات، التي حصلت عليها مصر خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2011 وحتى أغسطس/آب 2016 بلغ نحو 30 مليار دولار منوعة بين منح لا ترد وودائع.
وفي المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية المصرية أن ما حصلت عليه مصر من مساعدات خليجية بلغ 24 مليار دولار فقط.
وحسب محللين اقتصاديين، لم يشعر المواطن المصري بأي انعكاسات إيجابية لمليارات الخليج التي تم ضخها من أجل دعم النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.
ورغم حجم المساعدات الخليجية شهد الشارع المصري العديد من الأزمات المعيشية، حيث تفاقمت البطالة واشتعلت الأسعار في ظل تقليص الدعم والأزمة المالية التي تعاني منها البلاد والتي دفعت الحكومة إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي بشروط مجحفة أدت إلى إلى مزيد من الضغوط المعيشية للمواطنين.
وبلغت نسبة التضخم مستويات قياسية، بلغت 31.7% في شهر فبراير/شباط الماضي، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي)، وتجاوز 33%، حسب البنك المركزي عن نفس الشهر.
وكشفت المديرة العامة لإدارة الأرقام القياسية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سعاد مصطفى، أن الأسعار في مصر زادت خلال شهر فبراير/شباط الماضي بمعدلات لم تصل إليها البلاد منذ فترة الأربعينيات من القرن الماضي (أي منذ نحو 75 عاماً).