لم يخفِ المزارع الفلسطيني، محمود زعرب، إحباطه وهو يتفقد أشجار الجوافة في أرضه الزراعية في منطقة المواصي غربي خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب محاولاته المستمرة في علاجها وإنعاشها من جديد، بعد أن سببت ملوحة المياه تدني إنتاجها وجودتها عن السنوات الماضية.
وشهدت الأعوام الماضية تراجعاً ملحوظاً في إنتاج محصول الجوافة كمّاً ونوعاً بسبب ملوحة المياه التي تزداد يوماً بعد يوم، ما يؤثر في كثير من المحاصيل، ولا سيما الجوافة التي تُعَدّ تربة قطاع غزة خصبة لإنتاجها وزراعتها.
وتدنت المساحات المزروعة بأشجار الجوافة إلى 2000 دونم، بعد أن كانت تتجاوز 8000 دونم، مع تراجع كبير في نوعية الإنتاج وكميته من 35 ألف طن إلى نحو 5 آلاف طن حالياً.
وقال المزارع زعرب لـ"العربي الجديد" إنه يحاول قدر الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أشجار الجوافة ومواجهة ملوحة المياه بكل الطرق الممكنة.
وأوضح زعرب أنّ معدل الإنتاج للدونم الواحد تدنى إلى النصف، مقارنة بالأعوام الماضية، حيث وصل إنتاج الدونم إلى 2000 طن، مقارنة بما كان عليه قبل سنوات، حيث كان ينتج 4000 طن من محصول الجوافة.
من جهته، أوضح الخبير الزراعي نزار الوحيدي، لـ"العربي الجديد" أنّ ملوحة المياه وتغيرات المناخ سببان رئيسيان في تراجع إنتاج محصول الجوافة في قطاع غزة، لافتاً إلى أنّ مرضاً قد لا يكون مكتشفاً حتى اللحظة يمكن أن يكون سبباً إضافياً.
وللتغلب على هذا الأمر، نبّه الوحيدي إلى ضرورة استجلاب أصناف جديدة قابلة للتعايش مع واقع ملوحة المياه في القطاع، محذراً من أنّ ملوحة المياه يمكن أن تؤثر في الكثير من أشجار سلة الخضار والفواكه في قطاع غزة.
وكان نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة، مازن البنا، قد أكّد في حديث سابق لـ"العربي الجديد" أنّ الخزان الجوفي في القطاع يعاني من أزمة ملوحة مياه شديدة بسبب تداخل مياه البحر، والضخ الجائر من المواطنين، بالإضافة إلى التراجع الحاد في كميات الأمطار التي تعد المصدر الوحيد لتغذية الخزان الجوفي في غزة.
بدوره، أكّد الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، لـ"العربي الجديد"، تراجع المساحات المزروعة بمحصول الجوافة في قطاع غزة، بسبب تأثر الأراضي الزراعية بملوحة المياه لاقترابها من البحر.
وأشار إلى أن هناك زحفاً من المزارعين إلى المناطق التي تتوافر فيها مياه مناسبة بعيداً عن المناطق الأشد ملوحة، لافتاً إلى أنّ لدى الوزارة توجهات باستبدال عدد من هذه الأصناف بمحاصيل تتحمل ملوحة المياه، كالزيتون والنخيل وغيرهما.
وبيّن البسيوني أنّ وزارته تسدي بإرشاداتها للمزارعين بضرورة الغسل المتقارب للأملاح بتقارب فترات الري، مشيراً إلى أنّ تأثير الأملاح يظهر على المدى القريب والبعيد على كمية إنتاجه ونوعيته والعناصر الغذائية التي يحتوي عليها المحصول.
وقطاع غزة كان يحصل على الاكتفاء الذاتي من محصول الجوافة قبل أعوام، وكان يصدر منها إلى الخارج بنوعيات وكميات جيدة، إلا أنّ العام الحالي قد يشهد تراجعاً كبيراً في المحصول الذي قد يصل إلى حد عدم الاكتفاء الذاتي، وفق البسيوني.
وحذّر كذلك من أنّ ملوحة المياه قضية قومية استراتيجية لا تمسّ فقط بمحصول الجوافة، بل تمسّ بالمشاريع الزراعية برمتها في القطاع، موضحاً أنّ الوزارة تعمل على مشاريع عديدة لتجاوز هذه الأزمة قدر الإمكان.
ويعمل أكثر من 25 ألفاً في القطاع الزراعي في غزة، يعتمدون وذويهم على ما تنتجه أراضيهم الزراعية كمصدر دخل أساسي. والزراعة أحد أكبر القطاعات التي تضررت من حصار الاحتلال الإسرائيلي والعدوان على مساحات شاسعة من الأراضي وتدمير الزراعات فيها.