أعلن ملك الأردن، عبد الله الثاني، اليوم الأحد، انحيازه للدولة المدنية التي يشكل فيها الدين عاملاً أساسياً في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية، مشدّداً على أنّه "لا يمكن السماح لأحد أن يستغل أو يوظف الدين لتحقيق مصالح وأهداف سياسية، أو خدمة مصالح فئوية".
وأرجع الملك، في ورقته النقاشية السادسة التي حملت عنوان "سيادة القانون أساس الدولة المدنية"، اللغط الكبير الذي ثار في الشارع الأردني مؤخراً حول مفهوم الدولة المدنية؛ إلى القصور في إدراك مكوناتها وبنائها.
وبيّن أن "الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة؛ وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظاماً يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على الأخرى، وهي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك، وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، وهي دولة تحافظ وتحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية".
وقال الملك إن "هذه المبادئ تشكل جوهر الدولة المدنية، فهي ليست مرادفاً للدولة العلمانية، فالدين في الدولة المدنية عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية، وهو جزء لا يتجزأ من دستورنا".
وطرح الملك ورقته النقاشية في وقت يشهد المجتمع الأردني حالة استقطاب شديدة حول مفهوم "الدولة المدنية"، خاصة بعد أن طُرح كشعار في الانتخابات النيابية التي جرت في العشرين من سبتمبر/أيلول الماضي. ففي وقت يؤكد فيه أنصار الدولة المدنية أنهم ليسوا في خندق معادٍ للدين؛ يصرّ المتدينون على أن شعار الدولة المدنية مقدمة للوصول إلى الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن المجتمع.
وحدد الملك سيادة القانون أساساً لبناء الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، ومعياراً لتميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، والضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل.
وبيّن أن "مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية".
وأنتقد الملك الواسطة والمحسوبية التي رأى فيها سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، وتتعارض بشكل مباشر مع سيادة القانون.
وبدأ العاهل الأردني في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2012 نشر أوراقه النقاشية الهادفة، حسب الموقع الالكتروني الرسمي له، إلى "تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح، وعملية التحول الديمقراطي التي يمرّ بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الإصلاح".