ورغم جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب، لتجاوز الخلافات، وحل القضايا العالقة، مع كثرة الاتصالات الجارية بينهما، لكنْ يبدو أن الأمور تتجاوزهما، وتتداخل المؤسسات لحلها، وخاصة من الجانب الأميركي، فتداخل الملفات والمؤسسات يجعل من ترامب عاجزا عن تجاوزها.
وأبلغ الجانب الأميركي نظيره التركي في الفترات الأخيرة اعتراضه على صفقة الصواريخ الروسية "إس400" مع مطالبة أنقرة بالتراجع عنها، وهو ما ترفضه الأخيرة، ووصلت تهديدات لأنقرة التي رفضتها، كما أن الموضوع يتم تناوله إعلاميا مع التهديد بعرقلة تسليم مقاتلات "إف35" الأميركية لأنقرة، وإخراجها من البرنامج متعدد الجنسيات لإنتاج المقاتلات التي تشارك فيه.
ورافق ذلك إخراج تركيا من برنامج المساعدات الأميركية لاقتصادات الدول النامية، على اعتبار أن اقتصادها تطور، وهو ما رفضته تركيا، في وقت بدأت الليرة التركية خسارة مزيد من قيمتها لتتراجع أمام الدولار، وسط خشية من مواصلة النزيف الاقتصادي، الذي قد ينعكس على الانتخابات المحلية المقبلة والتي تعتبر مصيرية بالنسبة إلى حزب "العدالة والتنمية" الحاكم.
ويعزو الإعلام التركي الخلاف المشترك بين الطرفين، والذي وصل إلى حد الانكسار، إلى علاقة تركيا بكل من روسيا وإيران، ورغبة واشنطن في أن تقطع أنقرة علاقاتها مع البلدين.
وتطالب واشنطن تركيا بالانسحاب من صفقة الصواريخ مع روسيا، واتخاذ موقف من العقوبات على إيران إلى جانب أميركا، والاعتراف بالوحدات الكردية في سورية، والتحقيق مع منسوبي جماعة الخدمة للداعية فتح الله غولن دون اعتقالهم في أميركا، وهذه المسائل يتم نقاشها على مختلف المستويات الأمنية والاستخبارية والسياسية ولكن في ظل مناقشات صعبة.
كما ارتفعت نسبة من يعتبرون أميركا عدوة للشعب التركي وأنها في موقع ضد تركيا، واعتبار قضية جماعة الخدمة اختباراً حقيقياً للنوايا الأميركية. أما بالنسبة إلى الصواريخ الروسية التي تعتبرها أميركا غير مناسبة لأنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فإن الجانب التركي يرى أن نقطة الخلاف هذه لا تنبع من أن أميركا تعارض تركيا بقدر ما تريد معاقبة روسيا، ومن خلال ذلك تهدد تركيا.
ويزعج أنقرة أيضاً موضوع عدم سحب السلاح من وحدات حماية الشعب الكردية في سورية، فهو أمر حساس بالنسبة إلى تركيا، مقابل ذلك تعمل أميركا على حماية تلك الوحدات.
وتتواصل الملفات الخلافية العالقة لتصل إلى قضية مصرف "خلق بانك" التركي، والذي كرر ترامب حول هذا الملف، عدة مرات، أن هناك تعليمات وأوامر أصدرت من قبله بالتعامل مع القضية، ولكن لم تحصل فيه تطورات، ولم يفرج عن مدير المصرف السابق هاكان أتيلا، المعتقل في أميركا، بقضية خرق العقوبات على إيران.
كل هذه الخطوات تدل على أن الخلافات مستمرة، وربما تشهد فترة متواصلة من الخلافات، خاصة أن الإعلام التركي بدأ يهاجم الجانب الأميركي. وفي بعض الأحيان، تصدر تصريحات تركية رسمية تؤكد أن الجانب الأميركي غير صادق في الاتفاقيات التي تحصل بين الطرفين، مقابل تصاعد التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على تركيا.