وفي السياق، قال مصدر مقرّب من عبد المهدي لـ"العربي الجديد"، إنّ "نحو 35 في المائة من الحكومة الجديدة ستكون مستقلة، فيما النسبة الأكبر ستكون من مرشحي الأحزاب"، مبيناً أنّ "دولة القانون" و"منظمة بدر" و"صادقون" (الجناح السياسي لمليشيا الحشد الشعبي)، إضافة إلى القوى السنية والأكراد، "رفضوا بشكل قاطع منح الحرية لعبد المهدي في اختيار الوزراء الذين هم من حصتهم"، وفقاً لعرف المحاصصة الطائفية في الحكومة العراقية منذ عام 2003، موضحاً أنّ من منح الحرية له في اختيار الوزراء حتى الآن هما "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، و"الحكمة" بزعامة عمار الحكيم.
وأضاف المصدر ذاته، وهو أحد الأعضاء البارزين في "التيار الصدري"، أنّ المباحثات التي جرت أمس الخميس مع عبد المهدي، منحته حرية إلى حدّ ما لتوسيع حكومته إلى 24 وزارة بدلاً من 22، إذ تعاد وزارة المرأة وكذلك وزارة البيئة، وقد يكون هناك وزير دولة لشؤون المحافظات أو شؤون المصالحة الوطنية. إضافة إلى أنّ منصبي نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات مطروحان بقوة، بهدف استيعاب كل الضغوط الحزبية على عبد المهدي.
وأوضح المصدر أنّه سيتم صباح غد عرض الأسماء على القوى السياسية المختلفة، وسيتم تقديم ما يجري التوافق عليه للبرلمان، مضيفاً أنّ هناك وزارات قد يؤجل عرضها على البرلمان في حال لم يتمّ التوصّل لاتفاق مع القوى السنية حولها، ومن بينها وزارة الدفاع وكذلك الداخلية التي تصرّ مليشيا "منظمة بدر" على إعادة تسمية الوزير الحالي لها، قاسم الأعرجي، لنيلها".
وبالنسبة لحقيبة الخارجية، لفت المصدر إلى أنّه يجري طرح اسم السياسي ليث كبة لنيلها، وهو أحد السياسيين الشيعة المقربين من زعيم "المؤتمر الوطني" السابق، أحمد الجلبي، وعمل متحدثاً باسم حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005 ــ 2006، وشارك قبل الاحتلال الأميركي بتنظيم مؤتمر المعارضة العراقية في فينا، ومعروف بقربه من الأميركيين والإيرانيين على حدّ سواء. كما يجري للحقيبة الوزارية ذاتها طرح أسماء رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، ومدير "المعهد العراقي للتنمية الديمقراطية"، غسان العطية، والذي يحمل شهادة من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1963 في العلوم السياسية.
وأعلن مكتب عبد المهدي، فجر أمس، عزم الأخير على تقديم تشكيلته الحكومية مع المنهاج الوزاري الأسبوع المقبل. وبحسب بيان رسمي اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإنّ الرئيس المكلّف "يجري اتصالاته المطلوبة مع رئاسة البرلمان ومع القيادات والكتل النيابية لتحديد اليوم المناسب لتقديم أسماء تشكيلته الوزارية".
وفي السياق، كشف عضو "ائتلاف دولة القانون" سعد المطلبي، عن أنّ "الكلام الأولي لعبد المهدي معنا، كان أنه ليس لنا وزارات في التشكيلة الجديدة، إلا أنّه عاد وقال، لكم وزارتان. ولكن لا نعرف أي وزارتين، ومن سيختار لهما"، مبيناً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "نظام المحاصصة عاد إلى العملية السياسية العراقية، وخلال الأيام الماضية تقاسمت الأحزاب الوزارات الجديدة، من دون توضيح حقيقة من سيشغل هذه الوزارات. لكن هناك إجماعا على دعم عادل عبد المهدي وإعطائه الحرية في اختيار الشخصيات التي يجدها مناسبة".
وأضاف المطلبي أنّ "رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، كان قد اجتمع مع عبد المهدي، واتفقا على حصة الائتلاف، وأن تكون الأسماء من اختيار عبد المهدي، من دون التدخّل في إرادته وتطلّعاته ونظرته الخاصة"، مشيراً إلى أنّ "بعض الأحزاب وصلت إلى مراحل متقدمة، مثل الحكمة لعمار الحكيم، الذي قال في بيان إنّ حصته من الوزارات ستكون خاضعة لتصرّف عبد المهدي. وهذا يعني عودة نظام الحصص بحلة جديدة".
من جانبه، بيَّن عضو تحالف "سائرون" وسكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، أنّ لتحالف "الإصلاح"، الذي يضمّ "سائرون" وكيانات أخرى، "حصّة في التشكيلة الجديدة لعبد المهدي، وهي من 8 إلى 9 وزارات، ولكننا تنازلنا عن اختيار أسماء الوزراء الذين سيشغلون هذه الوزارات، ولم نقدّم أيّ واحد للرئيس المكلف"، لافتاً إلى أنّ "عبد المهدي سيعتمد على مواصفات متفق عليها في اختيار الوزراء، وأهمّها الاستقلالية والنزاهة، وأن يكون لها حضور، قد يكون أكاديمياً أو إعلامياً أو بسبب إنجاز معيّن. والهدف من ذلك هو تعويض النقص السياسي في الشخصية الجديدة المختارة".
وتابع فهمي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّه "ليس من المنطقي أن يُنصّب عبد المهدي وزراء لحصة وزارية تابعة لتحالف الإصلاح مثلاً، وسائرون ليس مقتنعا بالشخصية، لأنّ الحكومة المقبلة ائتلافية وليست حزبية، وهذا يعني ضرورة وجود أعضاء من الائتلاف في الحكومة، وهو ما تعمل به كل بلدان العالم المتقدّم". وعن عودة نظام المحاصصة، قال فهمي إنّ "المحاصصة لم تعد إلى العملية السياسية كما في شكلها السابق، فلا يوجد حزب فرض أسماء معينة على الرئيس، ولن تعطى الوزارة بالكامل للحزب، فالمحاصصة القديمة انتهت، والجديد هو صناعة حكومة منسجمة، ترضي الشعب والكيانات السياسية".
كردياً، يتمسّك "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعمه مسعود بارزاني، بمطالبه في المشاركة في الحكومة الجديدة، بحسب ما أفرزته نتائج الانتخابات الماضية. وفي هذا الإطار، قالت عضو الحزب والقيادية فيه، أشواق الجاف، إنّ "مطالبنا تشدّد على أهمية الحصول على حقنا مما أفرزته الانتخابات لتلبية رغبة الشعب الكردي وفق الدستور العراقي، والمناصب ليست سوى نتيجة للجهود الكردية في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى الحوارات التي أجريت في الأيام الماضية".
وأضافت الجاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الحوارات لا تزال مستمرّة بين الأحزاب الكردية وعبد المهدي لضمان المشاركة الفاعلة في الحكومة الجديدة، وبأولوية واضحة"، مشيرةً إلى أنه "قد تشهد الساعات الأخيرة قبل عرض أسماء الوزراء الجدد على البرلمان تغيّرات كبيرة، وهذه هي عادة العملية السياسية في العراق".
بدوره، رأى المحلّل السياسي العراقي، محمد الشريفي، أنّ "حكومة عبد المهدي لن تكون حرة من سطوة الأحزاب"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "توزيع الوزارات في المرحلة الحالية لا يختلف كثيراً عن التوزيع السابق رغم الحديث كثيراً عن المستقلين والتكنوقراط". ولفت الشريفي إلى أنّ "الأحزاب الكردية وأبرزها حزب مسعود بارزاني، ربما تكون الخاسر الأكبر في هذه التشكيلة، لأن الحزب لم يحسم قراره من المشاركة في الحكومة لغاية الآن، فيما ترك حزب الاتحاد الوطني، وهو الثاني في حكومة إقليم كردستان، الحرية لعبد المهدي باختيار وزرائه الجدد".