ملاحقات الفساد تربك السوق العقاري في مصر

12 سبتمبر 2015
الملاحقات القضائية تخمد جذوة المضاربات في أسعار العقارات (أرشيف/Getty)
+ الخط -

أربكت الملاحقات القضائية، التي طاولت وزراء ورجال أعمال في مصر بسبب اتهامات بالفساد تتعلق بملف الأراضي، القطاع العقاري في البلاد، وسط توقعات بأن يشهد القطاع حالة من الركود خشية اتساع دائرة الملاحقات لتطول مشروعات في المدن العمرانية الجديدة لا سيما على الطرق الرئيسية، التي أشارت تقارير رقابية إلى تركز المخالفات فيها.

وبحسب تقارير رقابية عدة فإن المناطق الواقعة على حدود طرق رئيسية تربط بين العاصمة القاهرة، ومدن مثل الإسكندرية شمال البلاد والسويس والإسماعيلية، شرق، تشوبها مخالفات، بعد أن تم تحويل نشاط الكثير من الأراضي في هذه المناطق من زراعي إلى عقاري، رغم تخصيصها بأسعار زهيدة للنشاط الأول.

وجاء اعتقال وزير الزراعة المصري، صلاح هلال، الأسبوع الماضي، ليفتح ملف إمبراطورية السطو على الأراضي بالمخالفة للقانون، والتي قدرتها تقارير رقابية بما يقرب من 90 مليار دولار. وتكبدت أسهم شركات العقارات في البورصة المصرية خسائر حادة خلال الجلسات الأخيرة من الأسبوع، بقضية هلال التي مسّتْ مسؤولين حكوميين كباراً ورجال أعمال بارزين.
 
وتوقع خبراء عقارات وأصحاب شركات تأثر الوحدات العقارية في عدة مشروعات، لا سيما الواقعة في طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.

وقال حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، والذي يمتلك شركات عقارية، إن السوق العقاري متوقع أن يشهد حالة ركود، نظراً لقضايا الفساد المتعددة سواء المتعلقة بالأراضي الخاصة بوزارة الزراعة، أو الدعاوى القضائية المنظورة أمام القضاء، بشأن العديد من الشركات الكبرى، موضحاً أن هذه القضايا تتنوع بين التربح غير المشروع والاستيلاء على أراضي الدولة.

وتوقع صبور أن تشهد أسعار العقارات تراجعاً كبيراً خلال الفترة المقبلة، نتيجة انخفاض الطلب على الشراء بنسبة 30%، مشيرا إلى أن هناك العديد من المدن المخصصة للإسكان الفاخر، التي تم إنشاؤها على أراضي الدولة بالأمر المباشر، تتعرض حالياً لهروب جميع حاجزي الوحدات السكنية، وإلغاء التعاقدات حيث تم استرجاع ما قيمته 130 مليون جنيه من قيمة حجوزات شركات كبرى، ينظر القضاء في قضايا تتعلق بها.

وأضاف رئيس جمعية رجال الأعمال، لـ"العربي الجديد": "هناك حالة من الارتباك التي يمر بها العملاء وحاجزو الوحدات ، فالجميع في حالة ترقب".

وقال نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، طارق شكري، إن العقارات الموجودة بطريق مصر الإسكندرية والإسماعلية الصحراوي، قد تشهد تباطؤاً في الشراء خلال الفترة المقبلة لحين تسوية القضايا مع الحكومة.

لكن شكري اعتبر أن هذه القضايا لن تؤثر على باقي السوق، مضيفا "سوق الاستثمار العقاري أثبت أنه الحصان الأسود لدفع النمو الاقتصادي وأنه يمرض ولا يموت".

واعتبر أن السبب في ارتفاع أسعار العقارات، خلال الأعوام الماضية، هو استمرار ارتفاع أسعار المدخلات، التي يتم استخدامها في أعمال البناء مثل الطوب والإسمنت والحديد والزلط وخلافه.

اقرأ أيضاً: "عاصمة على ورق" تشعل أسعار العقارات في مصر

من جانبه قال الخبير العقاري، ماجد عبد العظيم، في تصريح خاص، إن كل الأراضي الواقعة بالطريق الصحراوي بها مشاكل، وبالتالي ستتأثر سلباً بقضية رشوة وزارة الزراعة ونية الدولة في استرداد هذه الأراضي، أو دفع فارق التكلفة بين المتر السكني والزراعي.

وتوقع عبد العظيم أن تشهد الواحات الواقعة بالطريق الصحراوي عدم إقبال لمدة لا تقل عن 6 شهور، أو لحين وصول اصحابها لتسويات مع الحكومة. وأوضح أن المستهلك سيحجم عن الشراء في تلك الأماكن خلال الفترة المقبلة، حتى تتضح الرؤيا.

ولفت إلى أن الشركات الكبرى ومنها شركات خليجية ومحلية، رغم أنها تجري مصالحات مع الدولة الآن، لكنها لن تتأثر كثيراً نظرا لأنها ذات ثقل ومصداقية سواء في السوق المحلي أو خارجيا، كما أن التعامل مع كل شركة سيكون على حدة وحسب التسوية.

وأشار إلى أن سوق العقارات المصرية يختلف عن السوق العالمي، نظراً لان أكثر من 80% من المستثمرين من السكان المحليين، فضلاً عن أنه يوجد أكثر من 600 ألف حالة زواج سنويا تحتاج كلها لمساكن جديدة.

وكشف تقرير صادر عن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة (شهر يونيو/حزيران الماضي)، أن قيمة مخالفات الطرق الصحراوية بلغت 150 مليار جنيه (19.2 مليار دولار)، مؤكداً أنه تم التعدي على 2.8 مليونَي فدان لصالح 650 شركة و350 رجل أعمال في 30 منطقة صحراوية، بينما كشف آخر تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، حول ظاهرة التعدي على أراضي الدولة الخاضعة لولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، عن أن جملة مساحات الأراضي، التي تم الاستيلاء عليها، بلغت 3.5 ملايين فدان، منها 702 ألف فدان تم تقنينها بالمخالفة للقوانين.

وهناك أراض على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، على امتداد نحو 255 ألف فدان، تم تخصيصها لعديد من المستثمرين، لينحرف مسار التنمية فيها من الاستصلاح والزراعة إلى مشروعات سكنية تتسم بمزيد من الرفاهية، حتى أطلق عليها أصحابها منتجعات سياحية.

وتسببت الملاحقات المتعلقة بفساد الأراضي، في تراجع حاد لأسهم الشركات العقارية في مصر خلال الجلسات الأخيرة من الأسبوع الماضي، ومنها عامر غروب، إعمار مصر للتنمية، بالم هيلز للتعمير، سوديك، وطلعت مصطفى، وهي من أكبر الشركات العاملة في القطاع.
 
وقال أحمد إبراهيم، محلل سوق المال في تصريحات سابقة، لـ"العربي الجديد"، إن "زلزال قضية فساد الأراضي أصاب أسهم القطاع العقاري بالتصدع دون استثناء، وامتدت آثاره إلى القطاعات الأخرى، حيث لم ينج أي قطاع من هبوط اليوم".

وغمر لون الهبوط الأحمر شاشات التداول يوم الثلاثاء الماضي بشكل خاص، بعد يوم من اعتقال وزير الزراعة، وسط عمليات بيع من جانب المؤسسات المصرية والأجنبية على السواء.

وجاء الإعلان عن قضايا فساد الأراضي، ليخمد جذوة المضاربات، التي أشعلت السوق العقاري منذ مطلع العام الحالي، لا سيما بعد أن أعلنت الحكومة المصرية عن اعتزامها بناء عاصمة إدارية جديدة على أطراف العاصمة القاهرة.

وكان نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، طارق شكري، قد قال في تصريحات سابقة، لـ"العربي الجديد"، إن السماسرة هم من أشعلوا الأسعار، وضاربوا عليها بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية.


اقرأ أيضاً: تراجع الخليجيين يضرب إيجارات الشقق الفاخرة في مصر

المساهمون