شاركت أمس في حلقة نقاشية نظمها مركز الجزيرة للدراسات، تحت عنوان: "الصين: تحديات الداخل والخارج"، وتحدث فيها الخبير الاقتصادي الصيني والنائب السابق لرئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لي يانغ، والسفير الصيني بالدوحة، لي تشن، كما شارك فيها وفد صيني موسع وعدد من الباحثين العرب.
وكنت واحداً من أربعة باحثين دعاهم مركز الجزيرة لمناقشة الوفد الصيني في معجزة بلاده الاقتصادية، التي تحققت في أقل من نصف قرن، وأبرز الملاحظات على التجربة الصينية، ومصير التجربة في ظل القلاقل السياسية والاقتصادية التي تسود كل أسواق العالم بلا استثناء.
وانصبت مداخلتي في الحلقة النقاشية على نقطتين، الأولى تتعلق بالخلل في العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية العربية الصينية، ولماذا هذه العلاقات هي دوما لصالح الصين، والثانية تتعلق بإرهاصات الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعيشها العالم حاليا وعلاقة الصين بها.
وطرحت على الوفد الصيني 4 أسئلة هي:
- لماذا تدعمون الأنظمة القمعية في المنطقة العربية وتمنحون رؤساء دكتاتوريين الأموال والمساعدات المالية السخية؟
- لماذا تصدرون لنا أردأ أنواع منتجاتكم وسلعكم، وفي المقابل تذهب بضاعتكم الجيدة لأسواق الغرب؟
- لماذا لا تستثمرون في المنطقة ولا تضخون أموالا بها، وفي نفس الوقت تطالبون بتدفق الأموال العربية على أسواقكم؟
- هل ستنطلق شرارة الأزمة المالية العالمية الجديدة هذه المرة من الصين، التي شهدت مؤخراً تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي وهروباً للاستثمارات الأجنبية وتهاويا في أسعار الأسهم والسندات بالبورصة، إضافة إلى بطء أداء قطاعات رئيسية، مثل الصادرات والصناعة والخدمات، وهو ما أثر سلبا على واردات الصين من السلع الرئيسية خاصة النفط والمعادن؟
ورغم تأكيد السفير الصيني، لي، أكثر من مرة على أن الصين تحترم خيارات الشعوب وأنها لا تتدخل في الأمور الداخلية للدول، إلا أن الخبير الاقتصادي لي يانغ اعترف بأن التجار العرب هم من يسيئون للمنتج الصيني من خلال التعاقد على شراء أسوأ وأردأ الأنواع لرخص سعرها، كما دافع بشدة عن تجربة بلاده في التنمية الاقتصادية وتحقيق معدل نمو بلغ 9.8% سنويا ولسنوات طويلة وهو معدل غير مسبوق في تاريخ الاقتصادات العالمية كما قال، وأكد أن الاقتصاديات العالمية لم تتعافَ من أزمة عام 2008، خاصة في أميركا واليابان وأوروبا، وبالتالي قد تشكل هذه الاقتصادات شرارة الأزمة المقبلة، وليس الاقتصاد الصيني كما يردد الغرب.
وأسهب الخبير الاقتصادي في الحديث عن هذه النقطة بقوله "آفاق تعافي الاقتصاد الأميركي ضعيفة، والفائدة على الدولار لا تزال سلبية، وهناك تحفظ من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) لرفعها، وكذا الحال بالنسبة لليابان، والاقتصاد الأوروبي لا يزال يعتمد سياسة التيسير النقدي، وكلها عوامل تؤكد أن فترة تراجع الاقتصاد العالمي المقبلة لن تكون طويلة، وبالتالي فإن الأزمة القادمة لن تنطلق من الصين".
ورغم انتقادات البعض، وأنا منهم، للتجربة الصينية لتركيزها على معدلات نمو سريعة وتجاهلها أموراً حيوية أخرى، مثل جودة المنتجات والسلع والكفاءة والتنمية المستدامة وحماية البيئة، إضافة لإهدار الحريات العامة وحقوق الإنسان، إلا أن الصين تمتلك معجزة اقتصادية حقيقية لم تحققها أي دولة في العالم، فقد حققت معدلات نمو تجاوزت في بعض السنوات 12% وغزت منتجاتها كل أسواق العالم، ورفعت نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي من أقل من 400 دولار في العام 1978 إلى 7400 دولار في العام 2015، وكوّنت أكبر احتياطيات من النقد الأجنبي ناهزت في بعض الأوقات 4 تريليونات دولار، وتبنت سياسة اقتصاد السوق رغم تطبيقها النظام الاشتراكي على المستوى السياسي، وساهمت بنسبة 50% من حجم الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضا:
ثورة الصين الاقتصادية
أزمة اقتصاد عابرة أم انهيار شامل وشيك؟
تدهور اليوان يؤثر على استثمارات وتجارة العرب
عندما يضحك العرب على الصينيين