ملابس مفقودة في شتاء السوريين

06 يناير 2019
في أحد أسواق شمال سورية (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

شتاء
آخر يطل على السوريين الباحثين عن دفء بات كالحلم. البرد قارس والعواصف تلاحق النازحين في مخيمات غير آمنة، والملابس مفقودة في كثير من الأحيان


في موسم البرد والعواصف، كانت الملابس الشتوية وما زالت تمثل هاجساً يؤرق السوريين، خصوصاً من نزحوا إلى المخيمات بعيداً عن منازلهم الدافئة، مع استمرار الأزمة والمعارك في البلاد. الخيارات محدودة، فللملابس الجديدة أسعار مرتفعة، أما المستعملة فليست مثالية، إذ لا أقمشة أو مقاسات مناسبة في معظم الأحيان.

ياسمين (28 عاماً) المقيمة في بلدة ترمانين بريف إدلب، تمكنت مع زوجها من شراء ملابس جديدة لأطفالهما، مقتصرة على الملابس ذات الحاجة الملحّة، كون ابنتها الكبرى في المدرسة وتحتاج إلى سترة مانعة لتسرب مياه المطر إلى جسدها، في طريق ذهابها وعودتها. تقول لـ"العربي الجديد": عندما كنا نعيش الحصار بريف حمص الشمالي، كنا نقتصر في شراء ملابس الأطفال على عيد الفطر فقط، أما ملابس الشتاء فنشتري ما تدعو الحاجة إليه بإلحاح كبير، فزوجي لم يكن لديه أيّ عمل بدخل يمكّننا من شراء الملابس لنا ولأطفالنا الثلاثة. أنا وزوجي لم يكن مهماً لنا أن نرتدي ملابس جديدة بقدر ما يهمنا أن يحصل أطفالنا عليها، فالشتاء قاسٍ أكثر على أجسادهم الصغيرة، وهم في حاجة دائمة إلى تبديل ملابسهم لاتساخها سريعاً".




عن أسعار الملابس في منطقة دير حسان بريف إدلب، تقول ياسمين: "الأسعار هنا مقبولة إلى حدّ ما، كوننا معتادين على أسعار مرتفعة جداً خلال سنوات الحصار التي أمضيناها في الريف الشمالي، لكنّ دخلنا لا يكفي لشراء جميع الملابس التي يحتاجها أطفالنا، فالبقالة التي افتتحناها تعود علينا بدخل يكفينا للمعيشة اليومية لا أكثر، ونحاول على الدوام توفير ما أمكن من المال لشراء الملابس،. اضطررنا في بداية الشتاء لشراء بعض الملابس بالدين، وهو الحلّ الأنسب إذ نسدد بالتقسيط".



في مدينة الباب، بريف حلب الشمالي، نازحون من الغوطة الشرقية ومناطق جنوب دمشق. هناك لا تختلف أسعار الملابس كثيراً عن بقية مناطق الشمال السوري، وشراء الملابس من البالة (المستعملة) هو حلّ مثالي للكثيرين. أيهم سلطان، يقول لـ"العربي الجديد": "ملابس البالة جيدة، وأسعارها رخيصة. اشتريت حاجيات الشتاء منها، فقد عثرت على حذاء مناسب ومعطف لزوجتي فيها، إذ لا قدرة لديّ على شراء ملابس جديدة، وكثير من المهجّرين المقيمين في المدينة غيري لجأوا إليها، وغالباً ما يكون مصدر الملابس من دول أوروبية كما علمت من أصدقاء لي، وبعض التجار هنا. هذه الملابس ممتازة الحال أحياناً، لكنّ بعضها رديء ومستعمل لفترات طويلة، ويجب البحث في أكثر من بالة واحدة للعثور على الملابس المناسبة والجيدة". يتابع: "رزقت بمولودتي الأولى، واشتريت ملابس جديدة لها. لا يصحّ أن أجلب لها ملابس قديمة خصوصاً أن ليس لدي أطفال قبلها يمكن أن ترتدي ملابسهم. حصلت على هذه الملابس من أحد المحلات بمدينة الباب بسعر مقبول، ويبقى الأمر الأصعب هو الشتاء، كوني أستخدم الغاز للتدفئة في المنزل الذي أستأجره بمبلغ 150 دولاراً أميركياً، من دون حساب تكاليف الماء والكهرباء وبقية الخدمات كالإنترنت".




تعمل النساء في مخيم الركبان للنازحين قرب الحدود السورية الأردنية على إعادة حياكة الملابس الصوفية لأبنائهن، وذلك بعد فكّ خيوط الصوف من الملابس القديمة، لينسجنها مجدداً، بالإضافة إلى شراء مواد أولية لحياكة ملابس صوفية جديدة. الناشط أحمد عبد الكريم، يتحدث إلى "العربي الجديد" عن مصادر أخرى: "ملابس الأطفال في الغالب غطتها المساعدات الأممية التي قدمت للمخيم منذ نحو شهرين، وبالرغم من أنّها غير كافية في المجمل، فهي تسدّ النقص الكبير في هذا الخصوص. أما ملابس الرجال والنساء فهناك محلات متخصصة ببيع الملابس الجديدة في المخيم لكنّها للأسف مرتفعة الثمن بشكل كبير، إذ تدخل هذه الملابس حالياً عن طريق التهريب عبر الصحراء. بخصوص ملابس البالة، فهي قليلة جداً وشبه نادرة، إذ يمنع النظام دخولها إلى المخيم أيضاً". يتابع عبد الكريم: "الملابس المتوافرة بكثرة، هي ملابس النساء، فهناك نساء كثيرات يعملن في الخياطة، وكلفة الثوب النسائي تتراوح بين ألفي ليرة سورية (نحو 4 دولارات) و8 آلاف (15.5 دولاراً). وفي المقابل، فإنّ غالبية نازحي المخيم من الرجال يعتمدون الزي التقليدي؛ أي الجلابية، ويتراوح سعرها ما بين 12 ألف ليرة (23 دولاراً) و14 ألفاً (27 دولاراً). وفي المخيم خياطان فقط متخصصان بحياكة السروال والقميص، وأسعار الجديد منها مرتفعة جداً، لذلك يتفادى التجار إدخالها إلى المخيم".