أثارت قضية فقد أكثر من 500 حيوان من حديقة حيوانات العاصمة الباكستانية إسلام أباد، المسماة بحديقة "ملغوزار"، استياء الشارع الباكستاني، كما جلبت الأنظار إلى الحالة السيئة للحديقة وفشل كل الجهود التي تبذلها الإدارات المعنية منذ 2016 بمساعدة المتخصصين الدوليين، ذلك على الرغم من ادعاءاتها المتكررة بأخذ جميع الخطوات اللازمة للحفاظ على حياة الحيوانات والطيور الموجودة في الحديقة.
كما يتوقع أن تزيد قضية فقد الحيوانات الصراع الجاري بين المؤسسة القضائية والحكومة التي بدأت إثر تدخل القضاء من أجل تحسين حالة الحيوانات الموجودة في الحديقة قبل فقدها.
بدأت قصة حديقة الحيوانات والجدل بشأنها بين المؤسسة القضائية والحكومة بعد أن أمرت محكمة إسلام أباد، في شهر مايو/أيار الماضي، بأخذ إدارة الحديقة من شركة "ميتروبولتن"، وتسليمها إلى شركة "وايلد لايف"، مع إجراء تغييرات في حالة الحديقة والاهتمام بها.
علاوة على أمرها بنقل بعض الحيوانات، تحديداً الخطرة والحساسة، إلى مناطق أخرى، حتى ولو خارج باكستان، وذلك لعدم وجود أجواء مناسبة لها، وعدم الاهتمام بها، وقد أقدمت السلطات على ذلك، لكن عند النقل وقعت مشكلة أخرى ضاعفت الصراع بين المؤسسة القضائية والحكومة، إنها قضية موت أسدين أثناء نقلهما من إسلام أباد إلى مدينة لاهور.
أضرمت إدراة الحديقة النيران داخل الأقفاص لنقل الأسدين من إسلام أباد إلى لاهور تنفيذاً لأمر المحكمة، ولكن بسبب النار مات اثنان من الأسود، ما أثار ضجة في باكستان. حينها، أثارت محكمة إسلام أباد القضية من جديد ووعد رئيس محكمة إسلام أباد، القاضي أطهر من الله، أن المحكمة لن تترك القضية تمر عبثا وبلا نتيجة، ولا بد من محاكمة من تسبب في قتل الأسدين، مشيراً إلى أن المحكمة ستجعل المدانين في القضية في نفس الأقفاص التي كانت داخلها تلك الحيوانات.
نفق أسدان أثناء نقلهما من إسلام أباد إلى مدينة لاهور
لم تكتف المحكمة بملاحقة المسؤولين في الحديقة، بل أيضا طلبت من وزيرة التغيرات البيئية زرتاج خان، وهي من المقربين لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وكذلك مستشار رئيس الوزراء ويدعى ملك أمين أسلم، المثول أمام المحكمة واتهامهما مع عدد من المسؤولين في شركة "وايلد لايف" بازدراء القضاء، لأن موت الأسدين جاء عند تنفيذ قرار المحكمة ولكن بصورة غير لائقة، كما تدعي المحكمة وهي من خلال إضرام النار في الأقفاص.
بهذا الصدد، قال المحامي فاروق خان لـ "العربي الجديد" إن القضية شائكة وكل من يتابع هذا المسلسل يعرف أن المحكمة تقوم بأداء دورها، إذ لاحظت عدم الاهتمام بالحيوانات، وأن الأجواء داخل أشهر حديقة للحيوانات في البلاد غير مناسبة؛ فهي أمرت بنقل الحيوانات، ولكن السلطات تعاملت مع القضية بصورة غير لائقة حيث أضرمت النار في الأقفاص من أجل نقل الأسود وهو أمر غير مناسب، بالتالي لا بد من ملاحقة المسؤولين قضائيا لمعرفة من تباطأ في القضية أو همش.
كانت المحكمة تنظر في قضية قتل الأسود ومعرفة ملابستها حتى أتت قضية فقد مئات الحيوانات والطيور، ما أثار دهشة الباكستانيين، وهو ما سيفجر صراعا جديدا بين المؤسسة القضائية والحكومة. وبحسب التقارير، استلمت شركة "وايلد لايف" الحديقة في يونيو/حزيران من العام الحالي، وكان عدد الحيوانات والطيور الموجودة فيها فقط 404، وذلك وفق القائمة الموجودة في وقت التسليم، وهي موقعة من قبل كل من نائب مسؤول الحديقة دكتور بلال خلجي، ومدير إدارة التغيرات البيولوجية في وزارة التغير المناخي نعيم أشرف راجه، وأنيس الرحمن المسؤول في شرطة "وايلد لايف"، وتشير تلك المستندات إلى وجود 404 حيوانات في الحديقة فقط.
تبين الفروقات بين مستندات "وايلد لايف" و"ميتروبولتن" فقد مئات الحيوانات والطيور
بيد أن بياناً أصدرته إدارة "ميتروبولتن" التي كانت تدير الحديقة سابقا، في شهر يوليو/تموز من العام الماضي، يفيد بأن عدد الحيوانات الموجودة في الحديقة 917 حيوانا وطيرا، ما يشير إلى وجود فارق كبير، وهذا الفارق الكبير أثار ضجة في الساحة الباكستانية، ولا سيما أنه أتى في وقت فيه القضية مطروحة في الساحة على كل الأصعدة، تحديدا بعد تدخل المحكمة ومواصلتها متابعة القضية.
يقول المحامي فاروق إن هذا التطور أخطر من قضية قتل الأسدين التي فجرت صراعا بين الحكومة والمؤسسة، فتلك القضية كانت متعلقة بأمر أسدين فقط، بينما قضية الفقد تتعلق بنحو 513 حيوانا وطيرا، مؤكدا أن الاحتمالات كثيرة ولكن عند متابعة القضية ستظهر الملابسات، من الممكن أن تكون الطيور والحيوانات المفقودة قد ماتت بسبب الوضع السيئ داخل الحديقة، كما لا يستبعد سرقتها، وعلى أية حال لا بد من ملاحقة المعنيين قضائيا لمعرفة الحقائق.