مكان أندريه ميكيل

15 سبتمبر 2015
+ الخط -
في أيار عام 2010 اختار أندريه ميكيل، الباحث والمستعرب الفرنسي المرموق، وأستاذ الشرف في الكوليج دو فرانس، وهب مكتبته الشخصيّة ومخطوطات مؤلّفاته لجامعة بروفانس، ففيها، وتحديدًا في كلية الآداب، بدأ مسيرته في التدريس.
ما كان ممكنًا لعمل مماثل ينضح بالإخلاص والحبّ والرغبة بالمشاركة، إلا أن يلقى تقديرًا كبيرًا من الجامعة.
هكذا وُلد في الجامعة "مكان أندريه ميكيل للبحث والتوثيق" Espace de recherche et de documentation André Miquel.
صُمّم المكان ليعكس صورة الباحث المرموق ميكيل، فالأمر لا يتعلّق فقط بالكتب التي ألّفت مكتبته وأغنت أبحاثه وروحه، ولا بمخطوطات مؤلّفاته فحسب، بل بشيء آخر ينمّ عن الحبّ والامتنان، ويقدّم للزائر تجربة فريدة لكأنّها قراءة لنصّ غير منشور لميكيل.
فليست الكتب وحدها حاضرة في المكان، بل إن التقدير العميق لأندريه ميكيل، زيّن للقائمين على التصميم إفراد مساحة لمعرض دائم عن أندريه ميكيل. ولعلّه معرضٌ فريدٌ من نوعه، إذ من شأن المقتنيات أن تخبّر سيرة الباحث المميّز. ففي المعرض، وضعت في مكان بارزٍ الآلة الكاتبة التي كان يستعملها ميكيل، قبل الثورة الرقمية، وتمّ ذاك لإخبار قصّة التطور الذي لحق بأساليب الكتابة والقراءة، ومن أجل الإشارة أيضًا إلى أن مخطوطات مؤلّفاته تمثّل جزءًا مهمًا من هذا الكاتب برفقة الكتب التي اقتناها.
كيف يُعكس الباحث في مكانه؟ الجواب الوحيد لسؤال مماثل؛ ماذا قرأ؟ وماذا كتب؟ كذا ثمة غرفة مخصصة لقراءة، يستطيع زائرها الدخول إلى قلب شغف أندريه ميكيل.
تجاويف جدارية تملأ المكان، وكلّ تجويف منها يضمّ كتابًا يمثّل شيئًا عزيزًا على قلب أندريه ميكيل، ويبيّن كيف يقدح الشغف ذهنه، إذ ينقله من رتبة القراءة إلى رتبة الكتابة.

اقرأ أيضاً: معهد العالم العربي

ثلاثة تجاويف مخصصة لمجال ميكيل البحثي المفضّل؛ الجغرافيا والجغرافيون العرب، والشعر العربي الكلاسيكي، وألف ليلة وليلة. وثمّة أيضًا تجويف للأمير؛ أسامة بن منقذ. وآخر لرحلات ميكيل في الأدب العربي الحديث، حيث يشغل الروائي المصري نجيب محفوظ، مكانًا أيضًا.
بالطبع في مكان أندريه ميكيل، نسخٌ قديمة من كتبه المفضّلة التي ألهمته الكتابة؛ أشهر وأوّل نسخة من كتاب عن المعلّقات الجاهلية، ونسخة من ديوان أبي الطيب المتنبي، صحيح أننا لا نجد أثرًا مباشرًا لشاعر العرب في كتابات ميكيل، إلا أن أهمية النسخة أنها نسخة أستاذ أندريه ميكيل؛ المستعرب الفرنسي ريجيس بلاشير. نسختان قديمتان من "ألف ليلة وليلة"، إحداهما هي التي اعتمدها برفقة جمال الدين بن شيخ في ترجمة "الليالي" إلى الفرنسية. ميكيل الشغوف بالجغرافيا والجغرافيين العرب، لديه في مكانه أيضًا نسخة من "تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" لابن بطوطة، وبالطبع "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، للمقدسي الجغرافي المفضّل لأندريه ميكيل.
المساهمون