مقترحات تسريع تشكيل الحكومة المغربية تلتف على نتيجة الانتخابات

13 ديسمبر 2016
دخلت مفاوضات بنكيران لتشكيل الحكومة شهرها الثالث(فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
يدفع تواصل التعثر في تشكيل الحكومة الجديدة في المغرب، والذي تخطى شهرين كاملين، محللين وإعلاميين إلى تداول عدد من السيناريوهات السياسية لتجاوز ما يعتبرونه أزمة سياسية في البلاد، بالنظر إلى الكلفة السياسية والاقتصادية لتأخر تكوين الحكومة وتداعيات ذلك على عمل المؤسسات الدستورية في البلاد.

ويرتبط تشكيل الحكومة الجديدة بموقف حزب "التجمع الوطني للأحرار" حيال المشاركة أو عدمها، لا سيما بعد الشرط الذي عرضه زعيم "الأحرار" عزيز أخنوش، على رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، والمتمثل في رفض مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة، وهو ما لم يقبله بنكيران بدوره. وإذا ما استمر موقف "الأحرار" بعدم قبول تواجد "الاستقلال" في الحكومة المقبلة، بسبب الخشية من تكرار سيناريو الحكومة الأولى عندما انسحب الأخير وأثار أزمة حكومية امتدت أشهراً عدة، وإذا ما تواصل رفض بنكيران لهذا الشرط، فإن تأخر تشكيل الحكومة الجديدة سيأخذ وقتاً طويلاً أكثر مما هو عليه حالياً.


ويطرح محللون ومراقبون وإعلاميون سيناريوهين اثنين لكسر الجمود الذي يطغى على مشاورات الحكومة. الأول يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية، والثاني ينادي باللجوء إلى التحكيم الملكي وفق ما يقتضيه الدستور.

حزب العدالة والتنمية، المتصدر للانتخابات التشريعية الماضية، والمعني الأول بهذه السيناريوهات الرائجة في الكواليس السياسية، يبدي رفضه الشديد لها، خصوصاً لسيناريو حكومة الوحدة الوطنية، باعتبار أنه حل لا يتم اللجوء إليه إلا في حالة أزمة سياسية مستفحلة، وهو الأمر الذي لم يقع بعد.

وفي السياق، يرى رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا معنى للحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية ما دام أمد تشكيل الحكومة الجديدة، وفق نتائج الانتخابات البرلمانية، لا يزال في حدوده المنطقية، ولا تزال مشاورات الحكومة تتواصل على الرغم من الصعوبات الحاصلة.

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش، محمد الزهراوي، إن التعثر أو حالة الانسداد المسجلة على مستوى المفاوضات الحكومية يمكن اعتبارها أمراً عادياً، وهو بمثابة تمرين يعزز مسار التحول الديمقراطي الذي يعرفه المغرب.

ويعتبر الزهراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مثل هذه الواقعة تسجل في أرقى الديمقراطيات في العالم، والنموذج الإسباني خير مثال على ذلك، إذ طال مسلسل المفاوضات خلال هذه السنة من دون إيجاد تسوية سياسية لتشكيل الحكومة، وتمت إعادة الانتخابات للمرة الثانية، وكادت أن تعاد للمرة الثالثة".

ويصف أستاذ العلوم السياسية الأصوات التي تنادي بحكومة وحدة وطنية أو التحكيم الملكي كحلول للخروج من وضعية الجمود التي باتت تنذر بإمكانية العودة إلى صناديق الاقتراع، بأنها "غير عملية ويصعب اعتمادها من الناحية الإجرائية، وتفتقد إلى الأسس والمسوغات القانونية التي تسمح بذلك".

وبخصوص السيناريو الأول المتعلق بحكومة وحدة وطنية، يقول الزهراوي إنه عادة ما يرتبط في الدول الديمقراطية بوجود أزمات كبرى أو وقوع أحداث من شأنها أن تؤثر على استقرار البلاد أو تمس بالسير العادي للمؤسسات. وبالنسبة إليه فإن تعثر مسار المفاوضات، وفق السياق المغربي الحالي، لا يندرج ضمن خانة "الأزمة" بالمفهوم الدقيق والمتعارف عليه.

وفي ما يتعلق بالسيناريو الثاني، يوضح الزهراوي أن الاختصاص المرتبط بالتحكيم الملكي "تمت دسترته في دستور 2011 من خلال الفصل 42، غير أن استخدام هذا الاختصاص من دون احترام الضوابط والمحددات النظرية المؤطرة لحقل التحكيم يطرح مجموعة من الإشكالات السياسية والقانونية". ويشرح بأن "هذا الفصل يحدد الوظائف والاختصاصات السيادية والتحكيمية والرمزية للملك؛ كالمحافظة على استمرار الدولة، وصيانة السير العادي للمؤسسات وحماية والحقوق والحريات، في حين أن التعثر والعجز المسجل في مسار المفاوضات الخاص بتشكيل الحكومة، يعتبر مسألة حزبية خالصة تهم الفرقاء السياسيين".

ويرى الزهراوي أن "تدخل الملك في هذه القضية لتقريب وجهات النظر، يتعارض مع موقعه الدستوري والمؤسساتي، الذي يتطلب نوعاً من الحياد لتفادي وقوع المؤسسة الملكية في محاذير عديدة، لأن إقحام الخلافات الحزبية حول منهجية التفاوض لتشكيل الحكومة ضمن مجالات التحكيم الخاصة بالمؤسسات الدستورية، هو من الأمور التي تناقض مبدأ احترام القواعد الدستورية، وترهن القرار الحزبي الذي يفترض فيه الاستقلالية". ويخلص إلى أن هناك سابقة تؤكد استبعاد هذا السيناريو، وتتعلق بواقعة خروج حزب الاستقلال من حكومة بنكيران في نسختها الأولى، عندما طالب هذا الحزب عبر بيان مجلسه الوطني بالتحكيم الملكي بينه وبين بنكيران، لكن تم رفض هذا الطلب بشكل صريح.