مقاهٍ للنساء والعائلات في ليبيا

01 أكتوبر 2019
تفضل بعض النساء المقاهي غير المختلطة (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تنتشر المقاهي المخصصة للنساء والعائلات في عدد من المناطق الليبية. ويوماً بعد يوم، تلقى قبولاً أكبر في المجتمع ما يمنح النساء قدراً من الحرية في مجتمع محافظ، وإن كان هناك رفض من قبل بعض الإسلاميين المتشددين

لاقت مقاهي النساء في ليبيا نجاحاً كبيراً، حتى أنها تجاوزت العاصمة طرابلس، وصولاً إلى كل من مصراته وبنغازي. اللافت هو تقبّل المجتمع الليبي المحافظ للمقاهي النسائية ثم العائلية التي تستقبل الذكور والإناث على حد سواء. ويشتهر مقهى المانغو الذي افتتح في عام 2012 في طرابلس، بكونه أول المقاهي المخصصة للنساء، وقد لقي قبولاً واسعاً بين النساء اللواتي وجدنه مكاناً جيداً للراحة والاسترخاء.

وتُفضّل بعض النساء المقاهي غير المختلطة. تقول مبروكة قدري التي تتحدّر من حي باب تاجوراء: "للاختلاط سلبياته. ويتجلى الأمر في الوظائف العامة والأسواق. نحتاج إلى الخصوصيّة"، مشيرة إلى أنها ترتاد بعضها في طرابلس.




إضافة إلى المقاهي النسائية، انتشرت المقاهي العائليّة. وفي العاصمة طرابلس عدد من المقاهي، ويقف عند أبوابها حرّاس يشترطون دخول العائلات فقط كزبائن حفاظاً على الخصوصيّة. وفي بعضها أقسام ترفيهية للأطفال.

وتشجع قدري هذا التحرر "المنضبط" كما تصفه. وترى في وجود حراسة أمنية تصر على دخول العائلات فقط مؤشراً إيجابياً للحفاظ على قدر من تقاليد المجتمع. من جهة أخرى، يتيح الاختلاط هامشاً أكبر من الحرية للمرأة. وتتحدث عن إجراءات مماثلة في المدينة المائية الوحيدة في طرابلس، لافتة إلى أن الإدارة خصصت يومين في الأسبوع للنساء حتى يستمتعن بوقتهن بحرية.

وتشير قدري إلى تقبّل المجتمع الاختلاط المنضبط الذي بدأ في الجامعات. وقد خصصت مقاهي للقاء الطلاب الذكور والإناث ومراجعة الدروس وتناول الطعام. وتؤكد أن ابنتها ترتاد أحد هذه المقاهي للقاء زملائها الذكور والإناث. وتقول: "أنا مرتاحة جداً لأنني زرت المقهي وتعرفت على صاحبه ولاحظت مدى انضباط الشبان والفتيات فيه".

في المقابل، اعترض التيار الإسلامي المتشدد، والمتمثل في الجماعة المدخلية النافذة في المدينة وشرق البلاد، على انتشار المقاهي النسائية في بنغازي. وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، داهمت مجموعة مدخلية سلفية مقهى كازا كفي أثناء إقامة عدد من النساء والفتيات حفلاً خاصاً بهن.

وعلى الرغم من الجدال الواسع نتيجة لما حدث، إلا أن وزارة الداخلية في حكومة البرلمان الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر بررت المداهمة بأنها شكل من أشكال الرقابة، لافتة إلى أن الحفل كان مشبوهاً على الرغم من تأكيدات صاحب المقهى لوسائل الإعلام، التي قال فيها إن الحفل منضبط ومعلن عنه بشكل رسمي. كما أن المقهى يقع في قلب المدينة، ما لا يسمح بإقامة أي نشاط مشبوه.

وبسبب حملة رافضة، اضطرت أربعة مقاه نسائية في المدينة إلى تغطية واجهاتها الزجاجية بالستائر لحجب وجوه النساء، الأمر الذي ترفضه سلطانه العقوري، وهي مواطنة من بنغازي. وتقول: "سلطة المداخلة مرحلية، وقد اتخذت من تقاليد المجتمع دعماً لها، وهي التقاليد نفسها التي كانت تعترض في العقود الماضية على أن تبيع محال تجارية ملابس للنساء، علماً أن هذا أصبح مقبولاً اليوم".

واللافت إقامة مقاه خاصة للنساء المنقبات. وقد افتتح أحد هذه المقاهي في شارع الظلّ في طرابلس، ولا ترتاده إلا المنقبات.

وتشجع العقوري المقاهي العائليّة، مشيرة إلى أن أنها ترتاد أحدها بصحبة شقيقتها ووالدها كلّما توجهت إلى طرابلس. وتلاحظ أن الأمر أصبح مقبولاً بشكل كبير بالمقارنة مع الماضي. وعادة ما تفتتح المقاهي العائلية قرب مراكز التسوق الكبيرة، وتتيح فرصة للنساء الاستراحة بعد التسوق. وتقول العقوري إن "طرابلس تشهد تغييراً كبيراً، وسيكون لهذا أثره على المدن والمناطق البعيدة. في تاجوراء في طرابلس، افتتح أحد أكبر مراكز التسوق ويضم مطاعم ومقاهي للنساء".




وتشير إلى أن مناطق أخرى تشهد أموراً مماثلة، حتى في الأرياف. وتؤكد أن بعض الأرياف شهدت افتتاح مراكز تسوق نسائية تديرها نساء، وتضم مطاعم ومقاهي خاصة بالنساء. وترى أن: مثل هذه الأمور جيدة وإيجابية، خصوصاً أن المرأة في تلك الأرياف المحافظة حظيت ببعض الراحة والخصوصية، حيث لا يسمح للرجال بالاقتراب حتى من أبواب تلك المراكز".
وقد يحتاج الأمر بعض الوقت قبل أن يعتاد الناس على وجود مقاه مخصصة للنساء وأخرى عائلية تماماً، إذ ليس من السهل خرق تقاليد مجتمع محافظ بسرعة. لكن يبدو أن الكثير من المواطنين متفائلون بإمكانية التغيير في المجتمع.
دلالات
المساهمون