أكد المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين السوريين في الأردن، محمد الحواري، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن عودة اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن إلى بلدهم سورية لن تكون قسرية في أي حال من الأحوال، وذلك إثر انتشار شائعات بين أوساط اللاجئين عن إعادتهم قسراً إلى سورية.
وأوضح أنه لا يوجد لدى المفوضية حالياً أي تصور بشأن عودة اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن إلى سورية، وأن ذلك يعتمد على متطلبات أساسية عدة أهمها فتح الحدود البرية بين البلدين، والحصول على ضمانات دولية من القوى الكبرى على سلامة وأمن اللاجئين لدى عودتهم مستقبلاً إلى بلادهم.
وقال الحواري: "إن المفوضية، وفي محاولة منها لطمأنة اللاجئين السوريين في الأردن، أرسلت لهم رسائل نصية على هواتفهم وبأكثر من وسيلة للتأكيد أن عودتهم مستقبلاً ستكون طوعية، مقابل الحصول على التزامات دولية بالحفاظ على سلامتهم وأمنهم وعدم التعرض لهم".
وأضاف الحواري أن المفوضية طمأنت اللاجئين باستمرار تقديمها المساعدات الإنسانية لهم إلى حين عودتهم إلى بلادهم من دون توقف، مشيراً إلى أن أي ترتيبات بشأن اللاجئين ستتم بالتنسيق مع الحكومة الأردنية. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن نحو 1.4 مليون لاجئ يقيمون في مخيمات عدة أكبرها مخيم الزعتري شمال شرق العاصمة عمّان، إلى جانب أعداد كبيرة منهم تعيش في المدن والأرياف الأردنية.
وقال الحواري إن أعداد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية في الأردن بلغ 660 ألف لاجئ ولاجئة، مؤكداً أن المفوضية لم تتلق أية طلبات بأعداد غير اعتيادية من قبل اللاجئين تُشعر المفوضية برغبتهم في العودة إلى ديارهم. وأضاف أن أعداد طلبات العودة التي تتلقاها المفوضية حالياً تكاد تصل إلى 50 لاجئاً يريدون العودة لظروف عائلية، لافتاً إلى أن عدد اللاجئين العائدين خلال السنوات الماضية وصل في المجمل إلى 15 ألف تقريبا.
وتابع الحواري أن "عودة اللاجئين ترتبط مباشرة بزوال الظروف التي دعتهم للخروج من بلادهم، وضمان حفظ كرامتهم"، مؤكداً أن "العمليات القتالية ما زالت دائرة داخل الأراضي السورية وهو أمر لا يُشجّع على العودة".
وقال الناشط في مجال إغاثة اللاجئين السوريين زياد الصمادي، لـ"العربي الجديد": "إن اللاجئين السوريين يعيشون حاليا حالة من القلق والذعر بسبب الشائعات التي انتشرت قبل أيام بأمر ترحيلهم قسراً إلى بلادهم، رغم المخاطر التي تهدد حياتهم، وإمكانية ملاحقتهم من قبل الجهات الأمنية في سورية".
ولفت إلى أن اللاجئين السوريين في الأردن قدموا من عدة مناطق مثل درعا ودمشق وحمص وحلب وغيرها، وبالتالي ليس من السهل عودتهم الآن بسبب المخاوف الأمنية وعدم استقرار الأوضاع في بعض المدن والقرى السورية.
وقال الصمادي إن مفوضية اللاجئين تحاول جاهدة، إزاء حالة الهلع التي انتابت اللاجئين السوريين، أن تطمئنهم بأن عودتهم لن تكون إلا طوعية، وبعد الحصول على ضمانات دولية تضمن عدم التعرض لهم. ولم يخفِ أن بعض اللاجئين يكثفون جهودهم للحصول على لجوء إلى دول أخرى في هذه المرحلة.
وأكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، أن الأردن يشجع العودة الطوعية للاجئين إلى وطنهم، ويدعم جهود توفير الظروف التي تتيح ذلك. وأشار في تصريحات يوم الجمعة الماضي إلى أهمية إيجاد البيئة الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تضمن أمن السوريين واستقرارهم، كضرورة لتشجيع اللاجئين على العودة.
وقدرت الحكومة كلفة استضافة اللاجئين السوريين حتى الآن بنحو 10.5 مليارات دولار. وكشفت المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين مؤخراً أن الخطة الإقليمية للاجئين تحتاج إلى تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات لعام 2018 إلى ما مجموعه 5.6 مليارات دولار، لتوفير المساعدة لما يزيد عن 9 ملايين لاجئ وفرد من الفئات الأشد ضعفاً من المجتمعات المضيفة للاجئين.
وحذرت المفوضية من نقص تمويل برامج المساعدات المقدمة للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية شؤون اللاجئين، أمين عوض: "تقدمت منظمات الأمم المتحدة بنداء للحصول على 5.6 مليارات دولار لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة، لكن لم يتم الحصول سوى على 18 إلى 20 في المائة من قيمة النداء".
وتوقعت المفوضية أن يقل تمويل الخطة الإقليمية للاجئين، وكذلك تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات عن الثلث. وأعربت المفوضية عن خشيتها من انقطاع المساعدات وتوقف بعض البرامج الضرورية، بما يبقي مزيداً من الأطفال خارج المدارس، ومرضى من دون علاج، وارتفاع عمالة الأطفال وزواج القاصرات.
وقالت إن الأردن وتركيا ولبنان والعراق ومصر تعاني مؤسساتها الحكومية وخدماتها الرئيسة وبناها التحتية من ضغط يفوق قدرتها بكثير، ما يؤثر على اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء. وأضافت أن تمويل برامجها يتفاوت من دولة إلى أخرى، إذ يعاني الأردن ولبنان من فجوات حرجة في التمويل على مستوى البرامج الأساسية، وُصنّف عدد اللاجئين مقابل عدد السكان من بين الأعلى على مستوى العالم.