لا يمكن لميت أن يعود إلى الحياة. هذه حقيقة مسلّم بها ولا مراء فيها، لكن قد يلامس الحيّ الموت ويشمّ رائحته، وينجو من شراكه، فتكون لديه تجربة فريدة لا بدّ من نقلها إلى الآخرين. هذه حال بعض المواطنين المغاربة
هم "الناجون من الموت". مغاربة لم يعبروا إلى الحياة الأخرى، واستطاعوا العودة إلى دنيانا بكثير من العناية الربانية، ليحكوا لغيرهم ما شعروا به في تلك اللحظات الإنسانية النادرة والمشاعر النفسية القاسية، لتكون تجاربهم بمثابة مرآة حقيقية لملامسة "الشعرة الرقيقة" بين الموت والحياة.
من الناجين حديثاً من موت محقق طالبة الطب في مدينة مراكش فاطمة الزهراء كمراني، التي تعرضت لرصاصة اخترقت جانب بطنها ولامست الأمعاء والكبد، في هجوم لمجرمين ينتميان إلى عصابة دولية على أحد المقاهي المعروفة بالمدينة في سياق تصفية حسابات مع مالكها، أوائل الشهر الجاري، وكانت الطالبة تجلس في المكان الخطأ برفقة زملائها.
عند طاولة في مقهى "لا كريم"، وسط مراكش، كانت الشابة برفقة زميلين لها في كلية الطب يتبادلون الحديث، قبل أن تظهر فجأة دراجة نارية كبيرة فوقها شخصان وجه أحدهما رصاص مسدسه صوب المكان الذي تجلس فيه ظناً منه أنّ مالك المقهى يجلس هناك، فقتلت الرصاصات شاباً على الفور، بينما أصيبت فاطمة الزهراء برصاصة.
تروي الطالبة لـ"العربي الجديد"، قصتها بين الحياة والموت، بالقول إنّها لم تدرك ما حصل ليلتها بعد سماع أصوات الرصاص. لم تشعر بنفسها إلّا وهي على الأرض تطلب النجدة، وكلّ ظنّها أنّ الدماء التي على ثيابها ليست منها، قبل أن تشعر بأنّها أصيبت في الهجوم، لتدخل في غيبوبة بعدها، وقد نقلت إلى أحد مستشفيات المدينة سريعاً. تقول الناجية إنّها ذهلت عندما عرفت لاحقاً أنّ رصاصة اخترقت أحشاءها، وأصابت أمعاءها وكبدها، وأنّها نجت من الموت. تعلق أنّها تدين بحياتها إلى الله أولاً، وإلى زميلها طالب الصيدلة الذي كان يجلس عند طاولة مجاورة فتمكن من إسعافها من خلال وقف النزيف بطريقة خاصة بالرغم من عدم توفر الأدوات الطبية اللازمة، ثم ثالثاً إلى الطبيب الذي أخرج الرصاصة من بطنها.
اقــرأ أيضاً
تتابع فاطمة الزهراء أنّها مرت في جوار الموت حتى أنّ أسرتها وعدداً من زملائها ومعارفها ظنوا أنّها لن تعود إلى الحياة بعد مرحلة حرجة مرت فيها، خصوصاً أنّها أمضت بعض الوقت في غيبوبة. وتضيف أنّ الأقدار شاءت غير ذلك، وأرادت أن تستمر في الحياة لحكمة ربانية ما: "ربما حتى أكون طبيبة أعالج آلام الناس وأنقذ حياتهم كما أنقذ الأطباء حياتي من موت مؤكد".
سيدة أخرى تدعى بوشتاوية، في بداية أربعينياتها، تتذكر في حديث إلى "العربي الجديد"، كيف أنّها ذات يوم كانت برفقة ثلاث من صديقاتها عند أحد الشواطئ القريبة من العاصمة الرباط، والخالية من الناس غالباً، بهدف الاستجمام بعيداً عن أعين المتلصصين. فجأة لاحظت أن إحدى صديقاتها رفعت يدها طلباً للنجدة بعدما غاصت في البحر، وهي لا تتقن السباحة. تقول بوشتاوية إنّها لم تشعر إلّا وهي تهرع إلى نجدة صديقتها، فتوجهت صوبها من أجل الإمساك بها وإخراجها من البحر، لكنّها كانت ثقيلة فضغط وزنها عليها لتصبح بوشتاوية هي التي تتعرض للغرق أيضاً. تضيف أنّها غابت عن وعيها بضع ثوانٍ تخيلت فيها الموت، وكيف ستترك أولادها "من دون أم"، كما تقول. تتابع أنّها عاشت لحظات هي الأصعب في حياتها ولن تنساها أبداً، كما تكره أن تتذكرها أيضاً لأنّها تشعرها بضعفها وقلة حيلتها أمام شبح الموت، مشيرة إلى أنّها لا تعلم حتى الآن كيف طفت على وجه الماء بالرغم من وزنها الزائد، وكيف أنّ بعض المارة القليلين أخرجوها من البحر بعد استنجاد الصديقة الثالثة بهم، قبل أن تجد نفسها في بيت صديقتها وهي تتقيأ المياه التي في جوفها.
لا يقتصر الأمر على كبار اختبروا تجربة الموت ونجوا منه بالكاد، فالجميع يتساوى أمام الموت، وبذلك لا فارق بين كبار وصغار في هذه المسألة. من هنا يتحدث طفل نجا من موت محقق في كارثة اهتز لها المغرب عام 2015، وتتعلق بغرق عدد من الأطفال في شاطئ الصخيرات ينتمون إلى جمعية رياضية، بعدما جرفهم التيار البحري، إلى "العربي الجديد"، أنّه كان برفقة أصدقائه، فضربتهم موجة عملاقة وفتكت بهم، لكنّه قاومها بكل ما أوتي من قوة، ولم ينقذه من الموت سوى شخص هبّ إلى المساعدة لكنّه لم يتمكن من إنقاذ الجميع، إذ غرق في الكارثة أكثر من 10 أطفال.
النجاة من الموت كانت بطلتها أيضاً الممثلة المغربية زهيرة صادق، التي تحكي عن تلك التجربة المريرة أنّ أسطوانة غاز انفجرت في بيتها وأحرقته بما فيه، لكنّها استطاعت النجاة من ألسنة النيران بأعجوبة. وهو نفس مصير الفنان جواد السايح (الموتشو) الذي نجا من موت محقق بسبب حادث سقوط تعرض له عند تصوير مسلسل تلفزيوني أجرى من بعده 5 عمليات جراحية.
اقــرأ أيضاً
هم "الناجون من الموت". مغاربة لم يعبروا إلى الحياة الأخرى، واستطاعوا العودة إلى دنيانا بكثير من العناية الربانية، ليحكوا لغيرهم ما شعروا به في تلك اللحظات الإنسانية النادرة والمشاعر النفسية القاسية، لتكون تجاربهم بمثابة مرآة حقيقية لملامسة "الشعرة الرقيقة" بين الموت والحياة.
من الناجين حديثاً من موت محقق طالبة الطب في مدينة مراكش فاطمة الزهراء كمراني، التي تعرضت لرصاصة اخترقت جانب بطنها ولامست الأمعاء والكبد، في هجوم لمجرمين ينتميان إلى عصابة دولية على أحد المقاهي المعروفة بالمدينة في سياق تصفية حسابات مع مالكها، أوائل الشهر الجاري، وكانت الطالبة تجلس في المكان الخطأ برفقة زملائها.
عند طاولة في مقهى "لا كريم"، وسط مراكش، كانت الشابة برفقة زميلين لها في كلية الطب يتبادلون الحديث، قبل أن تظهر فجأة دراجة نارية كبيرة فوقها شخصان وجه أحدهما رصاص مسدسه صوب المكان الذي تجلس فيه ظناً منه أنّ مالك المقهى يجلس هناك، فقتلت الرصاصات شاباً على الفور، بينما أصيبت فاطمة الزهراء برصاصة.
تروي الطالبة لـ"العربي الجديد"، قصتها بين الحياة والموت، بالقول إنّها لم تدرك ما حصل ليلتها بعد سماع أصوات الرصاص. لم تشعر بنفسها إلّا وهي على الأرض تطلب النجدة، وكلّ ظنّها أنّ الدماء التي على ثيابها ليست منها، قبل أن تشعر بأنّها أصيبت في الهجوم، لتدخل في غيبوبة بعدها، وقد نقلت إلى أحد مستشفيات المدينة سريعاً. تقول الناجية إنّها ذهلت عندما عرفت لاحقاً أنّ رصاصة اخترقت أحشاءها، وأصابت أمعاءها وكبدها، وأنّها نجت من الموت. تعلق أنّها تدين بحياتها إلى الله أولاً، وإلى زميلها طالب الصيدلة الذي كان يجلس عند طاولة مجاورة فتمكن من إسعافها من خلال وقف النزيف بطريقة خاصة بالرغم من عدم توفر الأدوات الطبية اللازمة، ثم ثالثاً إلى الطبيب الذي أخرج الرصاصة من بطنها.
تتابع فاطمة الزهراء أنّها مرت في جوار الموت حتى أنّ أسرتها وعدداً من زملائها ومعارفها ظنوا أنّها لن تعود إلى الحياة بعد مرحلة حرجة مرت فيها، خصوصاً أنّها أمضت بعض الوقت في غيبوبة. وتضيف أنّ الأقدار شاءت غير ذلك، وأرادت أن تستمر في الحياة لحكمة ربانية ما: "ربما حتى أكون طبيبة أعالج آلام الناس وأنقذ حياتهم كما أنقذ الأطباء حياتي من موت مؤكد".
سيدة أخرى تدعى بوشتاوية، في بداية أربعينياتها، تتذكر في حديث إلى "العربي الجديد"، كيف أنّها ذات يوم كانت برفقة ثلاث من صديقاتها عند أحد الشواطئ القريبة من العاصمة الرباط، والخالية من الناس غالباً، بهدف الاستجمام بعيداً عن أعين المتلصصين. فجأة لاحظت أن إحدى صديقاتها رفعت يدها طلباً للنجدة بعدما غاصت في البحر، وهي لا تتقن السباحة. تقول بوشتاوية إنّها لم تشعر إلّا وهي تهرع إلى نجدة صديقتها، فتوجهت صوبها من أجل الإمساك بها وإخراجها من البحر، لكنّها كانت ثقيلة فضغط وزنها عليها لتصبح بوشتاوية هي التي تتعرض للغرق أيضاً. تضيف أنّها غابت عن وعيها بضع ثوانٍ تخيلت فيها الموت، وكيف ستترك أولادها "من دون أم"، كما تقول. تتابع أنّها عاشت لحظات هي الأصعب في حياتها ولن تنساها أبداً، كما تكره أن تتذكرها أيضاً لأنّها تشعرها بضعفها وقلة حيلتها أمام شبح الموت، مشيرة إلى أنّها لا تعلم حتى الآن كيف طفت على وجه الماء بالرغم من وزنها الزائد، وكيف أنّ بعض المارة القليلين أخرجوها من البحر بعد استنجاد الصديقة الثالثة بهم، قبل أن تجد نفسها في بيت صديقتها وهي تتقيأ المياه التي في جوفها.
لا يقتصر الأمر على كبار اختبروا تجربة الموت ونجوا منه بالكاد، فالجميع يتساوى أمام الموت، وبذلك لا فارق بين كبار وصغار في هذه المسألة. من هنا يتحدث طفل نجا من موت محقق في كارثة اهتز لها المغرب عام 2015، وتتعلق بغرق عدد من الأطفال في شاطئ الصخيرات ينتمون إلى جمعية رياضية، بعدما جرفهم التيار البحري، إلى "العربي الجديد"، أنّه كان برفقة أصدقائه، فضربتهم موجة عملاقة وفتكت بهم، لكنّه قاومها بكل ما أوتي من قوة، ولم ينقذه من الموت سوى شخص هبّ إلى المساعدة لكنّه لم يتمكن من إنقاذ الجميع، إذ غرق في الكارثة أكثر من 10 أطفال.
النجاة من الموت كانت بطلتها أيضاً الممثلة المغربية زهيرة صادق، التي تحكي عن تلك التجربة المريرة أنّ أسطوانة غاز انفجرت في بيتها وأحرقته بما فيه، لكنّها استطاعت النجاة من ألسنة النيران بأعجوبة. وهو نفس مصير الفنان جواد السايح (الموتشو) الذي نجا من موت محقق بسبب حادث سقوط تعرض له عند تصوير مسلسل تلفزيوني أجرى من بعده 5 عمليات جراحية.