بدد ارتفاع أسعار تذاكر شركات الطيران السودانية الخاصة حلم أبو أحمد سعد الدين، الموظف بالدرجة الثالثة القيادية في وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم، في الحج هذا العام، إذ تضاعفت أسعار تذاكر الرحلة من الخرطوم إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة من 15 ألف جنيه سوداني (468 دولارا أميركيا) في العام الماضي، إلى 31 ألف جنيه (968 دولارا)، بينما وصلت تكلفة الرحلة بكاملها إلى 89.412 جنيها سودانيا (تعادل 2794 دولارا) تشمل بقية رسوم السكن والإعاشة والتفويج والتنقلات لأداء المناسك، كما يقول.
وتضاعفت تكلفة الحج بنسبة 100%، وسجلت ولاية جنوب دارفور، الواقعة في أقصى الغرب السوداني، أعلى تكلفة للحج عبر الطيران، بمبلغ 93 ألف جنيه (2906 دولارات) لتذاكر الطيران ورسوم الرحلة، وأقل تكلفة كانت في ولاية البحر الأحمر أقصى الشرق، إذ بلغت 78 ألف جنيه (2437 دولار)، كما أكد مدير الإدارة العامة للحج والعمرة علي شمس العلا التهامي، لـ"العربي الجديد". لافتا إلى عدم وجود حجاج مفوجين عبر الجو من ثلاث ولايات هي (غرب ووسط دارفور وجنوب كردفان)، مضيفا أن السلطات السعودية منحت دولة السودان 35 ألف تأشيرة حج، بزيادة 3 آلاف عن حصة العام الماضي، من بينها 6500 فرصة حج سياحي.
غياب الناقل الوطني
أدى غياب الناقل الوطني المتمثل في الخطوط الجوية السودانية "سودانير" عن موسم الحج لأول مرة منذ تأسيسها عام 1946، إلى طمع شركات الطيران التجارية الوطنية في رفع أسعار التذاكر على حجاج هذا العام، بحسب ما أفاد مدير العلاقات الدولية في الخطوط الجوية السودانية محمد سيد جابر لـ"العربي الجديد". لكن مدير الإدارة العامة للحج والعمرة يصف العقود التي تم توقيعها مع شركات الطيران الوطنية التجارية بـ"المرنة"، عازيا ارتفاع تكلفة الحج هذا العام إلى تراجع سعر الجنيه السوداني أمام أسعار العملات الأجنبية.
وتتحكم تكلفة الوقود في أسعار تذاكر الطيران بشكل أساسي، وفق ما أوضحه الناطق الرسمي باسم الطيران المدني السوداني، الدكتور عبد الحافظ عبد الرحيم، والذي أكد لـ"العربي الجديد" أن الوقود يمثل 40% من التكلفة، وكل من تكلفة قطع الغيار والضرائب، والرسوم الجمركية، ورسوم المطارات، وأجور طاقم الطائرة تمثل باقي الـ60% من التكلفة، إلى جانب قيمة المسافة وفقا لما يحدده الاتحاد الدولي للطيران المدني، حسب سعر الميل البحري الجوي، مشيرا إلى أن كل شركات الطيران الوطنية الخاصة تسدد تلك الرسوم بالعملة الصعبة التي يتراجع أمامها الجنيه السوداني.
لكن شركة بدر للطيران، قللت من الحديث عن ارتفاع تذاكر طيرانها التي تبيعها للحجاج بسعر 31 ألف جنيه، على لسان أحد ملاكها، والذي يشغل منصب مدير الإدارة التجارية، الفاتح أبو شعيرة، والذي دعا إلى مقارنة السعر بتكلفة التشغيل المرتفعة، قائلا "الأسعار التي حددتها سلطات الحج والعمرة مع سلطات الطيران المدني، لم تراع الزيادات الكبيرة في التكاليف"، غير أن الدكتور عبدالرحيم يؤكد أن تحديد أسعار تذاكر الحجاج يتم عبر لجنة مشتركة بين الإدارة الاتحادية للحج والعمرة وسلطات الطيران المدني وغرفة النقل الجوي، والأخيرة هي التي تجيز السعر النهائي، كما يقول.
بينما يردّ أشرف الأسد، الخبير في مجال شركات الطيران والذي عمل سابقا في إدارة سودانير، على الآراء السابقة بأن طبيعة عمل شركات الطيران الخاصة تتسم بكونها ربحية، قائلا إن "الشركات الخاصة ستجني من موسم الحج هذا العام أرباحا عالية، بعد أن استفادت بدقة وقوة من هذه الفرصة التي لن تعوض"، وهو ما يؤيده مدير العلاقات الدولية في الخطوط الجوية السودانية، قائلا "أسعار التذاكر ستهبط إلى نصف سعرها عقب انتهاء الموسم".
ويقر مصدر في شركة طيران ناس (فضّل عدم ذكر اسمه) أن الحج موسم للأرباح، وسوق للمنافسة، ويحدث مرة واحدة في العام، قائلا لـ"العربي الجديد"، الطيران السوداني يعود من مطار الملك عبد العزيز فارغا بلا ركاب، مضيفا أن تراجع الجنيه السوداني أمام الدولار، واضطرارهم إلى شراء الدولار من السوق السوداء، يعد سببا رئيسيا لما جرى.
اقــرأ أيضاً
فشل محاولات تشغيل سودانير
"غياب الإدارة المقتدرة والمبادرة لدى شركة سودانير أدى إلى حرمان الحجاج السودانيين من الاستفادة من مزايا سودانير هذا العام" بحسب ما يراه رئيس لجنة النقل في البرلمان السوداني، محمد الشايب، والذي أكد لـ"العربي الجديد"، وجود محاولات عديدة لتشغيل الناقل الوطني، لكن كلها باءت بالفشل، كما يقول. معيداً سبب خروج الخطوط الجوية السودانية من المشاركة في نقل حجاج هذا العام إلى شروط محددة يجب على شركة سودانير الوفاء بها للحصول على رخصة التشغيل، لكنه يصعب عليها ذلك خلال هذه الفترة، التي يتم فيها إعادة هيكلة إدارتها.
وتمر الشركة حاليا بمرحلة إعادة هيكلة، بعد أن قامت بإلغاء كل الوظائف وتسريح العاملين فيها والاكتفاء بلجنة تسيير للأعمال، نتيجة المشاكل الإدارية والمالية التي تمر بها، حسب مدير العلاقات الدولية في سودانير، محمد سيد جابر، والذي أشار إلى أن السلطات المعنية بأمر الناقل الوطني تعمل جاهدة داخل البلاد وخارجها للبحث عن كفاءات تعهد إليها إدارة الشركة التي تسببت الإدارات المتعاقبة في الحال الذي آلت إليه.
واتخذ مجلس إدارة شركة سودانير قرارا، في اجتماع موسع، بعدم المشاركة في موسم الحج هذا العام، بعد دراسة وضعهم الحالي، عقب مخاطبة سلطات الطيران المدني السودانية للمشاركة في موسم الحج، بحجة الرغبة في العودة للظهور بقوة، كما يقول جابر. لافتاً إلى أنهم شاركوا في نقل 4 آلاف حاج العام الماضي، رغم الظروف السيئة التي كانت تمر بها الشركة، ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها من خلال استئجارها طائرة، ومع هذا التزمت بواجبها الوطني.
توازن أسعار التذاكر
يخلق وجود الناقل الوطني في السوق توازنا في أسعار تذاكر الطيران، ويدفع الشركات الخاصة إلى خفض أسعارها في إطار المنافسة، بحسب ما أوضحه أشرف الأسد، مشيرا إلى أنه رغم أن أسطول الناقل الوطني ضعيف، إلا أنه كان يمكن الاستفادة من علاقات الشركة الدولية في مجال الطيران واستئجار طائرات للمشاركة في نقل الحجاج السودانيين، واصفا وزارة النقل المسؤولة عن الشركة بأنها محدودة الأفق، وساهمت الأزمة الحالية في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران. وهو ما يؤكده رئيس لجنة النقل في البرلمان السوداني، والذي قال إن خروج الشركة من سوق المنافسة، يعتبر عاملا حاسما في تحديد أسعار التذاكر، مؤكدا قدرة الناقل الوطني على نقل كل حجاج الموسم من خلال استئجار طائرات، إذا توفرت الهمة وحسن الإدارة.
وتابع: كان بإمكان شركات الطيران الوطنية الخاصة الاستفادة من المزايا التي يتمتع بها الناقل الوطني بموجب اتفاقيات دولية، من خلال الدخول في شراكات مع سودانير، بحيث تكون الأخيرة بمثابة غطاء للأولى، لتوفر عليها كثيرا من المصروفات، خاصة تلك التي يتم إعفاء الناقل الوطني منها، في إطار اتفاقيات التعامل بالمثل مع الناقلات الوطنية النظيرة، كما يقول.
ويرى رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد، والمسؤول عن ملف الحج في العاصمة الخرطوم، الدكتور جابر إدريس عويشة، أن الخطوط الجوية السودانية، تتميز بكونها شركة مملوكة للدولة تقوم بدور مهم في إطار المجتمع السوداني، ضاربا المثل بتسامحها مع الحجاج في معاملاتها وإجراءاتها، قائلا "حتى إنها لا تطالب بتسديد مبالغ مالية في حالة تأخر الراكب، أو في حالة تغيير مواعيد الرحلة من جانب الراكب، ولا تسقط تذكرة الراكب لأي ظرف من الظروف"، في حين تفتقد شركات الطيران التجارية الوطنية تلك المزايا.
بدائل غير مشجعة
يدافع عويشة عن سعي الدولة إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية عن الحجاج، إذ حرصت على ألا تزيد رسوم الحج، مشيراً إلى مفاوضات مع الحكومة السعودية جرت لإبقاء التكلفة كما كانت عليها في العام الماضي، وتمت الموافقة باستثناء زيادة نسبة 5% عبارة عن ضريبة القيمة المضافة، لأي خدمة داخل المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن ولاية الخرطوم تعاقدت مع شركة "طيران ناس"، لمدة ثلاثة أعوام متتالية، لنقل حجاج الولاية المسافرين عبر الطيران، والبالغ عددهم 6 آلاف من أصل 7248 حاجا وحاجة.
ويؤكد مصدر من شركة طيران ناس تعاقدهم مع ولاية الخرطوم لنقل حجاجهم لمدة ثلاثة أعوام متتالية، مشيرا إلى أن هذا أبلغ رد على اتهامهم بعدم التساهل في أسعار التذاكر، لكنه عاد ليقول لـ"العربي الجديد" إن الشركة تحاول جاهدة أن تبدي نوعا من التساهل، ومراعاة الظروف الخارجة عن الإرادة التي يمر بها بعض الحجاج، مضيفا أن طيرانهم قام بنقل حجاج ولاية الخرطوم، حسب التقسيم بين شركات الطيران الوطنية بالاتفاق مع الإدارة الاتحادية للحج والعمرة، على أن يكون سعر التذكرة 25750 جنيها (804 دولارات).
غير أن رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالإنابة المشرفة على خدمات الحج في البرلمان السوداني، الهادي حامد بيتو، لا يتفق مع ما سبق، مطالبا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، الدولة بضرورة عودة الناقل الوطني بشكل عاجل، وتذليل كل العقبات التي تعيق عودته للعمل، قائلا: "حتى إذا كانت الدولة لا تملك مالاً، فإن ناقلها الوطني يعمل لخدمتها وخدمة المواطنين، ويسد الفراغ، ولا يسأل عن المقابل".
وتضاعفت تكلفة الحج بنسبة 100%، وسجلت ولاية جنوب دارفور، الواقعة في أقصى الغرب السوداني، أعلى تكلفة للحج عبر الطيران، بمبلغ 93 ألف جنيه (2906 دولارات) لتذاكر الطيران ورسوم الرحلة، وأقل تكلفة كانت في ولاية البحر الأحمر أقصى الشرق، إذ بلغت 78 ألف جنيه (2437 دولار)، كما أكد مدير الإدارة العامة للحج والعمرة علي شمس العلا التهامي، لـ"العربي الجديد". لافتا إلى عدم وجود حجاج مفوجين عبر الجو من ثلاث ولايات هي (غرب ووسط دارفور وجنوب كردفان)، مضيفا أن السلطات السعودية منحت دولة السودان 35 ألف تأشيرة حج، بزيادة 3 آلاف عن حصة العام الماضي، من بينها 6500 فرصة حج سياحي.
غياب الناقل الوطني
أدى غياب الناقل الوطني المتمثل في الخطوط الجوية السودانية "سودانير" عن موسم الحج لأول مرة منذ تأسيسها عام 1946، إلى طمع شركات الطيران التجارية الوطنية في رفع أسعار التذاكر على حجاج هذا العام، بحسب ما أفاد مدير العلاقات الدولية في الخطوط الجوية السودانية محمد سيد جابر لـ"العربي الجديد". لكن مدير الإدارة العامة للحج والعمرة يصف العقود التي تم توقيعها مع شركات الطيران الوطنية التجارية بـ"المرنة"، عازيا ارتفاع تكلفة الحج هذا العام إلى تراجع سعر الجنيه السوداني أمام أسعار العملات الأجنبية.
وتتحكم تكلفة الوقود في أسعار تذاكر الطيران بشكل أساسي، وفق ما أوضحه الناطق الرسمي باسم الطيران المدني السوداني، الدكتور عبد الحافظ عبد الرحيم، والذي أكد لـ"العربي الجديد" أن الوقود يمثل 40% من التكلفة، وكل من تكلفة قطع الغيار والضرائب، والرسوم الجمركية، ورسوم المطارات، وأجور طاقم الطائرة تمثل باقي الـ60% من التكلفة، إلى جانب قيمة المسافة وفقا لما يحدده الاتحاد الدولي للطيران المدني، حسب سعر الميل البحري الجوي، مشيرا إلى أن كل شركات الطيران الوطنية الخاصة تسدد تلك الرسوم بالعملة الصعبة التي يتراجع أمامها الجنيه السوداني.
لكن شركة بدر للطيران، قللت من الحديث عن ارتفاع تذاكر طيرانها التي تبيعها للحجاج بسعر 31 ألف جنيه، على لسان أحد ملاكها، والذي يشغل منصب مدير الإدارة التجارية، الفاتح أبو شعيرة، والذي دعا إلى مقارنة السعر بتكلفة التشغيل المرتفعة، قائلا "الأسعار التي حددتها سلطات الحج والعمرة مع سلطات الطيران المدني، لم تراع الزيادات الكبيرة في التكاليف"، غير أن الدكتور عبدالرحيم يؤكد أن تحديد أسعار تذاكر الحجاج يتم عبر لجنة مشتركة بين الإدارة الاتحادية للحج والعمرة وسلطات الطيران المدني وغرفة النقل الجوي، والأخيرة هي التي تجيز السعر النهائي، كما يقول.
بينما يردّ أشرف الأسد، الخبير في مجال شركات الطيران والذي عمل سابقا في إدارة سودانير، على الآراء السابقة بأن طبيعة عمل شركات الطيران الخاصة تتسم بكونها ربحية، قائلا إن "الشركات الخاصة ستجني من موسم الحج هذا العام أرباحا عالية، بعد أن استفادت بدقة وقوة من هذه الفرصة التي لن تعوض"، وهو ما يؤيده مدير العلاقات الدولية في الخطوط الجوية السودانية، قائلا "أسعار التذاكر ستهبط إلى نصف سعرها عقب انتهاء الموسم".
ويقر مصدر في شركة طيران ناس (فضّل عدم ذكر اسمه) أن الحج موسم للأرباح، وسوق للمنافسة، ويحدث مرة واحدة في العام، قائلا لـ"العربي الجديد"، الطيران السوداني يعود من مطار الملك عبد العزيز فارغا بلا ركاب، مضيفا أن تراجع الجنيه السوداني أمام الدولار، واضطرارهم إلى شراء الدولار من السوق السوداء، يعد سببا رئيسيا لما جرى.
فشل محاولات تشغيل سودانير
"غياب الإدارة المقتدرة والمبادرة لدى شركة سودانير أدى إلى حرمان الحجاج السودانيين من الاستفادة من مزايا سودانير هذا العام" بحسب ما يراه رئيس لجنة النقل في البرلمان السوداني، محمد الشايب، والذي أكد لـ"العربي الجديد"، وجود محاولات عديدة لتشغيل الناقل الوطني، لكن كلها باءت بالفشل، كما يقول. معيداً سبب خروج الخطوط الجوية السودانية من المشاركة في نقل حجاج هذا العام إلى شروط محددة يجب على شركة سودانير الوفاء بها للحصول على رخصة التشغيل، لكنه يصعب عليها ذلك خلال هذه الفترة، التي يتم فيها إعادة هيكلة إدارتها.
وتمر الشركة حاليا بمرحلة إعادة هيكلة، بعد أن قامت بإلغاء كل الوظائف وتسريح العاملين فيها والاكتفاء بلجنة تسيير للأعمال، نتيجة المشاكل الإدارية والمالية التي تمر بها، حسب مدير العلاقات الدولية في سودانير، محمد سيد جابر، والذي أشار إلى أن السلطات المعنية بأمر الناقل الوطني تعمل جاهدة داخل البلاد وخارجها للبحث عن كفاءات تعهد إليها إدارة الشركة التي تسببت الإدارات المتعاقبة في الحال الذي آلت إليه.
واتخذ مجلس إدارة شركة سودانير قرارا، في اجتماع موسع، بعدم المشاركة في موسم الحج هذا العام، بعد دراسة وضعهم الحالي، عقب مخاطبة سلطات الطيران المدني السودانية للمشاركة في موسم الحج، بحجة الرغبة في العودة للظهور بقوة، كما يقول جابر. لافتاً إلى أنهم شاركوا في نقل 4 آلاف حاج العام الماضي، رغم الظروف السيئة التي كانت تمر بها الشركة، ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها من خلال استئجارها طائرة، ومع هذا التزمت بواجبها الوطني.
توازن أسعار التذاكر
يخلق وجود الناقل الوطني في السوق توازنا في أسعار تذاكر الطيران، ويدفع الشركات الخاصة إلى خفض أسعارها في إطار المنافسة، بحسب ما أوضحه أشرف الأسد، مشيرا إلى أنه رغم أن أسطول الناقل الوطني ضعيف، إلا أنه كان يمكن الاستفادة من علاقات الشركة الدولية في مجال الطيران واستئجار طائرات للمشاركة في نقل الحجاج السودانيين، واصفا وزارة النقل المسؤولة عن الشركة بأنها محدودة الأفق، وساهمت الأزمة الحالية في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران. وهو ما يؤكده رئيس لجنة النقل في البرلمان السوداني، والذي قال إن خروج الشركة من سوق المنافسة، يعتبر عاملا حاسما في تحديد أسعار التذاكر، مؤكدا قدرة الناقل الوطني على نقل كل حجاج الموسم من خلال استئجار طائرات، إذا توفرت الهمة وحسن الإدارة.
وتابع: كان بإمكان شركات الطيران الوطنية الخاصة الاستفادة من المزايا التي يتمتع بها الناقل الوطني بموجب اتفاقيات دولية، من خلال الدخول في شراكات مع سودانير، بحيث تكون الأخيرة بمثابة غطاء للأولى، لتوفر عليها كثيرا من المصروفات، خاصة تلك التي يتم إعفاء الناقل الوطني منها، في إطار اتفاقيات التعامل بالمثل مع الناقلات الوطنية النظيرة، كما يقول.
ويرى رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد، والمسؤول عن ملف الحج في العاصمة الخرطوم، الدكتور جابر إدريس عويشة، أن الخطوط الجوية السودانية، تتميز بكونها شركة مملوكة للدولة تقوم بدور مهم في إطار المجتمع السوداني، ضاربا المثل بتسامحها مع الحجاج في معاملاتها وإجراءاتها، قائلا "حتى إنها لا تطالب بتسديد مبالغ مالية في حالة تأخر الراكب، أو في حالة تغيير مواعيد الرحلة من جانب الراكب، ولا تسقط تذكرة الراكب لأي ظرف من الظروف"، في حين تفتقد شركات الطيران التجارية الوطنية تلك المزايا.
بدائل غير مشجعة
يدافع عويشة عن سعي الدولة إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية عن الحجاج، إذ حرصت على ألا تزيد رسوم الحج، مشيراً إلى مفاوضات مع الحكومة السعودية جرت لإبقاء التكلفة كما كانت عليها في العام الماضي، وتمت الموافقة باستثناء زيادة نسبة 5% عبارة عن ضريبة القيمة المضافة، لأي خدمة داخل المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن ولاية الخرطوم تعاقدت مع شركة "طيران ناس"، لمدة ثلاثة أعوام متتالية، لنقل حجاج الولاية المسافرين عبر الطيران، والبالغ عددهم 6 آلاف من أصل 7248 حاجا وحاجة.
ويؤكد مصدر من شركة طيران ناس تعاقدهم مع ولاية الخرطوم لنقل حجاجهم لمدة ثلاثة أعوام متتالية، مشيرا إلى أن هذا أبلغ رد على اتهامهم بعدم التساهل في أسعار التذاكر، لكنه عاد ليقول لـ"العربي الجديد" إن الشركة تحاول جاهدة أن تبدي نوعا من التساهل، ومراعاة الظروف الخارجة عن الإرادة التي يمر بها بعض الحجاج، مضيفا أن طيرانهم قام بنقل حجاج ولاية الخرطوم، حسب التقسيم بين شركات الطيران الوطنية بالاتفاق مع الإدارة الاتحادية للحج والعمرة، على أن يكون سعر التذكرة 25750 جنيها (804 دولارات).
غير أن رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالإنابة المشرفة على خدمات الحج في البرلمان السوداني، الهادي حامد بيتو، لا يتفق مع ما سبق، مطالبا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، الدولة بضرورة عودة الناقل الوطني بشكل عاجل، وتذليل كل العقبات التي تعيق عودته للعمل، قائلا: "حتى إذا كانت الدولة لا تملك مالاً، فإن ناقلها الوطني يعمل لخدمتها وخدمة المواطنين، ويسد الفراغ، ولا يسأل عن المقابل".