وبدت التطورات الأخيرة في تدمر، جزءاً ولو غير معلن، من التفاهمات الروسية ـ الأميركية، التي تقتضي في تركيز الجهد على محاربة التنظيم، على الرغم من تبادل التصريحات المتناقضة بين الطرَفين الروسي والأميركي في ما يخصّ مدينتَي الرقة وتدمر. وبينما تقاتل قوات النظام السوري على الأرض إلى جانب المليشيات المتحالفة معها، تحظى أيضاً بغطاء جوي روسي. أما التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة فيواصل قصف مناطق سيطرة "داعش".
وأعلنت وسائل إعلام موالية للنظام السوري أنّ قوات النظام تمكّنت من السيطرة على تلة مطر في منطقة الدوة الزراعية غرب المدينة، فيما تتواصل الاشتباكات في محيط مدينة تدمر على محور بلدة القريتين بريف حمص الجنوبي الشرقي، تحت غطاء كثيف من الطائرات الحربية الروسية. وأوضحت أن قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية من عتاد ومقاتلين استعداداً لمواصلة الهجوم. ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مصادر ميدانية قولها، إن المعارك بين الطرفَين كلّفت تنظيم "داعش" عدداً من القتلى والجرحى، من دون تقديم حصيلة محددة في هذا الشأن.
في المقابل، أفادت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، أن المعارك المحتدمة في محيط مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، أسفرت عن "مقتل 5 عسكريين روس، و10 عناصر من حزب الله يومَي الأربعاء والخميس الماضيين، إلى جانب عدد من المليشيات الأفغانية"، على حد قولها. وأوضحت الوكالة أن 4 عسكريين روس قتلوا في منطقة قصر الحلابات غرب تدمر خلال محاولة اقتحام للنظام وحلفائه، أحبطها التنظيم. ولفتت الوكالة إلى أنّ مقاتلي التنظيم يصدون هجوماً لقوات النظام السوري في منطقة الدوة قرب مدينة تدمر. ودمر التنظيم دبابة بصاروخ موجّه، كما استحوذت عناصره على جثة مستشار عسكري روسي قتل خلال معارك غرب تدمر، وسط البلاد.
وفي السياق، يقول المتحدث باسم الهيئة الإعلامية العسكرية في محافظة حمص، الناشط الإعلامي صقر الحمصي، لـ"العربي الجديد"، إن "مئات الغارات من الطيران الحربي والمروحي الروسي استهدفت أحياء مدينة تدمر وأطرافها الغربية. ولم يفارق الطيران سماء المدينة منذ ليل الخميس الماضي"، مشيراً إلى أن "غارات الطيران خلّفت دماراً هائلاً وحرائق ضخم، وتساوت أحياء كاملة مع الأرض". ويؤكد الحمصي أنّ الاشتباكات العنيفة مستمرة بين التنظيم وقوات النظام شمال وجنوب غرب المدينة، من دون أي تقدم أو تراجع للطرفَين.
اقرأ أيضاً: النظام السوري يقصف مواقع لـ"داعش" قرب تدمر شرق حمص
من جهته، ذكر مكتب "أخبار سورية" المعارض، أنّ قوات النظام حاولت التقدم باتجاه مدينة تدمر من الجهة الغربية والشرقية مدعومة بغطاء جوي روسي وقصف مدفعي كثيف استهدف مواقع التنظيم ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى من الطرفين. لكن قوات النظام لم تحرز أي تقدم ما دفعها إلى استقدام تعزيزات كبيرة من جنود وآليات إلى محيط المدينة.
أما رئيس دائرة العمليات في الأركان العامة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي، فقد صرّح لوسائل إعلام روسية، أن "الظروف متوفرة لمحاصرة التنظيم في تدمر وإلحاق الهزيمة النهائية به". ولفت إلى أن قوات النظام فرضت سيطرتها على التلال المحيطة بمدينة تدمر، وقطعت طرق إمداد التنظيم بالذخيرة والعتاد، موضحاً أن قوات النظام وما سماها بـ"قوات المعارضة الوطنية" وبدعم من الطيران الروسي، تشنّان عملية واسعة للسيطرة على تدمر. وأوضح رودسكوي أنّ الطائرات الروسية تقوم يومياً بـ 20 إلى 25 طلعة لقصف مواقع تنظيمَي "داعش" و"جبهة النصرة".
وتسعى قوات النظام خلال الأشهر الأخيرة إلى استعادة تدمر التي سيطر عليها "داعش" منتصف العام الماضي، مدعومة بغطاء روسي، فضلاً عن غارات التحالف الدولي على مواقع التنظيم في المنطقة.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أخيراً، قد أكد استعداد بلاده للعمل مع الولايات المتحدة لاستعادة مدينتَي الرقة وتدمر. وأشار لافروف إلى أن "الأميركيين اقترحوا علينا قائلين "دعونا نقوم بتقسيم العمل، أنتم، القوات الجوية الروسية تركّز على تحرير تدمر، ونحن الأميركيين سنركز على تحرير الرقة". لكن سرعان ما ردّ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري على نظيره الروسي قائلاً إنّ بلاده لا تخطط للعمل مع روسيا لاسترداد مدينتَي الرقة وتدمر السوريتين من "داعش". وأوضح كيري، في مؤتمر صحافي، أنّه "ليس هناك خطط عسكرية لتقسيم العمل بطريقة تتلاءم مع المعايير الجغرافية التي حددها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف"، مشدداً على أنه لم ير "أي مؤشر على حدوث هذا الشيء".
اقرأ أيضاً سورية: اشتباكات بين قوات النظام و"داعش" بمحيط تدمر