معركة المعاطف البيضاء مع "إيبولا"

17 سبتمبر 2014
120 وفاة و240 إصابة في أوساط العاملين بالصحة (Getty)
+ الخط -

غالباً ما يتصدر الأطباء، والطواقم الطبية، الواجهة، كلّما عصفت كارثة صحية ببلد ما. لكنّهم قد يدفعون حياتهم ثمنا لما يقدمونه من خدمات.

ففي أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية، تبيّن أنّ 28 موظفا في الشأن الطبي الغيني قضوا جرّاء إصابتهم بـ"إيبولا". وذلك إثر التقاطهم الفيروس، أثناء أدائهم واجبهم المهني. كما أشار التقرير إلى أنّ عدد المصابين من هؤلاء بالحمى النزفية بلغ 54 حالة، شفي منها 26.

فيما بلغ عدد الإصابات الإجمالية بـ"إيبولا" في الأوساط الطبية، في الدول الثلاث الأكثر تضرراً في غرب أفريقيا، 240 حالة، توفي منهم 120 شخصا. وهي حصيلة قاتمة لـ"أصحاب المعاطف البيضاء"، في خضمّ حرب مفتوحة يشنونها على الوباء القاتل.

جون، أحد الأطباء في غينيا، أدلى بشهادته عن الموضوع وكشف طريقة إصابته بالمرض. يقول: "في شهر مارس/آذار الماضي، استقبلنا مريضا قدم من داخل البلاد. فحصته من دون وقاية، وبعد أربعة أيام من موته، ظهرت لدي أعراض المرض". ويستعيد جون لحظة تلقيه خبر شفائه، بالقول: "لقد شعرت بفرحة غامرة، فلم أكن أتوقع أن أتمكّن من النجاة".

وفي تقرير لها صدر في أغسطس/آب الماضي، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن ارتفاع عدد الإصابات بفيروس إيبولا لدى الطواقم الطبية يعود إلى "نقص معدات الحماية الطبية أو الاستعمال غير المناسب لها، بالإضافة إلى ضعف أعداد الفرق الصحية، بسبب انتقال عدد كبير من هؤلاء إلى العمل في مناطق معزولة لفترة طويلة".

ويعلق المنسق الوطني لمصلحة إيبولا العاجلة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في كوناكري مارك بونسان، على التقرير بالقول: "إذا لم يتم توفير معدات الحماية بشكل كاف، فإن ذلك يعد أمرا خطيرا يستوجب التدارك".

من جهته، يعتبر المنسق الوطني لمكافحة إيبولا في غينيا ساكوبا كايتا، أنّ ما يحدث يصنف في خانة "أخطار المهنة". ويضيف أنّ الأمر يعود للأطباء "لاتخاذ شتى التدابير لتجنب التعرض للعدوى".

ويلمّح كايتا إلى أن أغلب الأطباء الذين لحقتهم الإصابات، "لم يحترموا تدابير الحماية الصارمة التي ألزموا بها". ومع ذلك يشير إلى أنّ "الأطباء تحركهم روح الوطنية في عملهم، وإذا ما فرّ أحدهم من إيبولا، لا أحد يمكنه إيقافه".

ويعاني أفراد الطواقم الطبية الذين شفوا من فيروس "إيبولا" من تمييز اجتماعي بحقهم. فجون المتعافي من المرض يقول إن هناك من لا يرغب في الاقتراب منه، "كما يخبرني آخرون بشكل مباشر أنهم لن يجرؤوا على مصافحتي".

أما بالنسبة إليه، فما حصل يعتبره "إصابة عمل، ولا يمكنك أن تفلت من القدر. أنا أحاول في الوقت الحالي الاندماج شيئا فشيئا مع المجتمع، وقد بدأ الناس بالاقتناع أنني لم أعد أشكل تهديدا".