تجري اليوم الثلاثاء معركتان انتخابيتان منفصلتان، ومفصليتان، في 12 ولاية أميركية؛ المعركة الأولى خاصة بالحزب "الديمقراطي" بين وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ومنافسها السيناتور الليبرالي، بيرني ساندرز، والثانية خاصة بالحزب الجمهوري، وستجري بين خمسة مرشحين يتنافسون على تمثيل الحزب في السباق، الذي لم يبدأ بعد بين الحزبين.
اقرأ أيضاً: تصفيات الانتخابات الأميركية: كلينتون تستميل اللوبي اليهودي
أبرز المتنافسين الجمهوريين هو تاجر العقارات الشهير، الملياردير دونالد ترامب، الذي لم يتول قط منصباً عاماً في حياته. يليه في الأهمية السيناتور اليميني المتطرف، تيد كروز، والسيناتور الصاعد ذو الأصل اللاتيني، ماركو روبيو، إلى مرشحين آخرين أقل أهمية هما حاكم ولاية أوهايو، جون كيسيك وجراح الأعصاب الشهير، بن كاريسون، وهو الأميركي الوحيد من أصل أفريقي بين المتنافسين. أما الولايات التي ستجري فيها هذه التصفيات التمهيدية، فهي تكساس، وجورجيا، وفرجينيا، وتينسي، وآلاباما، وأوكلاهوما، وأركنساس، وكولورادو، ومينسوتا، وفيرمونت، وماساتشوسيتس، وألاسكا.
ويتسابق المرشحان الديمقراطيان اليوم على 865 مقعداً أو ما نسبته 20 في المائة من مقاعد المندوبين إلى مؤتمر الحزب المقرر عقده في يوليو/تموز المقبل، إذ سيتولى في ذلك الحين 4051 مندوباً، اختيار ممثل الحزب في انتخابات الرئاسة بالتآزر مع 712 عضواً في المؤتمر، يطلق عليهم "المندوبون الكبار" لأنهم حاصلون على عضوية المؤتمر تلقائياً، بحكم مواقعهم العليا في قيادة الحزب أو بحكم تمثيلهم للحزب في الكونغرس وفي مواقع أخرى تنظمها لوائح الحزب. ويتوزع إجمالي عدد أعضاء المؤتمر ( 4763 عضواً) على جميع الولايات الخمسين، بحسب عدد سكان كل ولاية.
أما المرشحون الجمهوريون، فيتصارعون في الثلاثاء الكبير على حوالى 600 مندوب إلى مؤتمرهم الحزبي، وهو عدد يعادل 25 في المائة تقريباً من إجمالي عدد مندوبي الحزب موزعين على اثنتي عشرة ولاية. ويُعقد مؤتمرا الحزبين الجمهوري والديمقراطي في وقت متقارب من الشهر نفسه، لكن إجمالي المندوبين إلى المؤتمر الجمهوري أقل من مندوبي الحزب الديمقراطي، إذ يشارك في المؤتمر الجمهوري 2472 مندوباً فقط من مختلف الولايات، موزعين عليها بحسب عدد سكانها. وبسبب عدد الولايات المشاركة في انتخابات اليوم الثلاثاء والنسبة الكبيرة من عدد المندوبين الذين سيتم اختيارهم إلى مؤتمري الحزبين الكبيرين، سمي الثلاثاء الكبير، وهي ذات التسمية التي تطلق على الثلاثاء الأول من شهر مارس/آذار كل أربع سنوات في التصفيات التمهيدية للانتخبات الرئاسية.
ويحسم الثلاثاء الكبير ما بين 20 في المائة إلى 25 في المائة من السباق الانتخابي الكلي، بينما الجولات السابقة مجتمعة لم تحسم حتى الآن سوى أقل من 5 في المائة من النتائج، بسبب قلة عدد سكان ولايات آيوا ونيوهامبشاير، ونيفادا، وساوث كارولينا، التي جرت فيها الجولات السابقة بالمقارنة مع ولايات الثلاثاء الكبير التي تجري فيها انتخابات اليوم.
ساحة السباق
إذا ما أهملنا عدد ما يسمى بـ"المندوبين الكبار" يمكن الإشارة إلى أن الوزيرة السابقة، هيلاري كلينتون، خرجت من الجولات السابقة بـ 91 مندوباً مقابل 65 مندوباً لمنافسها ساندرز، أي أن السباق يمكن اعتباره بأنه لا يزال في مراحله الأولية.
أما الساحة الأكثر قوة للصراع اليوم فستكون في تكساس وجورجيا وتينسي، إذ إنّ هذه الولايات الجنوبية الثلاث هي الأكثر سكاناً من بين الـ 12 ولاية، التي يجري فيها السباق، حيث يخصص الحزب "الديمقراطي" لتكساس 222 مندوباً والجمهوري 155 مندوباً، تليها ولاية جورجيا التي يخصص لها الديمقراطيون 102 من مقاعد المندوبين، بينما يخصص لها الجمهوريون 76 مندوباً في مؤتمرهم الحزبي. أما ولاية فرجينيا المحاذية للعاصمة واشنطن إلى الشمال، ولكنها تاريخياً من الولايات الجنوبية، فيخصص لها الديمقراطيون 95 مقعداً، والجمهوريون 49 مقعداً. تعود أهمية الإشارة إلى الموقع الجغرافي لكل ولاية إلى أن الولايات الجنوبية والوسطى يغلب على سكانها الاتجاه المحافظ، في حين أن الولايات الشمالية والغربية يتفوق فيها التيار الليبرالي بشكل كبير على المحافظين.
حظوظ المرشحين
إذا ما أهملنا أصوات ما يسمى بـ (المندوبين الكبار)، فإن هيلاري خرجت من الجولات الانتخابية السابقة بـ91 مندوباً، مقابل 65 مندوبا لمنافسها ساندرز، وبالتالي فإن السباق لا يزال في مراحله الأولية. ولكن من حسن حظ وزيرة الخارجية الأميركية السابقة وسوء حظ منافسها أن معظم الولايات، التي يجري فيها سباق اليوم (ثماني ولايات من بين 12 ولاية) تقع في الجزء الجنوبي من البلاد، وبالتالي فإن أعضاء الحزب "الديمقراطي" في هذه الولايات يميلون إلى وسطية كلينتون أكثر مما يميلون إلى ليبرالية ساندرز.
وتشير استطلاعات الرأي في الولايات الثلاث الكبرى (تكساس وجورجيا وفرجينيا) إلى أن كلينتون متفوقة على ساندرز (60 في المائة لكلينتون مقابل 40 في المائة) لساندرز. وتنعكس النسبة تماماً لصالح ساندرز في ولاية فيرمونت بالطبع، كونها الولاية التي يمثلها في مجلس الشيوخ، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنه مفضل لدى الناخبين بنسبة 77 في المائة مقابل 22 في المائة لهيلاري كلينتون، بينما تتقارب النسب بينهما في ولايات ماساتشوسيتس ومنستوتا وكولورادو، وإلى حد ما أوكلاهوما، وهذا التقارب في استطلاعات الرأي غالباً ما يتحول لصالح المرشح الأضعف.
ويراهن ساندرز على كون غالبية الولايات لا تعطي العدد الإجمالي من مندوبيها للفائز فيها، وانما عدد يتناسب مع النسبة التي حصل عليها، وبالتالي فإن النتائج لا تكون حاسمة واستطلاعات الرأي تكون مضللة أحياناً. وهو ما عبرت عنه كلينتون بنفسها أمام تجمع حاشد عقب فوزها الكاسح في ولاية ساوث كارولينا السبت الماضي، إذ قالت "إننا لن نأخذ كل ولاية بأن أصواتها مضمونة لنا، ولن نأخذ وعود أي شخص بالتصويت لنا بأنه أمر مسلم به، فعلينا أن نستعد لأية مفاجآت مقبلة".
الجمهوريون.. تنافس على المركز الثاني
وفي ما يتعلق بالتنافس بين الجمهوريين، فإن المعطيات تشير إلى أن ترامب يتفوق على جميع المرشحين في جميع الولايات، التي يجري فيها التنافس، بما في ذلك ولاية تكساس، التي ينتمي إليها كروز وولاية فلوريدا التي ينتمي إليها روبيو.
ويعتقد مراقبون أن السباق الجمهوري لم يعد قائما على المركز الأول، بل أصبح على المركز الثاني بين كروز وروبيو، لأن وجود أي مرشح في الترتيب الثاني يعطيه الفرصة للمقايضة على منصب نائب الرئيس أو أي موقع مهم في الإدارة لاحقاً. كما يعطيه الفرصة ليكون بديلاً للمرشح الأول في حال حصول أية تطورات تمنع ترشيح الفائز الأول.
ورغم أن حاكم ولاية أوهايو، جون كيسيك، كان من ضمن من أعلنوا عن توقعاتهم بأن ترامب سوف يحقق نصراً كاسحاً على منافسيه، إلا أنه مصمم على البقاء في حلبة المنافسة، قائلاً إنه سوف يستمر لاعتقاده بأنه قادر على الفوز في ولاية أوهايو لاحقاً، بينما كروز وروبيو لا بد أن يخرجا، كلاهما، من السباق إذا لم يفوزا في الولايتين اللتين ينتميان إليها. ويعتقد كيسيك أن من لا يفوز في ولايته لا معنى لبقائه في السباق.