20 أكتوبر 2017
مطلوب شعب
كان انقلابًا حقيقيًّا ذلك الذي أصاب الزعيم، منذ رحلة استجمامه الأخيرة إلى السويد، فقد أغرم بالشعب هناك، وجذب انتباهه رقيّهم ووداعتهم، حتى إنه تمنّى لو يعيش هناك إلى الأبد، لكنه تذكّر أن الإقامة الدائمة في ذلك البلد تعني التخلي عن سلطته.
مقابل ذلك، كان الزعيم قد سئم شعبه "المتخلف"، ويشعرُ بأنّه لم يعد يستطيع التعامل مع مواطنين غير حضاريين، لا يأكلون بالشوكة والسكين، ولا يعرفون في حياتهم غير مطاردة الرغيف، وارتياد أسواق "البالة"، ومراجعة دوائر المخابرات والأمن، والبحث عن واسطات ومحسوبيات لإتمام معاملاتهم، وكثيرًا ما كان يسأل مستشاريه عن سبب "تخلف الشعب"، فتأتيه إجابات غامضة، من قبيل أن المسألة مرتبطة بـ"الجينات"، ولا علاقة لها بمسببات "أخرى".
عمومًا، خلال استجمامه في السويد، وفي خضم تلك الرومانسية العذبة التي كانت تستحوذ عليه، جراء مشاهداته الشفافة في ذلك البلد الأشقر، خطرت في ذهنه فكرة غريبة بأن يطرد شعبه كله من البلد، ويستورد شعبًا متحضرًا من تلك البلاد، بالإغراءات المادية الكبيرة، وبالامتيازات التي يطلبونها.
وبالفعل بدأ بتنفيذ فكرته، بعد أن طرد شعبه أولاً، ثم راح ينشر إعلانات في الصحف الأجنبية، يطلب فيها توظيف شعب في بلده، فانهالت الطلبات عليه.
لكن لم تمض إلا أيام، بعد أن صافح الزعيم أفراد شعبه الجديد، حتى كان هذا الشعب يرتاد أسواق البالة، ويطارد الرغيف، ويراجع دوائر المخابرات.