أفضى مطلب تضمنه تقرير جديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، وهو مؤسسة رسمية استشارية، بإعادة النظر في قواعد الإرث بما يتيح المساواة والإنصاف بين الرجل والمرأة، إلى جدل عارم بين رافضين ومؤيدين لهذه الدعوة، كما فجرت سجالاً وسط الحقوقيين والإسلاميين.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوصى، ضمن تقريره المعنون بـ"وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب، صون وإعمال غايات وأهداف الدستور"، بتعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل، في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه، وفي العلاقة مع الأطفال، وكذلك في مجال الإرث.
وسارع حزب العدالة والتنمية إلى انتقاد دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إذ اعتبر في بيان له أن الدعوة إلى مراجعة أحكام الإرث تعد "دعوة غير مسؤولة، وخرقاً سافراً لأحكام الدستور"، مشيراً إلى أن "مضمون الفصل 19 يؤطر المساواة بين المرأة والرجل ضمن أحكام الدستور نفسه والثوابت الدينية والوطنية".
اقرأ أيضاً: المساواة... ليست مطلباً نسائياً بل ضرورة إنسانية
وشدد الحزب الذي يقوده رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، على "أن خطوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالدعوة إلى مراجعة أحكام الإرث، تمثل تجاوزاً لمؤسسة أمير المؤمنين، والذي سبق أن أكد أنه لا يمكنه بصفته تلك أن يحل حلالاً أو يحرم حراماً"، وفق تعبير البيان.
توصية مجلس حقوق الإنسان قابلها علماء دين وحقوقيون بالرفض أيضاً، فالدكتور رضوان بنشقرون أكد أنه لا اجتهاد في قواعد الإرث المبينة في الشريعة، وأن قاعدة "للذكر مثل حظ الأنثيين هي أمر بصريح القرآن الكريم، وبالتالي لا مجال لمراجعة أحكام تعبدية أقرها الله تعالى".
المركز المغربي لحقوق الإنسان، وهو جمعية حقوقية غير حكومية، هاجم توصية المجلس المذكور، وقال إن "الدعوة إلى تعديل أحكام الإرث تتسم بالعبثية والارتجالية، لكونها لم تستند على تصور علمي واضح، ولم تقم على مشورة الأطراف المعنية والجهات المتخصصة، ما يدل على جهل بأسس الإرث وقاعدته الشرعية".
اقرأ أيضاً: نساء المغرب.. عمل الليل بين الهمّ الاجتماعيّ والمساواة
من جهته، أورد منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أن توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمساواة بين الرجل والمرأة في الإرث تعد ضرباً لأحدى قواعد الشريعة الإسلامية، مضيفاً أن هذه الدعوة تناقض مع ما جاء في الدستور الذي ينص على أنه لا تتعين مراجعة النظام الملكي والإسلام في المغرب.
وفي المقابل، ذهبت حركة "ضمير" ذات التوجه العلماني إلى تأييد دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأفادت ضمن بيان لها، أمس الجمعة، بأن "المطالبة بالمساواة بين الإناث والذكور في الإرث تمليها الضرورات والعلل الاجتماعية التي ينبغي أن يدور معها الحكم الشرعي وجوداً وإثباتاً". وأشارت الحركة التي تضم بين أعضائها شخصيات ثقافية وسياسية وفكرية، إلى أن مقولة "لا اجتهاد مع النص" فقدت لزومها منذ خلافة عمر بن الخطاب الذي اجتهد مع وجود نصوص قطعية الدلالة والثبوت معاً، فعطّل حد السرقة بدافع الفقر والجوع، وخالف أخرى حين ساوى بين الإخوة من الأب مع الإخوة من الأم ذكوراً وإناثاً على الرغم من وجود نص صريح.
اقرأ أيضاً: نساء المغرب يطالبن بالمساواة وحفظ المكتسبات