مطرقة الحرية وسندان السيسي

01 ديسمبر 2016
+ الخط -
شهدت دنيا السياسة في مصر تأثيرات سلبية عديدة، أرجعها بعضهم إلى سيطرة بعض الساسة على مقاليد الحياة السياسية وسعيهم إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، وضرب بمصالح الوطن والمواطن عرض الحائط، بل المخجل أنّهم مجرّد حركات ميكانيكية جسدية لا تحقّق الإجماع إلا في الزيادة في الرواتب وإعطاء الامتيازات الخاصة، أمّا ما يخصّ الشعب فهم نيام، وإن سألتهم عن هذا البرود قالوا هي حنكة سياسية!
تتالت الأيام، وقد ظهر الغث من السمين، وظهر الكاذب من الصادق والصالح من الطالح... شعب يحرّكه حبه للحورية مصر ولا يحركه حبه لحريتها، وينظر بعضهم بمنظار ساذج، ويوجب القيادة المصونة للسيسي، وكأنها ذات قدسية، ولذلك يبعدها عن مسبّبات النقد، وليس من شأننا أن نفهم إن كان القائد يخطئ أو يصيب، خوفاً من الجدل والتخذيل، وهذا ما زجّ بمصر في نفق مظلم لا يعلم إلا الله متى يأتي بصيص نوره.
لعبة السيسي ليست لعبة نياتٍ حسنة أو مبادئ سامية، إنّما أشبه بلعبة شطرنج يتدخل فيها عامل الإلمام الجيد بقواعد اللعبة وهي أبعد ما تكون عن مراعاة مصلحة الشعب، حيث لم يسعفه عقله الضعيف المتهالك في البروز السياسي، فسعى إلى الصعود والنجومية عن طريق مفخخات وكواتم وفتاوى سياسية، تبرّر علّة السياسة المنتهجة، إذ لا يحفل أهل السياسة أن يصدقوا أو يكذبوا فيما يعلنون للناس ذلك، لكن أكبر همّهم أن يقدّموا دائما الكلمة الملائمة في الوقت الملائم، وإن كانوا يصلّون الصلوات الخمس، وما تتضمنها من ركوع وسجود ويصومون شهراً، ويحجون بيت الله الحرام، بل إنّ بعضهم يعكف على صلاة الليل والتهجد وقراءة القران، وذلك كله طبعاً يأخذ وقتاً وجهداً منهم، حتى أنّ الواحد منهم لا يكاد يجد فرصة للنوم إلا حينما يتعلق الأمر بقضايا الساعة الاقتصادية والسياسية والدستورية.
كنت أعتقد أنّ السياسي المصري يتمتع بحنكة سياسية عالية، ولكن هذا لم يكن، فالأحداث في الماضي كانت غير متشابكة كما اليوم، حيث أصبح الواحد فيهم يعاني قصر النظر السياسي المنجرف.
ما يحدث في مصر لا يحتاج إلى تفكير وتكهنات، فهناك ثورة شعب تشابكت خطوطها لتنسج الانتهاكات التي يتعرّضون لها بفعل واقع اجتماعي واقتصادي معقد تداخلت فيه كل العوامل الخارجية الناتجة عن ممارسات الساسة وانتهاكهم لكرامة المدنيين ويحاول من في السلطة إظهارها على أنّها من تخطيط وتصميم رجال الدولة.
الخطاب الراهن في مصر ليس ديمقراطياً، لأنّه لا يقيس البشر بحقوقهم الطبيعية التي ولدوا بها، وفي مقدمتها العقل والحرية.
F128D09A-DE8A-458E-AA5A-DA4096BB82D2
F128D09A-DE8A-458E-AA5A-DA4096BB82D2
عفاف الدريدي الرميلي (تونس)
عفاف الدريدي الرميلي (تونس)