لم تكن حياة بعض المطربات من أصول بيروتية وردية بالمعنى العام للكلمة، على العكس تماماً، ثمة مواهب اختارت الغياب الطوعي، بعد نجاحات كثيرة حققنها. رابط الشهرة والنجومية لم يكن كافيًا لبعض مطربات الزمن الجميل لمتابعة مسار الفنّ، فتغيبن إرادياً، باستثناء السيدة فيروز ابنة منطقة زقاق البلاط (وسط بيروت) التي لم تعتزل أو تتغيب رغم كل ظروفها العائلية والفنية.
شهدت بداية القرن الماضي ومنتصفه، حضور مجموعة من أبرز الأصوات النسائية لفنانات من بيروت، نذكر منهن نور الهدى، وسعاد محمد، وفيروز، ونجاح سلام، ولا بدّ هنا من ذكر الفنانة تونسية الأصل وداد التي نزح أهلها من تونس في أربعينيات القرن الماضي واتجهت إلى بيروت للإقامة. وشهدت الاذاعة اللبنانية، على موهبة وبدايات وداد التي تزوجت فيما بعد الموسيقار الراحل توفيق الباشا، وأنجبت منه ولدها عازف الـ"بيانو" العالمي عبد الرحمن الباشا.
عبقت مرحلة الخمسينيات بهذه المجموعة التي أرادت أن تشق لنفسها طريقاً ملتزماً في الغناء بداية، وقامت بعضهن بتجارب تمثيلية، في السينما، عندما بدأ التعاون بين بيروت والقاهرة على الإنتاج السينمائي، ولعل أبرز الممثلات المطربات كانت الفنانة نجاح سلام التي تزوجت بالمخرج الراحل محمد سلمان، واكتسبت إضافة الى حسن صوتها، حضوراً جيداً في معظم الأفلام السينمائية التي صُورت تلك الفترة.
سعاد محمد
ولدت سعاد محمد المصري، سنة 1926 في منطقة "تلة الخياط" البيروتية وعاشت في كنف العائلة حتى اكتشفت موهبتها، بعد أن تزوجت بالصحافي الراحل محمد علي فتوح، الذي ساعدها في العبور إلى عالم الفن والغناء، لكنها لم تكن كغيرها من المطربات اللواتي بدأن في الإذاعة اللبنانية. اختارت سعاد محمد الإذاعة السورية لتبدأ مرحلة الاحتراف.
عُرف عن سعاد محمد بأنها ولدت مغنيّة بالفطرة، فهي لم تدرس أصول الغناء، بل كانت تسمع عبر "الراديو" أغنيات وتعيدها بصوتها دون مساعدة أحد.
في دمشق طُلب منها القيام بزيارة لمدينة حلب، التي اشتهرت بالطرب الأصيل، ومن حلب أجمع كل الذين سمعوها على أنها واحدة من أفضل الأصوات التي مرت على المدينة التاريخية، وبدأ يتوافد إليها المتعهدون ويسألونها عن القيام بحفلات فنية حتى التقت بالمنتج والملحن محمد محسن الذي حملها إلى القاهرة لتبدا رحلة جديدة في السينما. لكنها لم تتابع مسيرتها السينمائية، كما فعلت زميلاتها في تلك الفترة مثل صباح، التي عشقت السينما والتمثيل اضافة الى الغناء، قدمت سعاد محمد فيلم "فتاة من فلسطين" و"أنا وحدي" إخراج هنري بركات. اعتزلت سعاد محمد السينما بشكل نهائي، وأصبحت مطربة إذاعة بامتياز.
في رصيد سعاد محمد ما يقارب الثلاثة آلاف أغنية، تنوعت بين الطرب الأصيل والشعبي، أهدت جزءًا منها للإذاعتين السورية والمصرية، ومنها "قد كفاني" (من ألحان الفنان الليبي علي ماهر) لكن الحياة الأسرية، وثلاث زيجات جعلتها تبتعد عن نشاطها الفني، على الرغم من الشهادات الكثيرة التي تحدثت في صوتها، وموهبتها، ومنها أن السيدة أم كلثوم كانت تُطرب لسماعها سعاد محمد تغني أغنياتها، وتثني على حسن أدائها.
نور الهدى
اختلفت الروايات حول ولادة ألكسندرا بدران، التي عرفت بنور الهدى، ومنها ما يقول أنها ولدت في تركيا وهاجر والدها بعد الحرب العالمية إلى بيروت، وسكن في منطقة فرن الشباك، ونظرا لموهبتها وحسن صوتها، بدأت مسيرتها في المدرسة وأثنى كل من سمعها على فرادة صوتها، حتى التقت بالمخرج يوسف وهبي الذي حملها إلى القاهرة ومن هناك وقفت الى جانب الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي عشقته، في فيلم "لست ملاكاً" وكانت تعترف دائماً بأن القبلة الوحيدة التي قامت بها في حياتها الفنية والعملية كانت مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في الفيلم نفسه، وكانت تردد هي "القبلة اليتيمة".
الواضح أن ألسكندرا بدران أو نور الهدى كانت مغرمة بعبد الوهاب وكانت تسرّ بذلك لبعض أصدقائها ومنهم الصحافي الراحل محمد التابعي، لكنها غيبت نفسها أيضاً في فترة الستينيات، بعدما كانت في عز عطائها الفنّي ونافست مجموعة كبيرة من أهم الأصوات في تلك الفترة، وتفرغت قبل رحيلها لسلسلة من الأناشيد الدينية، واختارت منفاها اللإرادي في منزلها في فرن الشباك حتى وفاتها العام 1998.
نجاح سلام
في بداية الثلاثينيات ولدت نجاح سلام، وعرفت بموهبتها الغنائية لما حمله صوتها من تميز، حيث كانت تشارك في معظم الفعاليات والنشاطات المدرسية في مدرسة المقاصد في بيروت، ساعدها والدها في أعمالها الفنية، لكنها كانت بعيدة عن أجواء الفن والسهر التي كانت سائدة تلك الفترة.
انتقلت إلى القاهرة، وتزامن صعود نجمها مع العدوان الثلاثي، فكانت الصوت اللبناني المصري وأدّت يومها لمصر "يا أغلى اسم في الوجود" وبعدها التقت بزوجها الراحل المخرج محمد سلمان الذي فتح أمامها الباب للمشاركة في مجموعة من الأفلام التي طبعت صورتها في أذهان المصريين، حتى نالت الجنسية المصرية في السبعينيات بعدما هجرت لبنان خلال الحرب. بعد ذلك لم يكن ظهورها قوياً في بيروت أو في العالم العربي. عادت في التسعينيات إلى بيروت وقدمت مجموعة من الأغنيات، لكنها لم تلق الرواج المطلوب، وكانت في تلك الفترة محط تكريم من قبل رؤوساء جمهورية وحكومات لبنان، وهي اليوم مقيمة في الكويت.
شهدت بداية القرن الماضي ومنتصفه، حضور مجموعة من أبرز الأصوات النسائية لفنانات من بيروت، نذكر منهن نور الهدى، وسعاد محمد، وفيروز، ونجاح سلام، ولا بدّ هنا من ذكر الفنانة تونسية الأصل وداد التي نزح أهلها من تونس في أربعينيات القرن الماضي واتجهت إلى بيروت للإقامة. وشهدت الاذاعة اللبنانية، على موهبة وبدايات وداد التي تزوجت فيما بعد الموسيقار الراحل توفيق الباشا، وأنجبت منه ولدها عازف الـ"بيانو" العالمي عبد الرحمن الباشا.
عبقت مرحلة الخمسينيات بهذه المجموعة التي أرادت أن تشق لنفسها طريقاً ملتزماً في الغناء بداية، وقامت بعضهن بتجارب تمثيلية، في السينما، عندما بدأ التعاون بين بيروت والقاهرة على الإنتاج السينمائي، ولعل أبرز الممثلات المطربات كانت الفنانة نجاح سلام التي تزوجت بالمخرج الراحل محمد سلمان، واكتسبت إضافة الى حسن صوتها، حضوراً جيداً في معظم الأفلام السينمائية التي صُورت تلك الفترة.
سعاد محمد
ولدت سعاد محمد المصري، سنة 1926 في منطقة "تلة الخياط" البيروتية وعاشت في كنف العائلة حتى اكتشفت موهبتها، بعد أن تزوجت بالصحافي الراحل محمد علي فتوح، الذي ساعدها في العبور إلى عالم الفن والغناء، لكنها لم تكن كغيرها من المطربات اللواتي بدأن في الإذاعة اللبنانية. اختارت سعاد محمد الإذاعة السورية لتبدأ مرحلة الاحتراف.
عُرف عن سعاد محمد بأنها ولدت مغنيّة بالفطرة، فهي لم تدرس أصول الغناء، بل كانت تسمع عبر "الراديو" أغنيات وتعيدها بصوتها دون مساعدة أحد.
في دمشق طُلب منها القيام بزيارة لمدينة حلب، التي اشتهرت بالطرب الأصيل، ومن حلب أجمع كل الذين سمعوها على أنها واحدة من أفضل الأصوات التي مرت على المدينة التاريخية، وبدأ يتوافد إليها المتعهدون ويسألونها عن القيام بحفلات فنية حتى التقت بالمنتج والملحن محمد محسن الذي حملها إلى القاهرة لتبدا رحلة جديدة في السينما. لكنها لم تتابع مسيرتها السينمائية، كما فعلت زميلاتها في تلك الفترة مثل صباح، التي عشقت السينما والتمثيل اضافة الى الغناء، قدمت سعاد محمد فيلم "فتاة من فلسطين" و"أنا وحدي" إخراج هنري بركات. اعتزلت سعاد محمد السينما بشكل نهائي، وأصبحت مطربة إذاعة بامتياز.
في رصيد سعاد محمد ما يقارب الثلاثة آلاف أغنية، تنوعت بين الطرب الأصيل والشعبي، أهدت جزءًا منها للإذاعتين السورية والمصرية، ومنها "قد كفاني" (من ألحان الفنان الليبي علي ماهر) لكن الحياة الأسرية، وثلاث زيجات جعلتها تبتعد عن نشاطها الفني، على الرغم من الشهادات الكثيرة التي تحدثت في صوتها، وموهبتها، ومنها أن السيدة أم كلثوم كانت تُطرب لسماعها سعاد محمد تغني أغنياتها، وتثني على حسن أدائها.
نور الهدى
اختلفت الروايات حول ولادة ألكسندرا بدران، التي عرفت بنور الهدى، ومنها ما يقول أنها ولدت في تركيا وهاجر والدها بعد الحرب العالمية إلى بيروت، وسكن في منطقة فرن الشباك، ونظرا لموهبتها وحسن صوتها، بدأت مسيرتها في المدرسة وأثنى كل من سمعها على فرادة صوتها، حتى التقت بالمخرج يوسف وهبي الذي حملها إلى القاهرة ومن هناك وقفت الى جانب الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي عشقته، في فيلم "لست ملاكاً" وكانت تعترف دائماً بأن القبلة الوحيدة التي قامت بها في حياتها الفنية والعملية كانت مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في الفيلم نفسه، وكانت تردد هي "القبلة اليتيمة".
الواضح أن ألسكندرا بدران أو نور الهدى كانت مغرمة بعبد الوهاب وكانت تسرّ بذلك لبعض أصدقائها ومنهم الصحافي الراحل محمد التابعي، لكنها غيبت نفسها أيضاً في فترة الستينيات، بعدما كانت في عز عطائها الفنّي ونافست مجموعة كبيرة من أهم الأصوات في تلك الفترة، وتفرغت قبل رحيلها لسلسلة من الأناشيد الدينية، واختارت منفاها اللإرادي في منزلها في فرن الشباك حتى وفاتها العام 1998.
نجاح سلام
في بداية الثلاثينيات ولدت نجاح سلام، وعرفت بموهبتها الغنائية لما حمله صوتها من تميز، حيث كانت تشارك في معظم الفعاليات والنشاطات المدرسية في مدرسة المقاصد في بيروت، ساعدها والدها في أعمالها الفنية، لكنها كانت بعيدة عن أجواء الفن والسهر التي كانت سائدة تلك الفترة.
انتقلت إلى القاهرة، وتزامن صعود نجمها مع العدوان الثلاثي، فكانت الصوت اللبناني المصري وأدّت يومها لمصر "يا أغلى اسم في الوجود" وبعدها التقت بزوجها الراحل المخرج محمد سلمان الذي فتح أمامها الباب للمشاركة في مجموعة من الأفلام التي طبعت صورتها في أذهان المصريين، حتى نالت الجنسية المصرية في السبعينيات بعدما هجرت لبنان خلال الحرب. بعد ذلك لم يكن ظهورها قوياً في بيروت أو في العالم العربي. عادت في التسعينيات إلى بيروت وقدمت مجموعة من الأغنيات، لكنها لم تلق الرواج المطلوب، وكانت في تلك الفترة محط تكريم من قبل رؤوساء جمهورية وحكومات لبنان، وهي اليوم مقيمة في الكويت.